بعد ثلاثة أشهر من إطلاق رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مبادرته حول ملف السلفية الجهادية في السجون، بقصد إيجاد مخرج له وتمكين المعتقلين من الاستفادة من العفو الملكي، تسلم هذا الأخير يوم الاثنين الماضي من منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، الجهة الحقوقية التي نصبت نفسها وسيطا بين المعتقلين والمجلس، أول دفعة من إفادات معتقلي التيار، المتضمنة لردود هؤلاء على الأسئلة الثلاثة التي تشكل المبادرة، وهي الموقف من العنف والموقف من المؤسسة الملكية والالتزام بالتخلي عن الفكر المتطرف. وكشف خليل الإدريسي، الكاتب العام لمنتدى كرامة لحقوق الإنسان، في تصريحات ل«المساء» أن الدفعة الأولى من الرسائل الخطية والإفادات التي توصل بها المنتدى يقدر عددها ب67 رسالة، تشمل مختلف السجون حيث يتواجد المعتقلون المحكومون بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب، تم وضعها رهن إشارة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وستكون موضوع متابعة بينه وبين المنتدى «لمعرفة الآليات التي سيتخذها المجلس في التعامل معها». وقال الإدريسي إن ما توصل به المنتدى حتى الآن «مجرد لائحة أولية»، وأن هناك دفعة أخرى وجهها المعتقلون للمنتدى لم يتوصل بها بعد، كما أن المجلس الاستشاري توصل بعدد من الرسائل التي لم يتلق المنتدى نسخا عنها. والمعتقلون الذين تجاوبوا مع المبادرة حتى الآن يمثلون غالبية السجون، باستثناء سجني فاس وأكادير، مثل السجن المركزي بالقنيطرة، والسجن الفلاحي العدير، والسجن المحلي سيدي موسى بالجديدة، ثم السجن المحلي بوجدة والناضور، وسجني سوق الأربعاء وسطات. إلا أن عدد الذين تجاوبوا مع مقترح أحمد حرزني كان قليلا، ويعزى ذلك إلى أن المعتقلين، حسب مقربين من هؤلاء، يرون بأن المبادرة لا تعكس موقفا رسميا من قبل الدولة، وإنما هي مجرد مبادرة شخصية من حرزني نفسه غير مدعومة بأي ضمانات تخول لها النجاح، كما أن معتقلين آخرين، ممن يرون أنهم تعرضوا لمحاكمات جائرة، يعتبرون أن التجاوب مع المبادرة هو نوع من الإقرار بالأفعال المنسوبة إليهم والتي على أساسها أدينوا. وفي هذا الصدد قال خليل الإدريسي إن المنتدى يبقى على تواصل دائم مع المعتقلين الذين رفضوا التجاوب مع المبادرة، لمناقشة الآليات التي يرون أنها كفيلة برد الاعتبار إليهم ورفع المظلومية عنهم، وقال إن ما يسمى بتيار السلفية الجهادية في السجون لا يشكل «وحدة متجانسة»، وإن المنتدى، ومعه المجلس، يتعامل مع المعتقلين كأفراد وليس كمجموعات. وحول مضامين الرسائل والإفادات التي تلقاها المنتدى كشف الإدريسي أنه لم تكن هناك صيغة محددة سلفا يشترط على المعتقلين الانضباط لها، وأن المجلس لم يشترط أي صيغة محددة، مضيفا أن القاسم المشترك بين جميع الرسائل التي تلقاها المنتدى هو إبراز المعتقلين لبطلان التهم المنسوبة إليهم وتأكيدهم على الالتزام بثوابت الشعب المغربي وعدم التشكيك في أي واحد منها. وحول ما إذا كان فشل هذه المبادرة قد يؤدي إلى عودة الملف إلى نقطة الصفر وعدم التحاق المعتقلين الآخرين بها، قال الإدريسي إن نجاح المبادرة من شأنه أن «يعطي انفراجة مؤقتة في هذا الملف الذي يعني الآلاف من الأشخاص، إذا أضفنا إلى المعتقلين أبناءهم وعائلاتهم»، مؤكدا أن المقاربة الأمنية والقضائية فشلت منذ تطبيقها عام 2003 «والدليل هو أننا ما زلنا نسمع عن خلايا إرهابية جديدة، بحيث إن تلك المقاربة لم تؤد إلى القضاء على تلك الخلايا».