سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خمسة ملايين درهم سنويا للجنة الفيلم لإنقاذ السينما في ورزازات مسؤول في اللجنة يقر بتراجع الإنتاج السينمائي ويكشف تفاصيل بداية الاستثمار في المجال من الصفر
بدا الكل، في لحظة، مخاطَباً رسميا في موضوع السينما: الداخلية والعمالة، اللتان تتحصلان مداخيل مرافق سياحية ذات صبغة سينمائية. المجلس البلدي، المكلف بتنمية المنطقة.. المركز الجهوي للاستثمار.. المركز الجهوي للسياحة.. المركز السينمائي المغربي.. المعهد.. الكلية.. الكل يتدخل ولا أحد يتدخل في الوقت ذاته. هذا ما أكده مهنيون عاملون في القطاع. جهة واحدة يمكن أن تنوب عن كل هؤلاء، أحدثت لهذا الغرض تحديدا، مهمتها إنقاذ السينما في المدينة ولجذب الإنتاج، الذي تراجع أخيرا، يتعلق الأمر ب«لجنة الفيلم في ورزازات». «المساء» حلت بمقر اللجنة حاملة أسئلة ظلت عالقة طيلة رحلة اقتفاء أثر «النكسة» التي لحقت السينما في ورزازات. 4 موظفين و«كورسيي» لإنقاذ السينما مقر لجنة الفيلم بمكتب صغير في أحد شوارع المدينة. في العمارة ذاتها التي يوجد المركز الجهوي للاستثمار. لوحة صغيرة معلقة على باب العمارة تشير إليها. دخلنا مقر اللجنة. كان خاويا إلا من موظفة مكتبها، يوجد قبالة مدخل المقر. كانت الموظفة تتحدث إلى شخص جاء ليسلم فواتير. لم يكن هناك موظفون خلال زيارة «المساء»، رغم أن ذلك كان يوم اثنين. أعضاء اللجنة، الذين يرأسهم نور الدين الصايل، يعملون من مواقعهم. أما موظفو اللجنة فهم خمسة أشخاص فقط، يرأسهم مدير كان خارج المغرب خلال زيارة «المساء». أحالتنا الموظفة على موظف آخر، كان الوحيد الحاضر هناك، محمد أمزيل، المكلف بتصميم الموقع الالكتروني. يعمل أمزيل هنا، رفقة الكاتبة وموظفين اثنين، بينهم مدير، إضافة إلى «كورسييي». ليست للجنة الفيلم، حسب ما أكده أمزيل، علاقة بالمركز السينمائي المغربي، كما أنه ليست للأخير سلطة عليها، رغم أنه يعد المؤسسة المعنية بالدرجة الأولى بالسينما في المغرب. «كان هناك إلحاح على ضرورة فتح ملحقة للمركز السينمائي في ورزازات، على اعتبار أنها مدينة السينما في المغرب. لكن كان هناك اقتراح أكثر نجاعة، ويتعلق بإنشاء مؤسسة اسمها لجنة الفيلم، وهذه الفكرة هي الأفضل عالميا بخصوص الإنتاج السينمائي، عوض فتح ملحقة للمركز السينمائي، وهو ما يعني الدخول في دوامة بيروقراطية»، يوضح أمزيل. هكذا، تم خلق لجنة الفيلم في ورزازات على عجل. السبب ملاحظة تراجع الإنتاج السينمائي في المدينة. «منذ سنة 2008 تحديدا، بدأ الإنتاج السينمائي يتراجع في جهة سوس ماسة درعة. خلق معهد لمهن السينما وكلية متعددة التخصصات في ورزازات ولكن هذه المؤسسات أصبحت تُخرّج أفواجا من العاطلين بسبب التقلص المفاجئ في عدد الإنتاجات السينمائية هنا. تم إعداد دراسة في أفق 2016، جعلت من بين أهدافها الوصول إلى 6 آلاف منصب شغل واستقطاب 40 فيلما طويلا، مغربيا وأجنبيا، كل سنة. الآن، يتم تصوير ما يقارب 40 عملا كل سنة، ولكن الأمر يتعلق فقط بأفلام قصيرة أو بأفلام وثائقية. لم يصور أي فيلم طويل هذه السنة»، يقر أمزيل. وفق التصور الذي تم وضعه لإنقاذ السينما والعاملين فيها في ورزازات، بدأ العمل في سنة 2009 بعد عرضه على الملك سنة قبل ذلك. وُضعت لجنة الفيلم في ورزازات للإشراف المباشر على تشجيع الإنتاج السينمائي في المدينة. هدف اللجنة، حسب أمزيل، هو خلق «باك» وحيد تتعامل معه شركات الإنتاج، دون التعقيدات المسطرية التي يتطلبها المرور عبر المركز السينمائي المغربي والجمارك وعبر مصالح إدارية أخرى. خُصِّصت للجنة الفيلم في ورزازات، وفق ما أوضحه أمزيل، ميزانية سنوية قدرها 5 ملايين ونصف مليون درهم سنويا (550 مليون سنتيم)، مليونا درهم يقدمها المركز السينمائي المغربي و3 ملايين ونصف مليون درهم تقدمها جهة سوس ماس درعة. تخص الميزانية تسيير أمور اللجنة التي يعمل فيها، حسب أمزيل، أربعة موظفين وعون، إلى جانب مصاريف تنظيم تظاهرات وسفريات أعضاء اللجنة إلى الخارج. 4 ملايين درهم هو ما يتم صرفه سنويا، كما يؤكد أمزيل. لكنْ ما الذي تقوم به هذه اللجنة بالتحديد؟ أين تصرف هذه الأموال؟.. توظيف الأقارب والأصدقاء «نعمل حاليا على أوراش التواصل والتسويق، من خلال التعريف بورزازات في الخارج، بعد ظهور دول أخرى منافسة. نشارك في ملتقى عالمي للمنتجين والسينمائيين وفي مهرجانات أخرى. كان هناك تقصير في هذا الجانب، إذ لم تكن هناك دعاية ناجعة لاستقطاب الأفلام الأجنبية في ورزازات، رغم تنظيم المركز السينمائي المغربي لعدة سفريات»، يبرز أمزيل مضيفا: «نشتغل حاليا على المجال البشري، إذ نُعِدّ قاعدة بيانات للسينمائيين في المغرب، وهذا الأسبوع (يقصد الأسبوع الأخير من سنة 2011) سنقوم بأخذ صور للكومبارس في المدينة لإعداد بطاقات تعريفية بهم، كما سنعد دليلا لمراكز التصوير وآخر لشركات الإنتاج. سيكون كل ذلك متاحا للمنتجين والمخرجين، المغاربة والأجانب، عبر موقع إلكتروني». سيكون هذا الموقع جاهزا في السنة المقبلة، حسب مصممه، محمد أمزيل. هدف الموقع تنظيم عملية الكاستينغ الخاصة باختيار الممثلين الثانويين والتقنيين ومراكز التصوير: «ستمكن هذه القاعدة البيانية من قطع الطريق أمام الزبونية في اختيار العاملين في الأفلام ومن توظيف المقربين وأفراد العائلة من طرف شركات الإنتاج. كما أن هذا العمل سيقلل من فرص حدوث مشاكل بين السينمائيين الأجانب والمغاربة. سيتم، أيضا، تسهيل عملية معاينة مواقع التصوير عبر تقديم معاينات أولية لأماكن في المنطقة صالحة للتصوير»، يبرز أمزيل. تطلب تنظيم العاملين من لجنة الفيلم، حسب أمزيل، مساعدة تقنيي السينما في ورزازات على تأسيس جمعية خاصة بهم. عدد هؤلاء التقنيين الآن يتراوح بين 100 إلى 200 تقني. الكومبارس أيضا سيخضعون للتنظيم بعد سنوات من العمل الارتجالي. عدد هؤلاء يتراوح بين 5 إلى 6 آلاف ممثل ثانوي. الاختيار وقع في البداية على 500 شخص، قبل الانفتاح على بقية الممثلين. هذه المهام كلها تتطلب، وفق أمزيل، وتصور مسؤولي لجنة الفيلم، سنتين. أي أن الوضع لن يتغير سريعا، «تخص هذه المدة توفير وقت لتعريف بلجنة الفيلم في ورزازات في الخارج ثم على الصعيد الوطني. سيتم، أيضا، الإعداد، خلال هذه الفترة، لمشاريع سينمائية سياحية»، يوضح أمزيل. من خلال كلام المسؤول بلجنة الفيلم، يتضح أن الاستثمار في مجال السينما في ورزازات بدأ للتو. وكأن شيئا لم يُنجز قط. تساؤل أجاب عنه أمزيل بالإيجاب قائلا: «لم يكن مطروحا من قبل مثلا، استغلال الهوية السينمائية لورزازات في السياحة. لم يكن المركز الجهوي للسياحة يتجه في هذا المنحى. لم يكن هناك استثمار في مجال السينما في ورزازات. التحدي المطروح الآن هو إقناع الناس بتصورات جديدة». تحدٍّ آخر يتطلبه إنعاش السينما في ورزازات بعد «السكتة القلبية» التي أصابتها، يتعلق، حسب أمزيل، بتشجيع الإنتاج الوطني ودفع مخرجين مغاربة إلى إنتاج أفلام في ورزازات واستغلال الظروف التي توفرها المدينة. «يفضل العديد من المخرجين والمنتجين المغاربة تصوير أفلامهم في الدارالبيضاء، لتقليص مصاريف تنقل وإقامة الممثلين والتقنيين والعاملين معهم في الفيلم. من بين الأوراش التي نشتغل عليها تقديم تحفيزات لهؤلاء المخرجين والمنتجين، حتى يصوروا أفلامهم هنا. في هذا الإطار، ننسق مع قطاعات أخرى، مثل الطيران، من خلال العمل على ربط خط جوي بين أكاديروورزازات مستقبلا»، يقول أمزيل.
طلبة معاهد وكليات السينما يدقون ناقوس الخطر تم تأسيس كلية متعددة التخصصات ومعهد تابع لمكتب التكوين المهني لتدريس السينما، لكن كل ذلك حدث في «الوقت بدل الضائع». فجأة، انهار الإنتاج السينمائي في المدينة، في وقت لم تتوقف الكلية والمعهد عن تخريج أفواج من العاطلين الذين لم يجدوا عملا في مجال أغلقت الأزمة الاقتصادية والربيع العربي أبوابه وتكلفت تفجيرات «أركانة» بإغلاق نوافذه. «تدريس الرقابة» «المعهد المتخصص في مهن السينما تابع للتكوين المهني. مديره هو مدير معاهد أخرى للتكوين المهني في المدينة. لا علاقة لأغلب المشرفين على المعهد بالسينما. رغم ذلك، فقد أسِّس المعهد لسد الحاجة إلى تقنيين لإنتاج أفلام في ورزازات في سنة 2006، لذلك فهو يقتصر على تقديم تكوين تطبيقي تقني لمدة عامين، ولا علاقة لهذا التكوين بالفن السينمائي»، يوضح طالب في المعهد تحدثت إليه «المساء». «يتخرج 18 طالبا من المعهد كل سنتين. ليس للطلبة الذين يلتحقون بالمعهد ميول إلى السينما، بالضرورة. هناك تشابه غريب بين ما يُدرَّس في المعهد والكلية متعددة الاختصاصات في ورزازات، على خلاف دول أخرى توجد فيها معاهد تُدرِّس ما هو تقني ومدارس تلقن السينما باعتبارها فنا»، يقول الطالب نفسه. رغم أن المعهد يتوفر على وسائل تقنية متطورة وأستوديوهات مجهزة توفرها شركة «فيفاندي»، التي يديرها فرنسي يهودي إلى جانب المدير العام لشركة اتصالات مغربية، فإن عددا من الطلبة يشتكون من مناهج التدريس فيه: «لا نتلقى تكوينا سينمائيا ولا ننتج أفلاما لسبب بسيط هو أن قائمين على التكوين في المعهد لا علاقة لهم بالسينما. حتى المواضيع التي نختارها لتصوير أفلام قصيرة ضمن المواد التطبيقية تمارس عليها رقابة، إذ يفرض علينا أحيانا الابتعاد عن مواضيع ذات صبغة سياسية، ويلزموننا، أحيانا، بمناقشة مواضيع المرأة وفق منظور فرونكوفوي. يزرعون الرقابة الذاتية في الطلبة منذ مرحلة التكوين»، يقول طالب في المعهد. سينما أم فيزياء؟.. الوضع مشابه لما يحدث في الكلية متعددة التخصصات، التابعة لجماعة ابن زهر، والتي توجد فيها شعبة للسينما، يتخرج منها عدة طلبة كل سنة، منذ تأسيسها قبل ست سنوات. «ندرس كل شيء دون أن ندرس شيئا.. المعدات موجودة، وإن كانت قديمة، ولكنها غير ذات جدوى في غياب تأطير.. في كل دفعة، يتسجل 30 شخصا ضمن شعبتي الإنتاج والتقنيات. يفضل جل هؤلاء متابعة دراستهم ضمن شعبة الإنتاج و»ينفرون» من شعبة التقنيات السينمائية، لأنها صعبة.. عوض أن ندرس السينما ندرس الرياضيات والفيزياء والبصريات بطريقة تُمكّننا من صنع آلة تصوير وليس استعمالها.. لا يعقل أن ندرس المونتاج في شهر واحد»، يوضح طالب آخر. أجمع جل الطلبة الذين التقتهم «المساء» على أن ما يدرسونه في ورزازات «بعيد» عما أسموه «عالم السينما»، وهو ما يوضحه أحد الطلبة بقوله: «ليس هناك ناد سينمائي على الأقل لتصوير وعرض إنتاجات سينمائية.. ليست هناك حتى مكتبة سينمائية فيها أفلام مرجعية يمكن مشاهدتها.. هل تتصور أن يقوم طالب سينما، مفروض فيه أن يحارب القرصنة، بتحميل أفلام من على الأنترنت من أجل مشاهدتها؟!».. «المستقبل» كلمة «ترعب» طلبة معهد وكلية السينما في ورزازات. مجال التكوين محصور في تخريج تقنيين ومتخصصين في الإنتاج، دون تجارب مهنية وتطبيقية. ليست هناك حصص لتدريس التمثيل. أمر يستدركه الطلبة بالمشاركة في كاستينغات لاختيار ممثلين ثانويين في أفلام تُصوَّر هنا، على الأقل لنيل التجربة.