الرباط محمد الرسمي قال عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، إن «قياديين من الحزب اختاروا النزول إلى الشارع يوم 20 فبراير 2011، منهم وزراء في الحكومة الحالية، إلا أن الغموض الذي كان يلف أهداف الحركة دفع قياديي الحزب إلى الانسحاب من تظاهراتها في الشارع، حرصا على عدم المخاطرة بأمن واستقرار البلاد». وكشف حامي الدين، الذي كان يتحدث خلال ندوة نظمتها جمعية طلبة المعهد العالي للإعلام والاتصال من أجل تقييم مائة يوم من عمل الحكومة، أن مفاوضات جرت بين قياديي حزبه وباقي التشكيلات السياسية المشاركة في الحركة، وعلى رأسها جماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي، من أجل تحديد سقف محدد لمطالب الحركة، «إلا أن كلا الطرفين ربط مطالب الحركة بحركية الشارع، وهو ما زاد الغموض حول أهدافهما، ففضل قياديو الحزب التوقف عن المشاركة في مظاهرات الحركة في الشارع». وأكد القيادي الشاب في حزب «المصباح» أنه لو كان الوضوح أساسا لمطالب الحركة منذ يومها الأول لنزل كل أعضاء حزب العدالة والتنمية إلى الشارع، ولكان دستور نونبر 2011 أحسن من الدستور الحالي، «إلا أن مطالبة أعضاء الحركة بلجنة تأسيسية لوضع الدستور كان يعني العمل بعيدا عن اعتبارات النظام الذي لا يزال قائما في البلد، وهي الحالة التي يتم اللجوء إليها فقط عند إسقاط النظام، أو حين تكون دولة ما خارجة لتوها من الاستعمار». وأوضح حامي الدين أن «من يعتقد بأن بناء أي نموذج سياسي بعيدا عن الوضع القائم واهم، على اعتبار أن أي نموذج لا يمكنه أن يتبلور إلا من داخل التجربة»، معتبرا أن تجربة الحكومة الحالية لا يمكن الحكم عليها من خلال مائة يوم من عملها، وإن كانت مجموعة من المؤشرات تدل على وجود نية إصلاحية لدى هذه الحكومة، رغم الظروف الصعبة التي واكبت تسلمها السلطة. واستعرض حامي الدين مجموعة من الإنجازات، التي قال إن الحكومة التي يقودها حزبه قامت بها، بدءا بترشيد النفقات في مختلف القطاعات الوزارية، وصولا إلى الكشف عن لائحة أسماء المستفيدين من مأذونيات النقل، رافضا في نفس الوقت وصف بعض سلوكيات وزراء حزبه ب«الشعبوية»، بل اعتبرها «تصريحات وسلوكيات مسؤولة تدل على التزامهم أمام المواطنين». وختم حامي الدين حديثه بالقول إنه «ليس أمام الحكومة الحالية سوى التوجه نحو محاربة الفساد، في ظل الأزمة المالية والجفاف اللذين يهددان المغرب، وإلا فالتجربة الحالية مهددة بالفشل، وهو ما لا يريده أي أحد، لأن ذلك يعني فشل المغرب، مما يهدد مسيرة النمو التي انطلقت فيه منذ سنوات». من جهته، اعتبر محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالمحمدية، أن «الحكومة كانت تواجه تحدي الانسجام منذ أول يوم من إعلان تشكيلتها الحالية، وهو ما فشلت في تحقيقه بعد ما يقارب المائة يوم من تعيينها، بعد بروز مجموعة من الخلافات بين أعضائها إلى الرأي العام، رغم تأكيدات رئيس الحكومة الأخيرة بأن «الأغلبية تشتغل في جو مريح وتضامني»، إلا أن تصريحات الوزراء المتضاربة تثبت أن الحكومة لا زالت تشتغل وفق نظام القطاعات الوزارية، وليس في إطار مخطط استراتيجي يضم كافة الوزارات». وأكد ضريف أن تقييم عمل الحكومة يجب أن يعتمد على ثلاثة محددات رئيسية، أولها البرامج الانتخابية التي تعاقدت على أساسها الحكومة مع الناخبين، وهو ما يطرح إشكالا مع الحكومة الحالية، إذ لا أحد يعرف برنامج أي من الأحزاب تطبقه الحكومة، بالإضافة إلى التراجع عن مجموعة من الوعود التي تقدمت بها الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي. المحدد الثاني الذي وضعه ضريف لتقييم عمل الحكومة هو معيار منهجية الاشتغال، وإصرار بنكيران على «المقاربة التشاركية» منذ تكليفه بتكوين الأغلبية الحالية، وهو ما ينتفي –حسب ضريف- مع الخرجات المنفردة في كل مرة لأحد مكونات الحكومة، بدءا بانتقاد بنعبد الله لنشر لوائح المستفيدين من مأذونيات النقل دون الرجوع إلى الأغلبية، وصولا إلى الهجوم الذي شنه شباط مؤخرا على حزب العدالة والتنمية، وهو «ما ينفي صفة الانسجام الذي يفترض توفرها في أي حكومة. وهذا هو المعطى الثالث الذي غاب عن التجربة الحكومية الحالية». واعتبر ضريف أن تجربة الحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، تبقى ناقصة لأنها لم تهتم بمعالجة كافة القطاعات الاجتماعية التي تشهد احتجاجات، مما يهدد الاستقرار الذي يشهده المغرب، مؤكدا أن سياسات بعض الوزراء هي التي تؤجج هذه الاحتجاجات، معطيا المثال باعتقال مجموعة من أعضاء حركة 20 فبراير الذي تسبب في مظاهرات في عدة مدن، وكذا المعالجة غير الحكيمة لملف هدم السكن العشوائي.