الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنعمرو: الدولة لن تسمح للعدالة والتنمية بترؤس الحكومة و التحالف الثماني «مصيبة كحلة»
الكاتب الوطني لحزب الطليعة ل« المساء »: الداخلية ستتلاعب بالانتخابات والمشاركة ستكون ضعيفة
نشر في المساء يوم 24 - 11 - 2011

يشرح عبد الرحمان بنعمرو، الكاتب الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في هذا الحوار مع «المساء» الأسباب الحقيقية
التي جعلت حزبه يتخذ قرار مقاطعة الانتخابات التشريعية، مثيرا بعض ما أسماها المؤشرات التي توحي بأن الداخلية ستتلاعب بالانتخابات. وأكد بنعمرو في الآن نفسه أن الواقع السياسي المغربي الحالي لا يبشر بوجود إصلاح سياسي حقيقي، مبرزا في السياق نفسه أن الدولة لن تسمح لحزب العدالة والتنمية بترؤس الحكومة المقبلة في حال نيله الرتبة الأولى في الاستحقاقات التشريعية. من جهة أخرى، اعتبر بنعمرو التحالف الثماني الذي يقوده حزب التجمع الوطني للأحرار «مصيبة كحلة» أصابت نظام الحكم في المغرب.
- اتخذ حزب الطليعة الديمقراطي قرار مقاطعة الانتخابات المزمع إجراؤها بعد غد الجمعة. ماهي الأسباب التي جعلته يتبنى مثل هذا الموقف؟
قرار المقاطعة الذي اتخذه حزبنا على مستوى أعلى هيئاته التقريرية، المتمثلة في المجلس الوطني واللجنة المركزية، يرتكز على مبررات دستورية وقانونية وعملية. بالنسبة للمستوى الدستوري والقانوني، سجلنا أن الانتخابات المقبلة لن تختلف عن باقي الانتخابات السابقة، التي لم تتوفر فيها الضمانات القانونية والعملية، وأقصد بالعملية إرادة الدولة تطبيق القانون، وليس استعمال القانون كواجهة للترويج الإعلامي، ثم مخالفته في الواقع. ذلك أن سيادة القانون تقوم على شرطين أساسين لا ينفصل أولهما عن ثانيهما. يتجلى الشرط الأول في الضمانات القانونية المسطرة في النصوص، والشرط الثاني يتمثل في تطبيق هذه الضمانات في الواقع. والذي يراقب هذا الأمر هي الدولة المغربية بأجهزتها التنفيذية والتشريعية. وعلى هذا الأساس، لم تلتزم السلطات في كل الاستحقاقات التي شهدها المغرب بمبدأ ثابت هو حياد السلطة، كما لم تراجع الدولة اللوائح الانتخابية بشكل دقيق، ولم تعمل على ملاحقة مستعملي المال الحرام لشراء الذمم ومفسدي الانتخابات.
- لكن، يبدو أن خيار المقاطعة عند الطليعة لم يتعامل مع المتغيرات الحالية، بل استند على ملاحظاته لما جرى في الانتخابات السابقة. ماهي المؤشرات التي أوحت للحزب بأن الدولة ستتلاعب بالانتخابات المقبلة، سيما أن المغرب دخل لحظة دستورية جديدة؟
الذي جعلنا نوقن بأن الدولة ستتلاعب بالانتخابات المقبلة هو أنه لا معنى للإصلاح بدون وجود مصلحين. الضمانات القانونية يطبقها أشخاص لهم مسؤوليات محددة، وينبغي أن تتوفر لدى هؤلاء الأشخاص صفات أخلاقية وسلوكية معينة، وكذلك امتلاكهم الكفاءة الكافية للتعامل مع المحطة الانتخابية. والملاحظ أن الأجهزة والرموز القديمة، التي دأبت على تزوير صناديق الاقتراع، هي التي تتولى الإشراف على هذه الانتخابات.
- ماذا تقصد بالرموز والأجهزة السابقة؟
بطبيعة الحال، أقصد بالدرجة الأولى وزارة الداخلية، التي لديها سوابق في تزوير الانتخابات والقمع بواسطة أجهزتها القمعية. لا يسمح المقام هنا بذكر أسماء بعينها، لكن تصرفاتهم وسلوكاتهم تشي بذلك. عودة إلى سؤالكم السابق حول الأسباب التي أدت بنا إلى مقاطعة الانتخابات، أود أن أشير إلى أن الضمانات التي طالبنا بها ولم تتم الاستجابة لأي منها، إذ على سبيل المثال، طالبنا بأن تشرف على الانتخابات هيئة وطنية مستقلة، وتكون وزارة الداخلية تابعة لتوجيهاتها. وطالبنا كذلك بتوسيع دائرة الناخبين على أساس أن تصبح بطاقة التعريف الوطنية ضامنة لحق التصويت لكل من يحملها بصفة تلقائية دون الحاجة إلى طلب التقييد في اللوائح الانتخابية، فلم تستجب الدولة لمطلبنا، بالرغم من أن السلطات سمحت بالتصويت بالبطاقة الوطنية شريطة أن تكون مقيدا باللوائح، الأمر الذي سيحرم أكثر من ثمانية ملايين من الشباب الواعي من المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة.
بيد أن الفضيحة الكبرى في إجراء هذه الانتخابات تكمن في أنها ليست مشروعة بسبب مخالفتها مقتضيات الدستور الجديد، خاصة الفصول 62، 51 و96، فالدستور ينص بشكل صريح على أن مدة انتخاب مجلس النواب هي خمس سنوات، ومن المعلوم أن البرلمان الحالي انتخب يوم 7 شتنبر 2007، وبذلك فإن ولايته لن تنتهي إلا في 7 شتنبر سنة 2012، الشيء الذي سيؤدي إلى إجراء انتخابات جديدة ليفتتح البرلمان في أكتوبر من السنة المقبلة. والسؤال المطروح في هذا الباب هو: هل يجوز ذلك من الناحية القانونية والدستورية؟ طبعا يمكن أن يستقيم الأمر لو حل الملك البرلمان بمقتضى ظهير بعد أن يستشير رئيس المحكمة الدستورية ويخبر رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين ويوجه خطابا إلى الأمة. لكن ما حدث الآن أن الانتخابات ستجرى دون اللجوء إلى حل البرلمان. ولذلك، سيترتب عن ذلك بطلان مرسوم 19 أكتوبر، الذي نشر في الجريدة الرسمية المحدد لكل تفاصيل العملية الانتخابية. ويشمل هذا البطلان لوائح المرشحين والحملة الانتخابية وما ستسفر عنه صناديق الاقتراع. وبودنا أن يتصدى فقهاء القانون في الجامعات لهذه الفضيحة، سواء عبر تأكيد هذا التحليل أو نفيه عبر إيجاد مسوغات داخل الدستور تسمح بإجراء هذه الانتخابات دون أن تكون مقرونة بحل البرلمان. مع ذلك، فإن حزبنا يعتبر أن الدستور تم الدوس عليه مما يعني أن الدولة ماضية في ضرب القانون.
- لكن بعض المتتبعين يقولون إن قرار حزب الطليعة بمقاطعة الانتخابات لن يؤثر كثيرا على سير العملية الانتخابية، بل هناك من يتحدث عن تخوفات تساور الحزب من المشاركة على اعتبار أنه لن يحصل على نتائج جيدة في الاستحقاقات المقبلة. كيف تنظر إلى هذه التحليلات؟
أحسب أن مثل هذا التحليل ينبني على ادعاءات واهية من عدة وجوه، لعل أبرزها عدم وجود معايير دقيقة تحدد الأحزاب الضعيفة والأحزاب القوية وكذلك الأحزاب التي تتوفر على قاعدة قوية أو ضعيفة، مادام المغرب لم يعرف منذ الاستقلال انتخابات نزيهة وحيادية تسمح برسم تصور واضح المعالم عن الخريطة الحزبية المغربية، وإلا كيف نفسر أن حزبا لم يظهر سوى حوالي سنة أصبح القوة الحزبية رقم واحد بالمغرب، في حين أن أحزابا أخرى يعود تاريخ نضالها إلى ما قبل الاستقلال لازال حجمها ضعيفا بالمقارنة مع الحزب الجديد، الشيء الذي يمنح الانطباع بأن الدولة هي التي تضع خريطتها وتتحكم في سيرها ونتائجها. وفي الشروط الحالية لا نستطيع أن نزكي لعبة استنفدت تعيد تكرار نفس الوجوه التي عجزت سنوات مضت عن تحقيق الإصلاح السياسي والديمقراطي. وأتوقع أن الجماهير سترفض هذه اللعبة وستقاطع بشكل كبير الانتخابات وستشهد الاستحقاقات المقبلة نسبة عزوف أقوى من نظيرتها السابقة. زد على ذلك أن هذه الانتخابات ستجرى في ظرفية تتعالى فيها مطالب حركة 20 فبراير بضرورة القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية دون أن تلتفت الدولة إلى ذلك، بل تسعى، بشتى السبل، أن تلتف على مطالبها وتوهم الجميع بأن المغرب نحا بالفعل في اتجاه تكريس الديمقراطية. وهذا يعني بصيغة أخرى أن البرلمان المقبل لن يكون ممثلا للإرادة الشعبية.
- هل تعني أن حزب الأصالة والمعاصرة خلقته السلطة ودعمته؟
بطبيعة الحال، أقصد هي التي خلقته وأعطت له الإمكانات المالية واللوجيستيكية والسلطوية، وإلا فإن الأمر شبيه بالمعجزات التي لم يعد يصدقها أحد. صراحة لا يمكن أن يتقبل عاقل أن حزبا تمكن في ظرف سنة أن يحصل على أكبر عدد من مقاعد الانتخابات البلدية قبل أن يشكل أقوى فريق برلماني بفضل انضمام نواب رحل إليه.
- هناك من يعيب على حزب الطليعة الديمقراطي أنه يتخذ مواقف راديكالية، ففي الوقت الذي طورت أحزاب أخرى خطابها السياسي ودفعت باتجاه الإصلاح الديمقراطي من داخل المؤسسات، بقي الحزب حبيس سياسة «المقعد الفارغ»، الشيء الذي أدى إلى انحسار نفوذه. إلى أي مدى يمكن أن يصح هذا الرأي؟
نحن نقدر وجهة نظر بعض الأحزاب المحسوبة على اليسار ونحترم خياراتها القائمة على النضال من داخل المؤسسات، لكن لا نشاطرها نفس الرأي. صحيح أن العمل من داخل البرلمان له أهميته، لكن بشروط لم تتوفر إلى حدود الآن، من بينها وجود دستور ديمقراطي حقيقي. إذ هناك عدة ثغرات تعتري الإصلاح الدستوري الجديد، لعل من أبرزها أنه لا يمثل إرادة الشعب المغربي، ومصدر السلطات فيه لا يمكن أن تكون للناخب ولا للحكومة نظرا لأن المؤسسة الملكية ما تزال تُحكم القبضة على معظم السلطات في الميادين الدينية والعسكرية والاقتصادية. علاوة على أن البرلمان المقبل سيتشكل من أغلبية كبيرة للأحزاب الإدارية سبق إنتاجها ولا زال لديها نفوذ كبير. وأنا أعتبر التحالف الثماني ممثلا شرعيا للأحزاب الإدارية، يوجهه حزب الأصالة والمعاصرة، وحزب التجمع الوطني للأحرار هو فقط بمثابة المنسق والحزب الذي يوضع في الواجهة الإعلامية، وهذه الأحزاب لا يعرف لها تاريخ في النضال من أجل الديمقراطية أو كانت لها مواقف ثابتة في مراحل حاسمة من تاريخ المغرب الحديث.
- من المعلوم أن حزب الاتحاد الاشتراكي كان قد دخل في سلسلة من المشاورات لتشكيل قطب يساري. هل كان حزب الطليعة معنيا بهذا التحالف؟
لم يتوصل حزبنا بأي دعوة من أجل المساهمة في هذه المشاورات، لكن الغريب حقا هو أن الحزب الاشتراكي بزعامة بوزوبع كان يسعى إلى تشكيل قطب يساري قبل أن ينضم إلى التحالف الثماني، وكان الأمين العام للحزب الاشتراكي قد اتصل بي بهدف عقد لقاء بين الأحزاب التي كان من المفترض أن يتشكل منها هذا التحالف، لكن رفضنا ذلك بشكل قطعي لأن هذا اللقاء لم يسبقه تحضير قبلي لتقريب وجهات النظر والحسم في القضايا الخلافية. لكن الحديث بدأ يخفت عن هذا القطب اليساري لنفاجأ بأن الحزب اليساري التحق ب«جي 8». وفي هذا الصدد أرى أن هذا التحالف يحوي في ثناياه ما يشبه الماء والنار، وهما عنصران لا يلتقيان.
- وفي حالة ما فكر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في لمّ قوى اليسار، هل سيستجيب الطليعة لندائه؟
لابد من التذكير بأن حزبنا وجه منذ سنة 1989 نداء إلى الأحزاب الوطنية لإرساء جبهة وطنية للدفاع عن حق المغرب في الديمقراطية، لكن الأحزاب المغربية آنذاك لم تتعاط مع دعوتنا بالجدية اللازمة. مهما يكن من أمر، فإن الجبهة التي نريد تشكيلها، سواء في نطاق العائلة اليسارية أو في نطاق تحالف وطني، لا ينبغي أن تتأسس على مجرد مبادئ وشعارات ظرفية، بل على برنامج محدد من ناحية الزمن والمكان والمراحل التي ستقطعها وعلى أساس الدخول في نضالات ملموسة والاتفاق في إطار ندوة وطنية على دستور ديمقراطي، ثم يلي ذلك مجلس تأسيسي منتخب، وبعد ذلك تشكيل حكومة تعيد الثقة إلى المواطنين. أما بخصوص الاتحاد الاشتراكي فقد اختلفنا معه بشأن علاقته مع المؤسسات المزورة. وثمة خياران مطروحان في هذا الوقت بالذات: الأول يكمن في انسحاب الاتحاد الاشتراكي من هذه اللعبة ويقدم نقدا ذاتيا لمسار الحزب، وقتئذ يمكن أن نتحالف معه، أما المغامرة مع أحزاب تتبنى الخيارات المخزنية في كل المناحي، فذلك أمر غير وارد تماما.
- ننتقل إلى محور آخر يتعلق بالحركات الاحتجاجية، خاصة ما يرتبط منها بحركة 20 فبراير. هل تتوقع أن تستمر هذه الحركات في الشارع بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة المقبلة؟
الدولة ناورت كثيرا لتحاول الالتفاف على المطالب المشروعة للشعب المغربي، بل أتقنت إخراج الدستور الجديد، وروجت له كأنه هو الذي سيخلص المغرب من كل أزماته، مع العلم أن هذا الدستور أغفل الحديث عن جوانب أساسية تتصل بامتلاك السلطة الحقيقية في تسيير شؤون البلاد. وخلال هذه الفترة من الترويج للدستور الجديد تم احتواء العديد من النقابات والأحزاب، ولذلك تأثر كثيرون بهذه المناورة، واعتقدوا أن نظام الحكم أبدى مرونة في التعامل مع مطالب الشعب، فنتج عن ذلك التراجع الذي نلحظه في أعداد المتظاهرين خلال مسيرات 20 فبراير. أما عن مستقبل الحركة، فهي بلا شك ستتوسع أكثر فأكثر لأن سياسة الدولة ترتكز على تقديم الوعود تلو الوعود دون أن تنفذ أيا منها، وهو ما يولد إحباطا لدى شرائح واسعة من الشعب، خاصة في سياق يتسم باتساع دائرة الفساد وتراجع المغرب في مؤشرات التنمية البشرية على المستوى العالمي. ولاحظنا كيف أن الحركة دخلت منعطفا جديدا خلال احتجاجاتها الأخيرة. ومما يزكي توقعاتي حول استمرار هذه الحركات الاحتجاجية هو أن الشريحة المجتمعية التي تقود حركة 20 فبراير هي فئة الشباب، التي تبقى فئة قادرة على المواجهة وقادرة على التضحية.
- على ضوء ما قلت، كيف تقرأ معالم المشهد السياسي في أفق ظهور نتائج الاستحقاقات التشريعي، لاسيما أن سمات بعض التحالفات السياسية بدأت تظهر قبل موعد الانتخابات؟
طبعا الخريطة السياسية المقبلة لن تختلف في جزئياتها عن نظيرتها لسنة 2007، إذ ستكون المشاركة ضعيفة جدا، وأتوقع أن تكون أضعف بكثير من السابق، وستبرز من جديد ظاهرة الأصوات الملغاة، وما سيتبقى من الأصوات المحتسبة ستتوزع بين الأحزاب الكبرى، وستكون النتيجة جد متقاربة. والانتخابات كما قلت سلفا لن تتسم بالنزاهة والحياد. الآن، حسب المعلومات التي توفرت لدي، هناك استعمال للمال الحرام، والبادية ما تزال السلطة تتحكم فيها، إما بشكل مباشر أو عن طريق الأعيان. وفي رأيي فالدولة لن تسمح لحزب العدالة والتنمية بأن يتبوأ المرتبة الأولى، وإذا ما فكرت في ذلك، لن تعطي رئاسة الحكومة لعبد الإله بنكيران مادام الدستور ينص على أن الحزب الحاصل على الرتبة الأولى هو الذي سيترأس الحكومة ولا يؤكد أن أمينه العام سيحصل على هذا المنصب. لكن كيفما كانت الظروف، لن يفوز أي حزب بالأغلبية المطلقة. وحتى لو سمحت الدولة للعدالة والتنمية بالحصول على رئاسة الحكومة، فإن ذلك سيكون شريطة أن تختار نوع التحالفات. والسيناريو الآخر هو أن لا يحصل البرنامج الحكومي للحزب على موافقة البرلمان. ويقفز إلى ذهني تصور آخر هو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تضغط من أجل أن يمنح الحكم للإسلاميين المعتدلين بعدما أظهرت التجربة أن أمريكا أخطات كثيرا في عدم تعاملها مع الأحزاب ذات التوجه الإسلامي. لكن الدولة ستفكر طويلا قبل أن تقدم على منح رئاسة الحكومة إلى «البيجدي»، لاسيما إذا علمنا أن «جي 8» يتوفر على حظوظ كبيرة للظفر بهذا المنصب، وهو بالنسبة للدولة أقل ضررا من حزب العدالة والتنمية. غير أن هذا التحالف الثماني اكتسب أعداء كثرا في صفوف أحزاب الحركة الوطنية. وأعتبر أن هذا التحالف يشكل «مصيبة كحلة» على نظام الحكم، فإذا تولى منصب رئاسة الحكومة سيرفع من وتيرة الحركات الاحتجاجية من خلال انضمام أحزاب أخرى إلى حركة 20 فبراير.


حاوره: محمد أحداد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.