في سابقة من نوعها في تاريخ احتجاجات الأساتذة الجامعيين في مختلف كليات المغرب، عمد عدد من الأساتذة، ومعهم طلاب يتابعون دراستهم في كلية الشريعة في فاس، صباح يوم أول أمس السبت، إلى «اقتحام» مقر جديد لرئاسة جامعة القرويين في حي «بندباب» الشعبي في فاس، ب»التزامن» مع اجتماع لجنة كلفتها وزارة التعليم العالي بالإشراف على عملية اختيار ثلاثة مرشحين لشغل منصب عميد كلية الشريعة. وأجبرت اللجنة، التي كان مدير دار الحديث الحسنية يترأسها، أمام حدة الاحتجاجات وأمام انسحاب 3 مرشحين من التباري بعد الطعن في العملية، ومنهم العميد الحالي للكلية، إلى تأجيل اختيار المرشحين إلى أجَل لاحق، فيما قرر الطلبة المحتجّون الذين يطالبون ب»محاسبة» رئيس الجامعة بالنيابة، قبل «رحيله»، إخلاء كلية الشريعة ومواصلة اعتصامهم المفتوح أمام رئاسة الجامعة. وأعلن بيان لفرع نقابة التعليم العالي في كلية الشريعة عن قرار تجميد الهياكل الجامعية ومقاطعة انتخابات الهياكل الجديدة وخوض سلسلة من الإضرابات. وطالب بفتح باب الترشيح لرئاسة الجامعة أولا، انسجاما مع ما أسماه «روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ومقتضيا ت القانون الإطار01.00». ومن جهة أخرى، أشار كل من حسن الزاهر، العميد الحالي للكلية بالنيابة، والحسن العمريش وعبد الرحيم شطيبة، وهم من الأساتذة الجامعيون ال9 الذين قدّموا ترشيحاتهم لشغل هذا المنصب، إلى «اختلالات» تشوب العملية وأعلنوا عن مقاطعتهم لها. ومن أبرز هذه الاختلالات، يقول المرشحون الثلاثة، «تسرب» أسماء أعضاء اللجنة المشرفة وتحول رئيس جامعة القرويين بالنيابة، و»الذي يعتبر طرفا رئيسيا في النزاع مع جميع مكونات الكلية»، حسب تعبير بلاغ الأساتذة، إلى طرف رئيسي في العملية وتدخله «في تشكيل اللجنة المذكورة لصالح مرشح قريب منه». وكانت كلية الشريعة في فاس قد عاشت، في السنين الأخيرة، على إيقاع شد الحبل بين الأساتذة وبين رئيس جامعة القرويين بالنيابة، والذي كان في الوقت نفسه يشغل منصب عميد للكلية بالنيابة. وقرر الأساتذة تصعيد احتجاجاتهم، عبْر نقلها إلى قبالة مقر قطاع التعليم العالي في الرباط، ما دفع وزير التعليم العالي إلى التدخل لإبعاد العميد بالنيابة وتكليف حسن الزاهر، وهو ضمن كوكبة المحتجّين، بتدبير شؤون الكلية في انتظار الإعلان عن فتح الترشيحات لشغل المنصب. لكن هذا القرار لم يحُلَّ المشاكل في الكلية. فقد وجد العشرات من الطلاب المتخرجين أنفسهم بدون شهادات التخرج، بسبب رفض رئيس الجامعة بالنيابة التوقيع على شهادات تحمل توقيع «غريمه» العميد. وقرر الطلاب، بدورهم، الدخول في عدة احتجاجات، قبل أن يتم التدخل لتسوية المشكل. وعاشت الكلية فقرا في الميزانية بسبب شد الحبل بين الطرفين، ما دفع العمادة الحالية، ومعها الأساتذة، إلى البحث عن «دعم» المجالس المحلية والمؤسسات العلمية والأكاديمية، التي تقاسم الكلية نفس الانشغالات. وكانت لجنة من وزارة التعليم العالي قد حلّت، يوم 8 يونيو الماضي، بالجامعة، ترأسها الكاتب العام للتعليم العالي، عبد الحفيظ الدباغ، ومعه مدير الشؤون القانونية، بعدما عمد الأساتذة إلى «الاستعانة» بالفريق الفدرالي في مجلس المستشارين لطرح إحاطة علما ب«الوضعية غير القانونية» لجامعة القرويين. وتم الاتفاق مع الكاتب العامّ لقطاع التعليم العالي بفتح باب الترشيحات لمنصب عميد الكلية، وبعده لمنصب رئاسة الجامعة. ويقول الأساتذة المحتجّون إنهم اتفقوا مع اللجنة على أن يتم الإشراف على المباراة من قِبَل لجنة «محايدة»، لكن هذا الاتفاق، من وجهة نظرهم، لم يتمَّ الوفاء به.