تحتضن مكتبة معهد سيرفانتيس الدارالبيضاء، يوم الخميس القادم على الساعة السابعة مساء، تقديم أنطولوجيا أوكتافيو باث التي ترجمت حديثا إلى العربية من طرف الباحث المتخصص في الدراسات الإسبانية عبد الرحمان لعوينة. عنوان الأنطلوجيا «حيث تتلاشى الحدود»، وهي أنطولوجيا مزدوجة، إسبانية-عربية، تطمح إلى إعطاء صورة ملخصة عن الشعر والسفر الجمالي لأوكتافيو باث وتقريب القارئ العربي من كنه الشعر الأمريكي اللاتيني. أوكتافيو باث أحد أهم الأصوات الشعرية التي طبعت الساحة الشعرية ليس في أمريكا اللاتينية وإسبانيا فحسب وإنما في باقي أنحاء العالم، وذلك بفضل صوته الذي كان قبل كل شيء عالميا ومتعددا. سبرت مقالاته أغوار الثقافة اللاتينية كما لم يفعل أحد من قبل وارتقى بجزء من التراث المكسيكي المعاصر إلى مستوى الثقافة الراقية. بدأ أوكتافيو كتابة الشعر في سن مبكرة وأسس مجلة دفاتر سهل المكسيك. حاز سنة 1981 جائزة سيرفانتيس وجائزة نوبل للآداب سنة 1990. من بين أعماله المتميزة، نذكر متاهة العزلة (1950) وكلود ليفي-ستراوس أو مأدبة إيسوب الجديدة (1967) والحرية المشروطة (1958). يضمن أوكتافيو أشعاره كل فكره التوفيقي الذي هو خلاصة تفاعل عميق بين الأدب والفلسفة والمعارف الثقافية الأمريكية اللاتينية. تميز الفائز بجائزة نوبل لا يكمن فقط في وفرة وجودة إبداعاته، وإنما في قوة فكره وخاصة الشجاعة التي كان يتحلى بها في دفاعه عن الحرية والكرامة الإنسانية. عرف بعمق التاريخ الثقافي للبلد وخصص أعمالا كثيرة لدراسة الهوية المكسيكية المعقدة. لم يكن أحد يفهم أكثر منه طبيعة المكسيك والمكسيكيين، لم يستطع فنانوها أو كتّابها لمس هذا العمق في واقعها، جوهرها ومستقبلها، مع ذلك كان جزء هام من السياسيين والمفكرين على خلاف كبير معه أثناء حياته. قطع بابلو نيرودا علاقته به لانتقاده ستالين. بعدها بسنوات وفي المكسيك، أهان علنًا نظام فيدل كاسترو ووصفه بالديكتاتورية، وانتقد عدم وجود الحريات في نيكاراغوا. في إحدى المرات في عام 1984، أحرق بعض المتظاهرين صورة باث أمام سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية اعتراضاً على الخطاب الذي ألقاه في فرانكفورت، أثناء تسلّمه إحدى الجوائز الدولية في جمعية الناشرين والكتاب الألمان، والذي أكد فيه أن ثورة نيكاراغوا صودرت من قِبّل قادتها وطالب بإجراء انتخابات حرة. مع أن معنى اسمه باث _ Paz باللغة الإسبانية السلام، فإن المؤرخ المكسيكي الكبير إنريكي كراوث وصفه أثناء حفلة تكريمه التي أقيمت في الذكرى العاشرة لوفاته: «لم يكن رجل سلام، لكنه رجل حرب، حرب جيدة، حرب فكرية نبيلة يشنها نتيجة غضبه وانفعاله، غضبه من خداع الإيديولوجيات، التشويش، التعصب، وخصوصاً غضبه من الكذب. أما انفعاله فهو للحرية، للأدب، للوضوح، للنقد، للعقل، وخصوصاً للحقيقة».