يشكل تعزيز التفاعل الإيجابي للمملكة مع محيطها الجهوي والعالمي محورا أساسيا ضمن التوجهات الخمسة الكبرى التي يقوم عليها البرنامج الحكومي، الذي قدمه عبد الإله بنكيران، رئيس أول حكومة يقودها حزب إسلامي في تاريخ المغرب الحديث. وتؤكد الحكومة «الملتحية» في برنامجها خلال السنوات الخمس القادمة أنها عازمة على تعزيز هذا التفاعل من خلال أداة دبلوماسية فعالة تخدم القضايا الوطنية والعربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية الصحراء، وتحقيق إشعاع أكبر للنموذج المغربي، وذلك بالتعريف الأوسع بالإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتفعيل الاتحاد المغاربي، في ظل الدينامية التي يشهدها مؤخرا، فضلا عن متابعة تطبيق الوضع المتقدم الذي يميز العلاقة بين المملكة والاتحاد الأوروبي. وعلى صعيد الجوار المباشر، أكدت الحكومة أنها ستعمل على تعزيز الدينامية الإيجابية التي شهدتها مؤخرا العلاقات المغربية الجزائرية قصد تحقيق التطبيع الكامل للعلاقات مع الجارة الشرقية بما في ذلك فتح الحدود البرية، أخذا بعين الاعتبار عمق الأواصر الدينية والتاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين وخدمة للمصالح المتبادلة ومواجهة التحديات المشتركة وتحقيق الاندماج المغاربي. كما ستعمل على ترسيخ وتعزيز الحركية والفعالية التي طبعت مسارات وآليات التعاون الثنائي مع تونس وليبيا وموريتانيا، من منطلق الإيمان العميق بضرورة استثمار الإمكانات والطاقات المتاحة والممكنة لبلورة تصورات خلاقة وتبني مقاربات جديدة تهم كل الجوانب وتروم تأسيس شراكة دائمة وإستراتيجية، تكون ذخرا للشعوب المغاربية الخمسة. ولم تغفل حكومة الإسلاميين التأكيد على مواصلتها العمل على تفعيل الاتحاد المغاربي، باعتباره خيارا استراتيجيا عبر إقامة النظام المغاربي الجديد في ظل الإخاء والثقة والتفاهم وحسن الجوار واحترام الثوابت الوطنية والوحدة الترابية لكل دولة من دوله الخمس. ووعيا بالحاجة الملحة إلى الاندماج المغاربي، ستسعى الحكومة إلى إقامة تكتل اقتصادي بين دول المنطقة لمواجهة تحديات التنافسية والعولمة وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، واستثمار الفرص المتاحة من طرف التكامل المغاربي في سياق التحولات الإقليمية والدولية. وتراهن الحكومة الجديدة على تقوية علاقات المغرب التاريخية مع العالم العربي والإسلامي، وإعطائها بعدا ملموسا في شكل مبادرات عملية تتفاعل مع التحولات التي تشهدها المنطقةُ والعالم، تقوي التكامل الاقتصادي والقدرات التفاوضية للدول العربية والإسلامية في المحافل الدولية الاقتصادية والسياسية أمام التكتلات الإقليمية والقارية والدولية المتصاعدة، إلى جانب المساهمة في تطوير هياكل جامعة الدول العربية لخدمة تطلعات شعوبها ومسايرة التحولات السريعة التي تعيشها المجتمعات العربية وتكريس دورها كأداة للتنسيق السياسي والاندماج الاقتصادي. وكرد على المبادرة الخليجية الصادرة عن قادة مجلس التعاون الخليجي، عبرت الحكومة عن استعدادها الكامل لتطوير العلاقات الأخوية أصلا إلى أبعد الآفاق، معبرة عن عزمها في الوقت ذاته على تطوير علاقات التعاون والتضامن ودعم التعاون جنوب - جنوب. ونظرا إلى ما للاتحاد الأوروبي من أهمية إستراتيجية، بصفته الشريك الأول للمغرب، تؤكد الحكومة أنها ستعمل جادة على متابعة تطبيق الوضع المتقدم الذي يميز العلاقة بين المملكة وهذا الاتحاد، في أفق إنشاء فضاء اقتصادي مشترك على أساس المصلحة المشتركة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي ما يتعلق بالعلاقات مع دول أوروبا، أكدت الحكومة أنها ستعمل على تعميق التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين على أساس المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل ومعالجة الملفات العالقة كقضية سبتة ومليلية، إلى جانب العمل على تعزيز الانفتاح على أقطار أوروبية أخرى من أجل إقامة شراكات جديدة ودعم مكانة المملكة وفتح فرص جديدة للشركات الوطنية وجلب الاستثمارات. وفي إطار تنويع الشراكات الدولية للمملكة، تراهن الحكومة على تعزيز العلاقات مع دول أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية، والدول الآسيوية، والقوى الصاعدة، على أساس شراكات مثمرة وتعاون استراتيجي متعدد الأوجه. وعلى مستوى العلاقات متعددة الأطراف، ستعمل الحكومة على تبني مقاربة تمكن من المساهمة بفعالية في معالجة القضايا المطروحة على الصعيد الدولي ورفع التحديات المشتركة على مستوى هيئة الأممالمتحدة، خاصة أن المغرب أصبح، اعتبارا من فاتح يناير الجاري، عضوا غير دائم بمجلس الأمن الدولي. ويبدو لافتا على المستوى الدبلوماسي تأكيد حكومة ابن كيران على أن تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية من أولويات عمل الحكومة حيث ستعمل في هذا المجال على جلب مزيد من الاستثمارات والرفع من حجم المبادلات التجارية والاستغلال الأمثل للإمكانيات والفرص المتاحة. كما ستسهر الحكومة على استثمار إيجابي أكثر لاتفاقيات التبادل الحر الموقعة أو تلك التي يتم التفاوض بشأنها، تفعيلا للشطر التجاري والاستثماري الدولي للبرامج القطاعية لتنمية المنتوج المغربي في ميادين الفلاحة والصيد والصناعات التحويلية والصناعة التقليدية والطاقة والخدمات.