مجموعة العشرين تعقد قمة في البرازيل يطغى عليها التغير المناخي والحروب وانتخاب ترامب    الفرحة تعم أرجاء القصر الملكي غدا الثلاثاء بهذه المناسبة        دراسة: البحر الأبيض المتوسط خسر 70 % من مياهه قبل 5.5 ملايين سنة    تصعيد الأطباء يشل الحركة في المستشفى الحسني والمراكز الصحية بالإقليم    بريطانيا تفرض عقوبات جديدة ضد إيران        الحزب الحاكم في السنغال يستعد للفوز    مروحية الدرك تنقذ حياة زوجين مغربي وألمانية في جبال الأطلس    محرك البحث "غوغل" يحتفي بالذكرى ال 69 لعيد استقلال المملكة    تغييرات مرتقبة على تشكيلة الأسود ضد منتخب ليسوتو    هذه هي المنتخبات التي ضمنت رسميا التأهل إلى "كان المغرب" 2025    أجواء غير مستقرة بالمغرب.. أمطار وزخات رعدية وثلوج ابتداءً من اليوم الإثنين    رابطة ترفع شكاية ضد "ولد الشينوية" بتهمة الاتجار بالبشر    جائزة ابن رشد للوئام تشجع التعايش    فتح باب الترشح لجائزة "كتارا للرواية العربية" في دورتها الحادية عشرة    خبير جزائري في الذكاء الاقتصادي: الجزائر تفتقر إلى الثقل الدولي في قضية الصحراء    محامي حسين الشحات: الصلح مع محمد الشيبي سيتم قريبا بعد عودته من المغرب    انطلاق مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية وسط أجواء احتفالية تحت شعار " الألعاب الشعبية الدولية تواصل عبر الثقافات وتعايش بين الحضارات"    الداخلية الإسبانية تبرز دور فريق الوقاية المدنية المغربي في جهود الإغاثة في فالنسيا    هند السداسي تُعلن طلاقها بخطوة جريئة وغير مسبوقة!    المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    الدورة الرابعة من بطولة القسم الوطني هواة.. اتحاد الخميسات فاز بصعوبة على وداد تمارة    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    المغرب يرسل أسطولا إضافيا يضم 12 شاحنة لدعم جهود تنظيف قنوات الصرف الصحي في فالنسيا    فوزير يخضع لعملية جراحية ناجحة    تزامن بدلالات وخلفيات ورسائل    بعد غياب طويل.. الجمهور المغربي على موعد مع المطرب العراقي محمد السالم من    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    حجز أزيد من 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط وإيقاف المتورطين    اصطدام بين سيارة ودراجة نارية يودي بحياة شاب في خريبكة    بلجيكا وهولندا والمغرب في قلب صراع إجرامي بعد سرقة كوكايين    تاركيست: سيدة تضع حدًا لحياتها شنقًا    الجيش الإسرائيلي يعلن أن نحو 30 مقذوفا أطلقت من لبنان نحو إسرائيل    "تعزيز الضمانات التشريعية الوطنية بشأن مناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة" محور ورشة عمل بالبيضاء    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    المغرب يخنق سبتة ومليلية المحتلتين ويحرمهما من 80% من نشاطهما الجمركي    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنعمرو: الدولة لن تسمح للعدالة والتنمية بترؤس الحكومة و التحالف الثماني «مصيبة كحلة»
الكاتب الوطني لحزب الطليعة ل« المساء »: الداخلية ستتلاعب بالانتخابات والمشاركة ستكون ضعيفة
نشر في المساء يوم 24 - 11 - 2011

يشرح عبد الرحمان بنعمرو، الكاتب الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في هذا الحوار مع «المساء» الأسباب الحقيقية
التي جعلت حزبه يتخذ قرار مقاطعة الانتخابات التشريعية، مثيرا بعض ما أسماها المؤشرات التي توحي بأن الداخلية ستتلاعب بالانتخابات. وأكد بنعمرو في الآن نفسه أن الواقع السياسي المغربي الحالي لا يبشر بوجود إصلاح سياسي حقيقي، مبرزا في السياق نفسه أن الدولة لن تسمح لحزب العدالة والتنمية بترؤس الحكومة المقبلة في حال نيله الرتبة الأولى في الاستحقاقات التشريعية. من جهة أخرى، اعتبر بنعمرو التحالف الثماني الذي يقوده حزب التجمع الوطني للأحرار «مصيبة كحلة» أصابت نظام الحكم في المغرب.
- اتخذ حزب الطليعة الديمقراطي قرار مقاطعة الانتخابات المزمع إجراؤها بعد غد الجمعة. ماهي الأسباب التي جعلته يتبنى مثل هذا الموقف؟
قرار المقاطعة الذي اتخذه حزبنا على مستوى أعلى هيئاته التقريرية، المتمثلة في المجلس الوطني واللجنة المركزية، يرتكز على مبررات دستورية وقانونية وعملية. بالنسبة للمستوى الدستوري والقانوني، سجلنا أن الانتخابات المقبلة لن تختلف عن باقي الانتخابات السابقة، التي لم تتوفر فيها الضمانات القانونية والعملية، وأقصد بالعملية إرادة الدولة تطبيق القانون، وليس استعمال القانون كواجهة للترويج الإعلامي، ثم مخالفته في الواقع. ذلك أن سيادة القانون تقوم على شرطين أساسين لا ينفصل أولهما عن ثانيهما. يتجلى الشرط الأول في الضمانات القانونية المسطرة في النصوص، والشرط الثاني يتمثل في تطبيق هذه الضمانات في الواقع. والذي يراقب هذا الأمر هي الدولة المغربية بأجهزتها التنفيذية والتشريعية. وعلى هذا الأساس، لم تلتزم السلطات في كل الاستحقاقات التي شهدها المغرب بمبدأ ثابت هو حياد السلطة، كما لم تراجع الدولة اللوائح الانتخابية بشكل دقيق، ولم تعمل على ملاحقة مستعملي المال الحرام لشراء الذمم ومفسدي الانتخابات.
- لكن، يبدو أن خيار المقاطعة عند الطليعة لم يتعامل مع المتغيرات الحالية، بل استند على ملاحظاته لما جرى في الانتخابات السابقة. ماهي المؤشرات التي أوحت للحزب بأن الدولة ستتلاعب بالانتخابات المقبلة، سيما أن المغرب دخل لحظة دستورية جديدة؟
الذي جعلنا نوقن بأن الدولة ستتلاعب بالانتخابات المقبلة هو أنه لا معنى للإصلاح بدون وجود مصلحين. الضمانات القانونية يطبقها أشخاص لهم مسؤوليات محددة، وينبغي أن تتوفر لدى هؤلاء الأشخاص صفات أخلاقية وسلوكية معينة، وكذلك امتلاكهم الكفاءة الكافية للتعامل مع المحطة الانتخابية. والملاحظ أن الأجهزة والرموز القديمة، التي دأبت على تزوير صناديق الاقتراع، هي التي تتولى الإشراف على هذه الانتخابات.
- ماذا تقصد بالرموز والأجهزة السابقة؟
بطبيعة الحال، أقصد بالدرجة الأولى وزارة الداخلية، التي لديها سوابق في تزوير الانتخابات والقمع بواسطة أجهزتها القمعية. لا يسمح المقام هنا بذكر أسماء بعينها، لكن تصرفاتهم وسلوكاتهم تشي بذلك. عودة إلى سؤالكم السابق حول الأسباب التي أدت بنا إلى مقاطعة الانتخابات، أود أن أشير إلى أن الضمانات التي طالبنا بها ولم تتم الاستجابة لأي منها، إذ على سبيل المثال، طالبنا بأن تشرف على الانتخابات هيئة وطنية مستقلة، وتكون وزارة الداخلية تابعة لتوجيهاتها. وطالبنا كذلك بتوسيع دائرة الناخبين على أساس أن تصبح بطاقة التعريف الوطنية ضامنة لحق التصويت لكل من يحملها بصفة تلقائية دون الحاجة إلى طلب التقييد في اللوائح الانتخابية، فلم تستجب الدولة لمطلبنا، بالرغم من أن السلطات سمحت بالتصويت بالبطاقة الوطنية شريطة أن تكون مقيدا باللوائح، الأمر الذي سيحرم أكثر من ثمانية ملايين من الشباب الواعي من المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة.
بيد أن الفضيحة الكبرى في إجراء هذه الانتخابات تكمن في أنها ليست مشروعة بسبب مخالفتها مقتضيات الدستور الجديد، خاصة الفصول 62، 51 و96، فالدستور ينص بشكل صريح على أن مدة انتخاب مجلس النواب هي خمس سنوات، ومن المعلوم أن البرلمان الحالي انتخب يوم 7 شتنبر 2007، وبذلك فإن ولايته لن تنتهي إلا في 7 شتنبر سنة 2012، الشيء الذي سيؤدي إلى إجراء انتخابات جديدة ليفتتح البرلمان في أكتوبر من السنة المقبلة. والسؤال المطروح في هذا الباب هو: هل يجوز ذلك من الناحية القانونية والدستورية؟ طبعا يمكن أن يستقيم الأمر لو حل الملك البرلمان بمقتضى ظهير بعد أن يستشير رئيس المحكمة الدستورية ويخبر رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين ويوجه خطابا إلى الأمة. لكن ما حدث الآن أن الانتخابات ستجرى دون اللجوء إلى حل البرلمان. ولذلك، سيترتب عن ذلك بطلان مرسوم 19 أكتوبر، الذي نشر في الجريدة الرسمية المحدد لكل تفاصيل العملية الانتخابية. ويشمل هذا البطلان لوائح المرشحين والحملة الانتخابية وما ستسفر عنه صناديق الاقتراع. وبودنا أن يتصدى فقهاء القانون في الجامعات لهذه الفضيحة، سواء عبر تأكيد هذا التحليل أو نفيه عبر إيجاد مسوغات داخل الدستور تسمح بإجراء هذه الانتخابات دون أن تكون مقرونة بحل البرلمان. مع ذلك، فإن حزبنا يعتبر أن الدستور تم الدوس عليه مما يعني أن الدولة ماضية في ضرب القانون.
- لكن بعض المتتبعين يقولون إن قرار حزب الطليعة بمقاطعة الانتخابات لن يؤثر كثيرا على سير العملية الانتخابية، بل هناك من يتحدث عن تخوفات تساور الحزب من المشاركة على اعتبار أنه لن يحصل على نتائج جيدة في الاستحقاقات المقبلة. كيف تنظر إلى هذه التحليلات؟
أحسب أن مثل هذا التحليل ينبني على ادعاءات واهية من عدة وجوه، لعل أبرزها عدم وجود معايير دقيقة تحدد الأحزاب الضعيفة والأحزاب القوية وكذلك الأحزاب التي تتوفر على قاعدة قوية أو ضعيفة، مادام المغرب لم يعرف منذ الاستقلال انتخابات نزيهة وحيادية تسمح برسم تصور واضح المعالم عن الخريطة الحزبية المغربية، وإلا كيف نفسر أن حزبا لم يظهر سوى حوالي سنة أصبح القوة الحزبية رقم واحد بالمغرب، في حين أن أحزابا أخرى يعود تاريخ نضالها إلى ما قبل الاستقلال لازال حجمها ضعيفا بالمقارنة مع الحزب الجديد، الشيء الذي يمنح الانطباع بأن الدولة هي التي تضع خريطتها وتتحكم في سيرها ونتائجها. وفي الشروط الحالية لا نستطيع أن نزكي لعبة استنفدت تعيد تكرار نفس الوجوه التي عجزت سنوات مضت عن تحقيق الإصلاح السياسي والديمقراطي. وأتوقع أن الجماهير سترفض هذه اللعبة وستقاطع بشكل كبير الانتخابات وستشهد الاستحقاقات المقبلة نسبة عزوف أقوى من نظيرتها السابقة. زد على ذلك أن هذه الانتخابات ستجرى في ظرفية تتعالى فيها مطالب حركة 20 فبراير بضرورة القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية دون أن تلتفت الدولة إلى ذلك، بل تسعى، بشتى السبل، أن تلتف على مطالبها وتوهم الجميع بأن المغرب نحا بالفعل في اتجاه تكريس الديمقراطية. وهذا يعني بصيغة أخرى أن البرلمان المقبل لن يكون ممثلا للإرادة الشعبية.
- هل تعني أن حزب الأصالة والمعاصرة خلقته السلطة ودعمته؟
بطبيعة الحال، أقصد هي التي خلقته وأعطت له الإمكانات المالية واللوجيستيكية والسلطوية، وإلا فإن الأمر شبيه بالمعجزات التي لم يعد يصدقها أحد. صراحة لا يمكن أن يتقبل عاقل أن حزبا تمكن في ظرف سنة أن يحصل على أكبر عدد من مقاعد الانتخابات البلدية قبل أن يشكل أقوى فريق برلماني بفضل انضمام نواب رحل إليه.
- هناك من يعيب على حزب الطليعة الديمقراطي أنه يتخذ مواقف راديكالية، ففي الوقت الذي طورت أحزاب أخرى خطابها السياسي ودفعت باتجاه الإصلاح الديمقراطي من داخل المؤسسات، بقي الحزب حبيس سياسة «المقعد الفارغ»، الشيء الذي أدى إلى انحسار نفوذه. إلى أي مدى يمكن أن يصح هذا الرأي؟
نحن نقدر وجهة نظر بعض الأحزاب المحسوبة على اليسار ونحترم خياراتها القائمة على النضال من داخل المؤسسات، لكن لا نشاطرها نفس الرأي. صحيح أن العمل من داخل البرلمان له أهميته، لكن بشروط لم تتوفر إلى حدود الآن، من بينها وجود دستور ديمقراطي حقيقي. إذ هناك عدة ثغرات تعتري الإصلاح الدستوري الجديد، لعل من أبرزها أنه لا يمثل إرادة الشعب المغربي، ومصدر السلطات فيه لا يمكن أن تكون للناخب ولا للحكومة نظرا لأن المؤسسة الملكية ما تزال تُحكم القبضة على معظم السلطات في الميادين الدينية والعسكرية والاقتصادية. علاوة على أن البرلمان المقبل سيتشكل من أغلبية كبيرة للأحزاب الإدارية سبق إنتاجها ولا زال لديها نفوذ كبير. وأنا أعتبر التحالف الثماني ممثلا شرعيا للأحزاب الإدارية، يوجهه حزب الأصالة والمعاصرة، وحزب التجمع الوطني للأحرار هو فقط بمثابة المنسق والحزب الذي يوضع في الواجهة الإعلامية، وهذه الأحزاب لا يعرف لها تاريخ في النضال من أجل الديمقراطية أو كانت لها مواقف ثابتة في مراحل حاسمة من تاريخ المغرب الحديث.
- من المعلوم أن حزب الاتحاد الاشتراكي كان قد دخل في سلسلة من المشاورات لتشكيل قطب يساري. هل كان حزب الطليعة معنيا بهذا التحالف؟
لم يتوصل حزبنا بأي دعوة من أجل المساهمة في هذه المشاورات، لكن الغريب حقا هو أن الحزب الاشتراكي بزعامة بوزوبع كان يسعى إلى تشكيل قطب يساري قبل أن ينضم إلى التحالف الثماني، وكان الأمين العام للحزب الاشتراكي قد اتصل بي بهدف عقد لقاء بين الأحزاب التي كان من المفترض أن يتشكل منها هذا التحالف، لكن رفضنا ذلك بشكل قطعي لأن هذا اللقاء لم يسبقه تحضير قبلي لتقريب وجهات النظر والحسم في القضايا الخلافية. لكن الحديث بدأ يخفت عن هذا القطب اليساري لنفاجأ بأن الحزب اليساري التحق ب«جي 8». وفي هذا الصدد أرى أن هذا التحالف يحوي في ثناياه ما يشبه الماء والنار، وهما عنصران لا يلتقيان.
- وفي حالة ما فكر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في لمّ قوى اليسار، هل سيستجيب الطليعة لندائه؟
لابد من التذكير بأن حزبنا وجه منذ سنة 1989 نداء إلى الأحزاب الوطنية لإرساء جبهة وطنية للدفاع عن حق المغرب في الديمقراطية، لكن الأحزاب المغربية آنذاك لم تتعاط مع دعوتنا بالجدية اللازمة. مهما يكن من أمر، فإن الجبهة التي نريد تشكيلها، سواء في نطاق العائلة اليسارية أو في نطاق تحالف وطني، لا ينبغي أن تتأسس على مجرد مبادئ وشعارات ظرفية، بل على برنامج محدد من ناحية الزمن والمكان والمراحل التي ستقطعها وعلى أساس الدخول في نضالات ملموسة والاتفاق في إطار ندوة وطنية على دستور ديمقراطي، ثم يلي ذلك مجلس تأسيسي منتخب، وبعد ذلك تشكيل حكومة تعيد الثقة إلى المواطنين. أما بخصوص الاتحاد الاشتراكي فقد اختلفنا معه بشأن علاقته مع المؤسسات المزورة. وثمة خياران مطروحان في هذا الوقت بالذات: الأول يكمن في انسحاب الاتحاد الاشتراكي من هذه اللعبة ويقدم نقدا ذاتيا لمسار الحزب، وقتئذ يمكن أن نتحالف معه، أما المغامرة مع أحزاب تتبنى الخيارات المخزنية في كل المناحي، فذلك أمر غير وارد تماما.
- ننتقل إلى محور آخر يتعلق بالحركات الاحتجاجية، خاصة ما يرتبط منها بحركة 20 فبراير. هل تتوقع أن تستمر هذه الحركات في الشارع بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة المقبلة؟
الدولة ناورت كثيرا لتحاول الالتفاف على المطالب المشروعة للشعب المغربي، بل أتقنت إخراج الدستور الجديد، وروجت له كأنه هو الذي سيخلص المغرب من كل أزماته، مع العلم أن هذا الدستور أغفل الحديث عن جوانب أساسية تتصل بامتلاك السلطة الحقيقية في تسيير شؤون البلاد. وخلال هذه الفترة من الترويج للدستور الجديد تم احتواء العديد من النقابات والأحزاب، ولذلك تأثر كثيرون بهذه المناورة، واعتقدوا أن نظام الحكم أبدى مرونة في التعامل مع مطالب الشعب، فنتج عن ذلك التراجع الذي نلحظه في أعداد المتظاهرين خلال مسيرات 20 فبراير. أما عن مستقبل الحركة، فهي بلا شك ستتوسع أكثر فأكثر لأن سياسة الدولة ترتكز على تقديم الوعود تلو الوعود دون أن تنفذ أيا منها، وهو ما يولد إحباطا لدى شرائح واسعة من الشعب، خاصة في سياق يتسم باتساع دائرة الفساد وتراجع المغرب في مؤشرات التنمية البشرية على المستوى العالمي. ولاحظنا كيف أن الحركة دخلت منعطفا جديدا خلال احتجاجاتها الأخيرة. ومما يزكي توقعاتي حول استمرار هذه الحركات الاحتجاجية هو أن الشريحة المجتمعية التي تقود حركة 20 فبراير هي فئة الشباب، التي تبقى فئة قادرة على المواجهة وقادرة على التضحية.
- على ضوء ما قلت، كيف تقرأ معالم المشهد السياسي في أفق ظهور نتائج الاستحقاقات التشريعي، لاسيما أن سمات بعض التحالفات السياسية بدأت تظهر قبل موعد الانتخابات؟
طبعا الخريطة السياسية المقبلة لن تختلف في جزئياتها عن نظيرتها لسنة 2007، إذ ستكون المشاركة ضعيفة جدا، وأتوقع أن تكون أضعف بكثير من السابق، وستبرز من جديد ظاهرة الأصوات الملغاة، وما سيتبقى من الأصوات المحتسبة ستتوزع بين الأحزاب الكبرى، وستكون النتيجة جد متقاربة. والانتخابات كما قلت سلفا لن تتسم بالنزاهة والحياد. الآن، حسب المعلومات التي توفرت لدي، هناك استعمال للمال الحرام، والبادية ما تزال السلطة تتحكم فيها، إما بشكل مباشر أو عن طريق الأعيان. وفي رأيي فالدولة لن تسمح لحزب العدالة والتنمية بأن يتبوأ المرتبة الأولى، وإذا ما فكرت في ذلك، لن تعطي رئاسة الحكومة لعبد الإله بنكيران مادام الدستور ينص على أن الحزب الحاصل على الرتبة الأولى هو الذي سيترأس الحكومة ولا يؤكد أن أمينه العام سيحصل على هذا المنصب. لكن كيفما كانت الظروف، لن يفوز أي حزب بالأغلبية المطلقة. وحتى لو سمحت الدولة للعدالة والتنمية بالحصول على رئاسة الحكومة، فإن ذلك سيكون شريطة أن تختار نوع التحالفات. والسيناريو الآخر هو أن لا يحصل البرنامج الحكومي للحزب على موافقة البرلمان. ويقفز إلى ذهني تصور آخر هو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تضغط من أجل أن يمنح الحكم للإسلاميين المعتدلين بعدما أظهرت التجربة أن أمريكا أخطات كثيرا في عدم تعاملها مع الأحزاب ذات التوجه الإسلامي. لكن الدولة ستفكر طويلا قبل أن تقدم على منح رئاسة الحكومة إلى «البيجدي»، لاسيما إذا علمنا أن «جي 8» يتوفر على حظوظ كبيرة للظفر بهذا المنصب، وهو بالنسبة للدولة أقل ضررا من حزب العدالة والتنمية. غير أن هذا التحالف الثماني اكتسب أعداء كثرا في صفوف أحزاب الحركة الوطنية. وأعتبر أن هذا التحالف يشكل «مصيبة كحلة» على نظام الحكم، فإذا تولى منصب رئاسة الحكومة سيرفع من وتيرة الحركات الاحتجاجية من خلال انضمام أحزاب أخرى إلى حركة 20 فبراير.


حاوره: محمد أحداد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.