بحلول السادس من شهر فبراير المقبل، ينتهي أجل الخمس سنوات الذي حددته مدونة الأسرة للأزواج الذين لم يوثقوا عقد الزواج حسب المسطرة القانونية، سواء منهم الذين ارتبطوا قبل صدور المدونة الجديدة أو بعدها، مما يعني أن الذين سيتخلفون عن توثيق عقودهم قبل هذا التاريخ سيصبحون خارج الإطار القانوني المغربي، وسيحرمون بالتالي من الحقوق القانونية المترتبة عن عقد الزواج، مثل الإرث ونسب الأبناء الناتجين عن العلاقة الزوجية. أجل قانوني انتقده خالد برجاوي، أستاذ القانون الدولي الخاص، بحدة منذ اعتماده، لكونه يتطلب، في تقديره، اتخاذ إجراءات مواكبة ودراسات ميدانية من أجل إنجاحه، وهو ما لم تقم به الجهات الرسمية المكلفة بذلك؛ واعتبر برجاوي أن هذا الإجراء لم يعط النتيجة المرجوة وفشل في تحقيق ما كان يرمي إليه من تعميم للحالة المدنية وغيرها من أهداف، خاصة وأن المغاربة موزعون على أرجاء العالم ومن الصعب أن يشملهم إجراء مماثل. المادة 16 من المدونة نصت على أنه «إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة، في سماع دعوى الزوجية، سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة» و»تأخذ المحكمة بعين الاعتبار، وهي تنظر في دعوى الزوجية، وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين». وأوضح نص المدونة أنه «يُعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات، ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ». هذه المسطرة يلخصها حاتم بكار، محام بهيئة القنيطرة، في تقديم مقال الدعوى من طرف الزوجين، يليه استماع قاضي الأسرة إليهما، ثم تعزّز الدعوى بلفيف عدلي، أي شهادة الشهود بكون المعنيين مرتبطين بعلاقة زوجية، لتُصدر المحكمة وثيقة تعترف بصحة العلاقة وتثبت نسب الأبناء الناتجين عنها. رئيسة اتحاد العمل النسائي، نزهة العلوي، اعتبرت أن اعتماد هذا الأجل القانوني من طرف المدونة كان مهما وضروريا، موضحة أننا إذا أردنا أن نكون مجتمعا عصريا وحداثيا، فإننا نحتاج إلى هذا النوع من الضوابط القانونية، خاصة وأن المجتمع المغربي، تضيف العلوي، يعرف اختلافات وتفاوتات كبيرة في المستوى الثقافي، ومناطق قروية كثيرة ما زالت تعقد الزواج عن طريق الفاتحة وشهادة «الجماعة». لكن يبدو أن هذه المدة التي حددتها المدونة في خمس سنوات، لم تكن كافية ومازالت العديد من الزيجات تتم بالطريقة غير القانونية. والسبب، حسب نزهة العلوي، عدم مواكبة هذا البند، على وجه الخصوص، بحملات التوعية والتعريف. الأمر يصبح أكثر تعقيدا عندما يتعلق بالمغاربة المقيمين بالخارج، المطالبين، داخل أجل الخمس سنوات والذي لم يتبق منه سوى ثلاثة أشهر تقريبا، بالتوجه إلى المصالح القنصلية في بلاد الإقامة، من أجل توثيق عقد الزواج على يد عدلين مغربيين وبحضور شهود مسلمين، بغض النظر عن العقد المدني الذي يبرمه البعض أمام مصالح الحالة المدنية الفرنسية، والذي لا يعترف به القانون المغربي. وفي حال عدم القيام بذلك في أجل 3 أشهر بعد إبرام العقد المدني، يصبح الزوجان مضطرين إلى التوجه إلى المحكمة الابتدائية بالرباط، من أجل حيازة الاعتراف القانوني بزواجهما من طرف المغرب. وغياب هذا الاعتراف يطرح على المعنيين مشاكل معقدة، في حالة حدوث نزاع ولجوئهما إلى القضاء المغربي، أو في ما يتعلق بمسألة الإرث، حيث يكون الأبناء الناتجون عن هذا الزواج غير شرعيين في اعتبار القانون المغربي. المحامي حاتم بكار تساءل عما إن كان اعتماد هذا الأجل المحدد بهدف التحفيز وتشجيع المعنيين على توثيق عقود الزواج، قد انقلب إلى أثر سلبي سيجعل أعدادا من الأسر المغربية خارج نطاق القانون، عدد تلك الأسر ونسب تطورها بعد دخول نص المدونة حيز التنفيذ يظل غائبا عن الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية. فيما أكدت نزهة العلوي أن تمديد هذا الأجل سيكون ضروريا، شريطة مواكبته بحملة تحسيسية تشرح إيجابيات هذا الإجراء وتوضح عواقبه الوخيمة، المتمثلة في حرمان الأبناء من النسب وإضاعة حقوق جميع أفراد الأسرة من إرث وغيرها، «بدل الاكتفاء بخطب تلفزيونية باللغة الفصحى»، تقول العلوي. علما بأن هذه المسطرة التي اعتمدتها المدونة كانت منفذا لتلاعب بعض الآباء والأزواج، حيث يلجؤون إليها في حال رفض القاضي الترخيص بزواج فتاة دون السن القانوني، فيعقدون القران «عرفيا» ويقومون برفع دعوى سماع الزوجية بعد حدوث الحمل.