بالقدر الذي أثار فيه إقصاء المنتخب الوطني من نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2012 جدلا كبيرا، فإن راتب المدرب إيريك غيريتس، مازال يسيل الكثير من المداد ويطرح عدة تساؤلات. علي الفاسي الفهري، رئيس جامعة كرة القدم، لم يجد ما يقوله للبرلمانيين، الذين اعتبروا عدم إعلان الراتب بأنه قرار غير قانوني وغير دستوري، سوى تأكيده أن عقد غيريتس نقطة سوداء في مساره المهني. أما محمد أوزين وزير الشباب والرياضة، فقبل أن يجلس على كرسي الوزارة، أكد أن من حق المغاربة أن يعرفوا كم يتقاضى غيريتس، لكنه عاد ليقول بعد ذلك إن هناك بندا في العقد يمنع الإعلان عن راتب هذا المدرب. إذا كان الفهري يعتبر راتب غيريتس نقطة سوداء في مساره المهني، فالظاهر أن نقط السواد لن تقف عند هذا الحد، فراتب مدرب المنتخب الأولمبي بيم فيربيك، هو الآخر سري، مع أن لا أحد ألزم الفهري بأن يتعاقد مع مدرب يكلف مالية الدولة الكثير شهريا، دون أن يكشف عن راتبه، كما أن مصاريف الجامعة، وصندوقها الأسود وتعويضات أعضائها كلها مختومة بطابع سري جدا، علما أن جامعة الفهري بدورها طبخت بشكل سري، عندما جاءت في 16 أبريل 2009، فكيف يقول الفهري إن راتب غيريتس هو النقطة السوداء الوحيدة في مساره المهني. أما بالنسبة لوزير الشباب والرياضة، محمد أوزين، فإنه يتحمل بدوره نصيبا من المسؤولية، فإذا كان التعاقد مع غيريتس قد تم في عهد الوزير السابق منصف بلخياط، فما الذي يمنع أوزين اليوم، من أن يضع حدا لكل هذا الجدل، وأن يدخل الرياضة المغربية عهد الشفافية والحكامة اللتين أصبحتا أشبه بأسطوانة تدور وتلوكها الألسن دون أن يتحول ذلك إلى حقيقة على أرض الواقع. ما الذي يمنع الوزير أوزين من أن يلزم الجامعات وفق نص قانوني، بعدم إبرام عقود مع المدربين سواء الأجانب أو المحليين إلا إذا تم الكشف عن رواتبهم، علما أنه في فرنسا التي يحبذ المسؤولون والوزراء إعطاءها كنموذج، لا يمكن التعاقد مع أي مدرب لأي منتخب دون أن يكون الفرنسيون على علم بكم سيتقاضى شهريا. إذا كان لإقصاء المنتخب الوطني المبكر والمؤلم من نهائيات الغابون من حسنة، فهي أنه ساهم في إثارة النقاش حول المشاكل الحقيقية للرياضة المغربية، وكرة القدم على وجه الخصوص. فالأزمة ليست تقنية، ولا تتعلق بكفاءة المدربين، بل هي أزمة تسيير، وغياب للديمقراطية، وعدم قدرة الوزارة الوصية، على أن تضع «جامعات السيادة» على السكة الصحيحة.