- تم تقديم عبد الكريم الخطيب، مباشرة بعد وفاته، كوسيط بين القصر وحزب العدالة والتنمية. هل هذا يعني أن جسور التواصل انقطعت بعد رحيله؟ < توجد في الوسط السياسي أكاذيب تصبح من فرط تكرارها حقائق مسلماً بصحتها، من بينها هذا الدور الذي تم إلصاقه بالدكتور الخطيب. لا أتذكر أن الخطيب لعب، ولو لمرة واحدة، دور الوسيط بيننا وبين القصر الملكي. هل كان يناقش ذلك مع أقربائه الذين يشغلون مناصب مهمة في الدولة؟ لا يمكنني أن أؤكد هذا الأمر. وزيادة على ذلك، أعتقد من وجهة نظري الشخصية أن الخطيب ليس من الأشخاص الذين بإمكانهم أن يلعبوا دور الوساطة لأنه شخص لا يتصرف إلا وفق ما يعتقد أنه هو الصواب. - وإلى ماذا تستند في تأكيدك لهذا الأمر بشكل قطعي؟ < سأعطيكم مثالا. كنا عازمين، بعد قرار الاندماج في الحزب في 1992، على المشاركة في الانتخابات الجماعية التي كان مقررا تنظيمها في السنة الموالية. ولما نشرت الصحف الخبر، أبدى لنا الملك الراحل الحسن الثاني رفضه لذلك عن طريق مستشاره أحمد بنسودة. وعليه، تشاورنا مع إخواننا وقررنا عدم المشاركة في الانتخابات نزولا عند رغبة الملك. وعندما أخبرنا الدكتور الخطيب بقرارنا، رفض وقام بمحاولات من أجل أن نشارك في تلك الانتخابات على عكس الإرادة الملكية، ثم إنه كان لدي انطباع طيلة السنوات الأخيرة بأن بعض المسؤولين كانوا يخافونه. - لنعد إلى انتخابات 1992. لماذا لم يبعث إليكم الملك الراحل وزير داخليته إدريس البصري الذي كان قويا في تلك الفترة؟ < في البداية، اتصل أحمد بنسودة، الذي كان مستشارا مقربا من الحسن الثاني، للحصول على رقم هاتفي. لقد نسي أنني أعطيته جميع أرقامي خلال اجتماع سابق. باختصار، ذهبت لرؤيته، وقال لي ما يلي: «كان بإمكان جلالة الملك أن يوصل إليكم الرسالة عن طريق شخص آخر»، ربما كان يحيل بكلامه هذا على البصري، وكان يريد أيضا أن يبين لنا المكانة الاعتبارية التي كان يضعنا فيها الملك. - هل أقنعكم ذلك الاعتبار بجدوى عدم المشاركة في الانتخابات؟ هل سياسة التوافق راسخة في سلوككم السياسي إلى هذه الدرجة؟ < لم نقبل كل شيء دفعة واحدة، بل تشاورنا في الأمر مطولا وخلصنا إلى أن المشاركة السياسية ليست سوى شق من بين أنشطتنا التي تتضمن أيضا العمل الاجتماعي والدعوة وتأطير المواطنين. وحينما أبلغنا جوابنا لأحمد بنسودة، طلب منا التعبيرعما نريده كمقابل، فحملناه رسالة إلى الحسن الثاني طلبنا فيها شيئا واحدا: تسليمنا وصل إيداع ملف تأسيس جمعيتنا، ولازلنا ننتظر إلى حدود اليوم. - وصف عبد الكريم الخطيب، على سبيل المثال، أحد أطركم بالبليد، ثم إن خلافاتك معه لم تمنعك من ذرف الدموع حزنا على وفاته. ألا تربطك به، في نهاية المطاف، علاقة الأب بابنه؟ < كانت له، في جميع الأحوال، رمزية خاصة داخل حزب العدالة والتنمية. لن أقول إنه كان أبا، وإنما شريكا سياسيا. كان يتمتع بقدر كبير من الشجاعة والإيمان والسخاء. أقدره وأنا مدين له بالكثير. وللإجابة عن سؤالك، لنقل إنه كان أكثر من أب وكنا نكن له حبا كبيرا. - تحدثت عن الاعتراف بالجميل. هل كان من الممكن أن توجدوا سياسيا بدونه؟ < لا، لا أظن ذلك وإلا لكنا دخلنا السياسة من أبواب أقل تشريفا. - ألم يمنعكم حضور الدكتور الخطيب من التفاوض مع الدولة ولعب لعبة السلطة؟ < إننا نلعب لعبة نعتبرها مشرفة، لعبة بإمكاننا تحمل مسؤوليتها أمام العموم. لقد ولجنا مع الدكتور الخطيب اللعبة السياسية بهدوء، وإن لم يكن ذلك سهلا بالمرة. ففي سنة 1996، على سبيل المثال، عندما كنا نحضر للمؤتمر الذي كان سيفرز القيادة الجديدة للحزب، لم نستأجر قاعة عمومية، لأننا كنا نعتقد أن السلطات العمومية ستمنعنا من ولوجها. ولذلك قررنا تنظيم مؤتمرنا في بيت الدكتور الخطيب. وقد كنا حذرين إلى درجة أننا توقعنا أن نمر عبر المنزل المجاور لبيت الدكتور الخطيب الموجود في ملكية ابنته. وهذا يعني أن الجولة لم تكن نتيجتها محسومة مسبقا بالرغم من وجود عبد الكريم الخطيب. ترجمة - محمد بوهريد