قررت الإدارة العامة للأمن الوطني تغيير هيكلة المصالح الداخلية والخارجية للاستعلامات العامة التي تم اعتمادها سنة 2004 من طرف الجنرال العنيكري، الذي كان قد قدم إلى إدارة الأمن من المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني التي تتقاطع مع الاستعلامات العامة في مراقبة المجالات المغلقة، وإن كانت هذه الأخيرة تمثل اختصاص «الديستي» بامتياز، في حين تشتغل استعلامات الشرطة أكثر على المجالات المفتوحة. وقد انتظر الشرقي اضريس، المدير العام للأمن الوطني، سنتين كاملتين ليمحو آخر بصمات الجنرال العنيكري التي طبع بها جهاز الأمن الحضري بالمملكة، من خلال ذراعه الأيمن عبد الجليل عبدون الذي صاحبه من «لادجيد» مرورا ب«الديستي» إلى أن عينه على رأس مديرية «البوليس السياسي»، بعد حصوله على رتبة مراقب عام. فرغم جلوس عبد الحق باسو مكان عبدون، قبيل إعفاء الجنرال العنيكري، فإن مديرية الاستعلامات العامة ظلت تواصل عملها لتوافي السلطات العليا للبلاد بتقارير يومية حول الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمملكة بنفس الهيكلة التي هندسها رجل ثقة الجنرال، حيث ألغى أقسام «البوليس السياسي» بالدوائر الأمنية ليعتمد نظام المصالح الولائية للاستعلامات التي تشرف، من خلال فرق ولائية تابعة لها، على عمل شرطة الاستعلام والتقنين بجميع الدوائر التابعة للولاية الأمنية، لكن رجال عبد الحق باسو بدؤوا يتمردون على المقررات الجديدة التي أتت بها هيكلة 2004 بشكل متدرج إلى أن أعدت إدارة اضريس هيكلتها الجديدة التي لن تختلف كثيرا عن تلك التي غيرها العنيكري. فالمصلحة الوحيدة التي سيتم الاحتفاظ بها على مستوى الولاية الأمنية ككل هي تلك الخاصة بمراقبة الأجانب، أما باقي المصالح والأقسام فستعود إلى انتشارها بالدوائر الأمنية، كما كان معمولا به في السابق، ليقتصر دور رئيس الاستعلامات العامة بالولاية على عملية التنسيق بين رجال «البوليس السياسي» المنتشرين بباقي وحدات التقطيع الإداري لكل ولاية أمن. وتأتي إعادة هيكلة مديرية الاستعلامات العامة ومصالحها الخارجية بعد عدة فضائح هزت أطرها، كان آخرها الاشتباه في تورط عدد من المسؤولين منهم في ملف السوريين، حيث تم توقيف نائب عبد الحق باسو ورئيس الاستعلامات بالمحمدية عن مواصلة مهامهما. ويخضع رجال الأمن والشرطة، إلى جانب مقتضيات الحفاظ على السر المهني حسب ما ينص عليه النظام الأساسي للوظيفة العمومية ومدونة القانون الجنائي، إلى اللوائح الداخلية الخاصة بموظفي المديرية العامة للأمن الوطني والمتعلقة بسرية الأبحاث والأنشطة، إذ يلح قانون المسطرة الجنائية على كتمان سرية المسطرة الجارية، سواء كانت التحريات لا تزال في مرحلة البحث التمهيدي أو في مرحلة التحقيق. كما تحدد اللوائح الداخلية للأجهزة الأمنية السر المهني في «كل معلومة متعلقة بالأشخاص أو بممتلكاتهم أو أنشطتهم أو بأية وقائع أو أحداث يطلع عليها أثناء أو بمناسبة ممارسته لمهامه والتي لا يجوز لأي سبب كان أن تنقل أو تسلم أو تفشى إلى شخص من الغير». وتقضي المادة 61 من قانون المسطرة الجنائية بالعقاب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من 1200 إلى 2000 درهم في حق كل من أفشى سرية المستندات والوثائق المطلع عليها أثناء تفتيش منزل. ويمتاز عمل رجال الاستعلامات باطلاعهم على جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأحزاب السياسية وذلك بجمع المعلومات وتحليلها مما يضع العديد من القيود المتعلقة بتسريب المعلومات والوثائق المصنفة ضمن السر المهني، وهو ما يبرر إحداث مجموعة من الدول لأجهزة «المصالح السرية» وهي تعمل في الخفاء سواء داخل الدولة أو خارجها، وتضطلع هذه المصالح بجمع المعلومات العسكرية والسياسية حول المخبرين ومصادر المعلومات ومحاربة التجسس. وهو ما فرض حسب المراقبين ازدواجية في عمل رجال الاستعلامات: جمع المعلومات حول الآخر(التنظيمات والأفراد) وحماية المؤسسات الوطنية من كل اختراق محتمل من طرف قوى مناوئة للنظام... تفاصيل في الملف الأسبوعي.