يطرح علاج الحالة الحدية، بسبب تقلبها وتداخل أعراضها، صعوبات عدة. ولذلك من الضروري الاستعانة بالوعي السليم بالمرض، مع اللجوء إلى وسائل علاجية متنوعة في تحسين الحالة والتخفيف من الأعراض والسلوكات الصعبة أو الخطرة. وأول نصيحة يمكن أن نقدمها للأشخاص الذين لديهم شك في أنهم مصابون باضطراب «الشخصية الحدية» هو ألا يتسرعوا في تشخيص حالتهم، بل عليهم أن يلجؤوا إلى الطبيب المختص الذي يستطيع وحده، وبمتابعة الحالة لمدة كافية، وضع التشخيص ووصف العلاج. فالتشخيص ليس عملية عشوائية ولا مهمة سهلة، بل هي عملية تنبني على المعرفة المتخصصة والتجربة الكافية والمتابعة والصبر الطويلين. كما أن على أهل المصاب أن يفهموا الفهم الصحيح أعراض الحالة وطبيعتها، وأن يعلموا بأنها مرض حقيقي، وليست «دلعاً» يقوم به المريض، أو ما يسمى عندنا بالفشوش. وبالتالي عليها التوقف من إلقاء اللوم عليه باستمرار. لكن ليست هناك وسيلة موحدة جامدة للتعامل معه، وينصح بأن يجمع بين الحزم واللين، فتراعي الأسرة اضطراب مشاعر المريض وتقوم بجهد للتخفيف عليه، وتصبر على الكثير من تصرفاته، ولكن عليها ألا تترك له المجال لإيذاء نفسه أو إيذاء غيره. ويتضمن علاج اضطراب الشخصية الحدية نوعين من العلاجات: العلاج بالأدوية والعلاج النفسي السلوكي، دون إغفال أهمية العلاج النفسي التدعيمي الذي يتضمن أساسا التواصل والتحاور الجيدين، والتشجيع ورفع المعنويات. أولا، العلاج بالأدوية: فتستلزم الحالة في أغلب الأحيان الجمع بين أدوية مختلفة. وأكثر ما يستعمل منها مضادات الاكتئاب لمعالجة نوبات الاكتئاب التي تكثر لدى هذا النوع من المصابين. وتستعمل الأدوية «معدلات المزاج» بوصفها علاجا على المدى المتوسط والطويل لتقلبات المزاج التي تشكل واحدة من السمات الأساس لمثل هذه الحالات. ويمكن أيضا استعمال الأدوية مضادات الذهان غير التقليدية للتخفيف من السلوكات الخطرة أو الانفعالية لدى المصاب، وللتحكم في نوبات الذهان القصيرة التي يعاني منها. ويمكن أخيرا الاستعانة بالمهدئات (أو الأدوية مزيلات القلق) في علاج نوبات القلق و التوتر. ويقوم الطبيب عادة بالمرور من أدوية لأخرى، أو الاحتفاظ ببعضها لمدد طويلة حسب تطورات الحالة التي لا يمكن في الغالب أن نستبقها أو نتنبأ بمآلاتها. ثانيا، العلاج السلوكي: وهو علاج يتم عن طريق الجلسات الحوارية ويستلزم مدة طويلة، ويتضمن العديد من الخطوات أهمها: تدريب المريض على التحكم في نزعاته ونوبات غضبه والسيطرة عليها، وتدريبه على الصبر وتحمل النقد وتخفيف حساسيته تجاهه، وتصحيح طرائق التفكير الخاطئة لديه، وتدريبه على المهارات الاجتماعية لزيادة تواصله وتعامله مع الآخرين وبناء علاقات شخصية سليمة. وتفيد بعض الدراسات أنه بعد عشر سنوات من العلاج، تختفي الأعراض الخطرة والمدمرة لدى حوالي نصف هؤلاء المرضى. كما أن أغلبهم تستقر حالتهم تدريجيا، من حيث تعبيراتهم العاطفية والوجدانية، أو من حيث علاقاتهم الاجتماعية أو المهنية، عندما يبلغون ما بين الثلاثين والأربعين سنة من العمر.