ورزازات قبلة السينمائيين العالميين يصفها البعض بكونها «أكبر أستوديو طبيعي في العالم»، بينما يرى فيها آخرون «هوليود إفريقيا». ورزازات، التي استأثرت باهتمام منتجي أفلام السينما وألمع النجوم العالميين بفضل طقسها الجميل وألوانها المميزة ومستوى الإنارة الذي تتيحه شمسها الساطعة على طول السنة. ورغم هذا الإشعاع الدولي لعاصمة السينما المغربية إلا أن سكانها لا يصلهم على ما يبدو سوى ما يتداوله الأجانب حول مدينتهم، فهذه الصناعة التي تدر ملايين الدولارات، لا تغري شباب المدينة بسبب «عدم إدماجهم» في المشاريع السينمائية الضخمة التي تعرفها. بل أكثر من ذلك فالمدينة التي تشهد واحاتها تصوير أفلام عالمية شهيرة لا توجد فيها دور سينما بعد سنوات من إغلاق قاعتين سينمائيتين لأسباب غير واضحة. قبلة السينمائيين العالميين المناظر الطبيعية هنا تتناسب مع مختلف الحقب والأحداث التاريخية وتتيح تصوير أفلام ذات مواضيع متنوعة. وقد اكتشف مخرجون عالميون منذ عشرات السنين مؤهلات هذه المدينة الهادئة فحملوا معداتهم إليها، وكان أول فيلم تم تصويره «راعي الماعز المغربي» قبل مائة عام. بعدها ستتوالى الأفلام الدولية وتصبح ورزازات قبلة لألمع النجوم العالميين. ألفريد هيتشكوك، مارتن سكورسيزي، ليوناردو ديكابريو، براد بيت وغيرهم كانوا هنا. وشكلت المنطقة فضاء لتصوير أفلام فرنسية وأمريكية وإسبانية وإيطالية وألمانية وبلجيكية وهولندية وأخرى من كوبا والبرازيل وجنوب أفريقيا. لكن سكان المنطقة و»أبطالها الحقيقيين» لا يستفيدون من هذه الصناعة ذات الإمكانيات الهائلة. يقول شاب من المدينة يعمل أحيانا «كومبارس» إن شباب المدينة «يتفرجون فحسب» على ما تشهده مدينتهم الصغيرة دون أن يستفيدوا من ذلك معتبرا أنه «إذا كان مجال السينما في دول أخرى يشكل مصدرا ثابتا للعيش لمن يعملون فيه، فإنه من المستحيل أن يكون الحال كذلك في ورزازات». ويضيف كمال أن المبالغ الضخمة التي تدفعها الشركات العالمية في تصوير الأفلام لا تنعكس على أجور الكومبارس و العاملين في الأفلام، هذا إن تم السماح لهم بالعمل أصلا». أما الإقبال على ورزازات فلا يرجع إلى طبيعتها الخلابة فحسب بل وإلى وفرة اليد العاملة والحرفيين و التقنيين المتخصصين بكلفة مناسبة، بالإضافة إلى انخفاض الرسوم المالية الخاصة بالتصوير في المواقع والمآثر العمرانية، وكذا الرسوم الجمركية. هذا ما يجعل كلفة الإنتاج تنخفض إلى النصف أو أكثر مقارنة مع أوربا وأمريكا. ورغم أن الإنتاج السينمائي يعتبر النشاط الرئيسي في المدينة إلى جانب السياحة التي تتغذى منه إلا أن هذا النشاط لا يرقى إلى مستوى تطلعات أبناء المدينة لأسباب مختلفة. ويعقب شاب آخر في العشرينات، يعيش في ورزازات سبق وعمل «كومبارس» هو الآخر في أحد الأفلام، قائلا «تم قبولي بصعوبة بالغة وكنت أتقاضى 300 درهم لليوم فيما يتقاضى شبان من مدن أخرى مبلغ 600 درهم أو أكثر». معهد للمهن السينمائية وتؤكد مصادر أنه يتم التلاعب بأسماء المرشحين لمباريات (كاستينغ) اختيار الممثلين الكومبارس وتستعمل العلاقات الخاصة، والتلاعب بأجور العاملين لفائدة السماسرة الذين يتوسطون بين المرشحين والمنتج». لكن مسؤولا في استوديوهات «أطلس كوربوريشن» يعتقد أن «السينما والسياحة فقط يحركان المدينة ودونهما يكون هناك ركود اقتصادي وتتوقف فيها الحياة تماما». ويؤكد متحدث على أن السينما بالخصوص تسهم في إنعاش المدينة من خلال توفيرها فرص عمل للشباب. ويوضح ذلك بالقول إن عدد الرحلات نحو مطار ورزازات يوميا يتضاعف كلما كان هناك نشاط سينمائي وما لذلك من تأثير إيجابي على عائدات الفنادق والأسواق المحلية و سيارات الأجرة ف»السينما تبعث حقا الحياة في المدينة». وفي معرض تعليقه على اتهامات بعض شباب المدينة للمسؤولين بالتلاعب لدى اختيار الكومبارس، يقول شاب من المدينة أن «في أي قطاع في العالم نسمع أن هناك مشاكل وانه تحدث تلاعبات وأناس غير راضيين» مضيفا أن الذين يشاركون في مباريات «الكاستينع» يأتون بصورهم وسيرهم الذاتية، والمسؤولون يعرفون عنهم كل شيء لذا فالمنتج يأتي مباشرة بمن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة» ويردف الشاب قائلا «مخرج الفيلم هو من يختار ويقرر في النهاية لذا لا يمكن التلاعب في هذه الأمور». وقبل حوالي خمس سنوات تم إحداث معهد متخصص في مهن السينما بورزازات من أجل تلبية الطلب المتزايد على الموارد البشرية من قبل المحترفين في مجال الصناعة السينمائية ويستقبل طلبة من مختلف أنحاء المغرب. ما محل السينما المغربية؟ سكان ورززات لا يستفيدون دائما من الصناعة السينمائية المزدهرة في مدينتهم وتبدو السينما المغربية شبه غائبة عن فضاءات ورزازات فالأعمال المغربية التي صورت هنا نادرة، ويقول ياسين أحجام ممثل و مخرج مسرحي مغربي إن «هناك قطيعة تامة بين السينما المغربية واستوديوهات ورزازات، لأن المعدات التقنية لهذه الأخيرة تخضع للمعايير العالمية وتتطلب إنتاجا ضخما وميزانيات كبيرة، بينما الأفلام المغربية يضيف أحجام «تخضع لإنتاج الدولة وبالتالي لا يمكنها الاستفادة من هذه الإمكانيات الباهظة». ويشير الفنان المغربي إلى سبب آخر لهذه «القطيعة» وهو أن الأفلام المغربية تخضع لسينما المؤلف أو سينما المخرج وليست أفلاما ذات طابع تجاري كتلك التي تصور في استديوهات ورزازات.