في سابقة جديدة، قررت الجمعية العمومية السنوية التي عقدتها المحكمة الاجتماعية في حي الألفة بالدار البيضاء، يوم الجمعة الماضي، إلغاء مستحقات المتعة الخاصة بالزوجة المطالبة بالطلاق للشقاق، رغم تنصيص مدونة الأسرة على ذلك. واستندت المحكمة الاجتماعية (محكمة الأسرة سابقا) في اتخاذها هذا القرار إلى اجتهاد قضائي أصدره رئيس غرفة في المجلس الأعلى، يقضي فيه بإلغاء متعة الزوجة المطالبة بالطلاق للشقاق، معتبرا أن هذا النوع من الطلاق هو بمثابة خلع يستوجب تنازل الزوجة عن بعض حقوقها من أجل التطليق. وحسب مصادر حضرت أشغال الجمعية العمومية السنوية للمحكمة الاجتماعية، والتي يرأسها رئيس المحكمة وتعرف حضور القضاة ووكيل الملك ورئيس كتابة الضبط من أجل تسطير البرنامج السنوي للمحكمة، فإن المحكمة الاجتماعية في البيضاء قررت حذف المتعة بالنسبة إلى المرأة المطالبة بالطلاق «لتفادي الشكايات الكيدية»، والمقصود بها الشكايات التي تطالب من خلالها زوجات بالطلاق من أجل الاستفادة من متعة من أزواجهن، وهو تعويض يرتفع أو ينخفض وفق ما يجنيه الزوج من عمله. وأفادت ذات المصادر بأن المحكمة استشهدت، لتدعيم قرارها، بحالات عرضت على أنظارها تتعلق بطلب زوجات الطلاق للشقاق لأسباب بعضها «تافه»، مثل حالة عرضت على المحكمة قبل 3سنوات تتعلق بامرأة تقدمت بدعوى طلاق للشقاق لأن الزوج دخل متأخرا إلى المنزل، وكان يحمل معه «كاشير» ورفض أن يعطي منه للزوجة، فطالبت بالطلاق للشقاق، وحكمت محكمة الأسرة في حي الأحباس بالدار البيضاء لصالحها بمستحقات كبيرة. وبررت المحكمة قرارها أيضا بأن ارتفاع سقف المتعة، والذي قد يصل إلى 20 مليون سنتيم، يغري نساء بمطالبة أزواجهن لأسباب تافهة بالطلاق، وعندما يصدر حكم قضائي ابتدائي يقوم الزوج باستئنافه، مما يؤدي إلى ارتفاع عدد الملفات المستأنفة من قبل المحكمة الاجتماعية الاستئنافية والمجلس الأعلى، ويشكل ضغطا كبيرا على القضاء. ومن المنتظر أن يخلق هذا القرار جدلا كبيرا، خاصة من طرف الجمعيات النسائية، خصوصا وأنه يلغي مقتضى قانونيا محددا ضمن مدونة الأسرة، والتي تشير في أحد فصولها إلى أن مستحقات الزوجة تشمل الصداق المؤخر إن وُجد، ونفقة العدة، والمتعة التي تراعى في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج وأسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيعه. من جانبها، اعتبرت نزهة العلوي، منسقة شبكة نساء من أجل نساء وعضو اتحاد العمل النسائي، أن هذا الاجتهاد القضائي كان موضوع نقاش تم طرحه عليها مرارا، موضحة أنه اجتهاد وحيد في المجلس الأعلى، وهو ما يعني أنه لا يمكن أن يؤخذ به، حسبها، بدعوى أن ما يسمى اجتهادا قضائيا هو الذي يصدر عن غرفتين مجتمعتين في المجلس الأعلى وليس عن غرفة واحدة. وأبرزت العلوي، وهي في الوقت ذاته محامية بهيئة القنيطرة، أن ما يقلل من أهمية هذا الاجتهاد القضائي هو قاعدة «لا اجتهاد مع وجود النص»، مشيرة إلى أن مدونة الأسرة تنص على المتعة في حالة طلاق رجعي أو طلاق للشقاق، إما بطلب من الزوج أو الزوجة، على اعتبار أن المدونة لا تفصل في هذا الأمر. وأضافت العلوي، في اتصال هاتفي أجرته معها «المساء»، أن قرار المحكمة الاجتماعية بالدار البيضاء المذكور هو قرار صادر عن جمعية عمومية، وبالتالي لا يمكن اعتباره اجتهادا قضائيا، مشيرة إلى أن طلب المتعة يمكن أن يكون في بعض الحالات تعسفا من طرف الزوجة، وليس بمقتضى السلطة المخولة للقضاة، وآنذاك فالواجب تخفيض المتعة وليس إلغاؤها.