فتحت وزارة التربية الوطنية ملف كلية الشريعة بجامعة القرويين بفاس. وزارت لجنة تضم أربعة مسؤولين من الوزارة يوم الجمعة الماضي أساتذة قرروا خوض اعتصام مفتوح تحت خيمة صغيرة وسط الكلية واستمعت إلى تظلماتهم. كما زارت اللجنة التي تتكون من مدير الموارد البشرية والميزانية بالوزارة ومدير الشؤون القانونية وممثل عن مديرية التعليم العالي والكاتب العام السابق لجامعة محمد بن عبد الله بفاس، عميد الكلية واستمعت إلى دفوعاته. ووعدت اللجنة الطرفين بالعودة مجددا، الأسبوع الجاري، إلى إجراء وساطة تراهن عليها لإخماد فتيل الأزمة في الكلية. فيما قرر الأساتذة المحتجون الاستمرار في اعتصامهم المفتوح والذي بدؤوه منذ حوالي أسبوع إلى حين إنهاء وضع ل«التراجع» في كليتهم. وتطالب نقابة التعليم العالي بوضع حد لما تسميه ب «استفزاز الأساتذة من خلال توجيه استفسارات لهم، وحرمانهم من حقوقهم العادلة والمشروعة في الترقيات والتأهيل وشهادة العمل»، متهمة عميد الكلية ب«تماديه في سلوك أسلوب الإقصاء والتهميش» وعدم إشراكهم في تدبير شؤون المنظومة البيداغوجية بالكلية وممارسته سياسة ازدواجية المعايير في التعامل معهم، وتجاوزاته المتكررة لمقررات الهياكل المنتخبة بالمؤسسة بقصد إضعافها. وإلى جانب ذلك، تورد هذه النقابة أن عميد الكلية يعتبر حقوق الأساتذة امتيازا ويستنطق بعضهم لمجرد مشاركتهم في وقفات احتجاجية ويتطاول على ترقياتهم ويستفزهم بتوجيه استفسارات لهم لا موجب لها. كما تشير إلى أن العميد يعرقل التأهيل الجامعي ويرفض تمكين أحد الأساتذة من شهادة العمل. أما علي الصقلي، عميد الكلية ورئيس جامعة القرويين بالنيابة، فهو يرى أن الخلاف الموجود بينه وبين هؤلاء الأساتذة هو خلاف مرتبط بتفسير القانون، قائلا إنهم يفضلون الحديث عن تقاليد موجودة في بعض المؤسسات الجامعية الأخرى، في الوقت الذي يتمسك فيه هو بتطبيق القانون. وبالرغم من عدة محاولات للصلح بين الطرفين، فإن الأزمة في هذه الكلية مرشحة للاستمرار، خصوصا وأن الأساتذة المضربين بدؤوا يطالبون بإزاحة العميد من على المسؤولية وتطبيق بنود الإصلاح الجامعي في كليتهم. وكانت آخر حلقة للحوار بين الطرفين قد عقدت يوم الاثنين الماضي. وتعيش جامعة القرويين، والتي تتبع لها أربع كليات للشريعة في كل من فاس ومراكش وتطوان وأكادير، وضعا شاذا بسبب تعثر تطبيق بنود الإصلاح الجامعي بها، بالرغم من مضي ما يقرب من 7 سنوات على اعتماده في مختلف الجامعات المغربية. وتربط المصادر بين تعثر هذا الإصلاح في جامعة القرويين، وبين وجود خطط رسمية للإصلاح الديني بالمغرب. فالجامعة تفتقد لرئيس منذ أزيد من 8 سنوات، ويدير شؤونها بشكل مؤقت رئيس بالنيابة. والرئيس بالنيابة هو ذاته الذي يتولى منصب عميد كلية الشريعة بفاس منذ حوالي 10 سنوات. ونفس الوضع يسود في كلية الشريعة بأكادير، والتي تعيش فراغا على مستوى الرأس المدبر. ويشرف على ملء هذا الفراغ عميد بالنيابة. أما بكلية اللغة العربية بمراكش، فلا يزال نفس المسؤول يشغل منصب العميد منذ ما يقرب من 18 سنة. فيما تعيش كلية أصول الدين في تطوان وضعا له أكثر من «خصوصية» بالنظر إلى كون عميدها أصبح متقاعدا ومع ذلك فهو لا يزال يباشر مهامه. وإلى جانب ذلك، فإن أغلب الأساتذة الجامعيين بهذه الكلية قد حصلوا على التقاعد ولسد فراغ «المغادرة الطوعية» والتقاعد، لجأت إدارة الكلية إلى التعاقد مع عدد من هؤلاء الأساتذة من جديد، وذلك «تجنبا» ل«مغامرة» توظيفات جديدة، في انتظار الإعلان رسميا عن مخطط لإعادة النظر في دور أعرق جامعة مغربية على الصعيد العالمي ومراجعة مناهجها وشعبها.