دخلت السلطات المغربية في مواجهة تنظيم القاعدة بشكل عملي منذ إعلانها سنة 2002 عن إلقاء القبض على ثلاثة من أعضائها السعوديين , حيث أكدت وزارة الداخلية أنها قد قامت بتفكيك خلية لتنظيم القاعدة تسللت للمغرب، وأوضحت في بلاغ لها , والضابطة القضائية ما زالت تواصل إجراءات البحث في الموضوع تحت مراقبة النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، أن العملية تندرج في إطار التزام المملكة المغربية بمكافحة الإرهاب الدولي، وأنها نتيجة للتعاون الأمني اليقظ والفعال مع المصالح الأجنبية ولاسيما السعودية والأمريكية منها. ومنذ ذلك الوقت بدأ المتتبعون يراقبون رد فعل تنظيم بن لادن, الذي كان يمر من أزمة كبيرة بعد الضربات التي تلقاها بأفغانستان, تجاه المملكة التي كانت مبعدة من ساحة عملياته فيما قبل. وبدأت الشكوك تحوم حول عناصر الجماعة المغربية المقاتلة التي كان ينظر إليها كفرع مغربي للقاعدة قبل أن يتضح أن هذا التنظيم المغربي كان في طور التشكل ولاقى بدوره ضربات أمنية قوية جعلته يفقد القدرة على استهداف استقرار المغرب. وبعد ظهور خلايا محسوبة على التيار السلفي الجهادي ومتعاطفة بالقاعدة , كان أقصى ما استطاعت القيام به هو تفجيرات 16ماي سنة 2003 بالدارالبيضاء وتفجيرات حي الفرح وسيدي مومن ومحيط القنصلية الأمريكية قبل سنتين, التي نظر إليها كأعمال صادرة عن هواة وليس عن منظمة محترفة, ليظل شبح القاعدة يخيم على سماء المملكة في كل مرة, خاصة بعد تحول الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية إلى تنظيم إقليمي يستهدف جميع دول المغرب العربي حمل إسم «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وفي صيف السنة الماضية أصبحت جميع منتديات النقاش، التي يلج إليها المتعاطفون مع تنظيم القاعدة والتيار السلفي الجهادي بشكل عام على شبكة الأنترنيت، تثير بقوة معلومة غير مؤكدة أضحت حقيقة مسلمة عند هؤلاء أمام إحجام الهيئات المغربية -سواء الرسمية منها أو غير الرسمية-عن تصحيحها.و تفيد هذه المسلمة الجديدة أن الدولة المغربية وافقت على احتضان مقر القيادة العامة للجيش الأمريكي بإفريقيا «أفريكوم»، وكثفت من تعاونها مع البانتاغون الذي أصبح يعتمد المغرب كقاعدة خلفية ينطلق منها لتوجيه ضرباته للمقاومة بالعراق.و بالتالي ،فإن الحديث عن استهداف المصالح الغربية ببلادنا أو حتى القيام بعمليات ضد القوات النظامية المغربية أصبح يعرف اتساعا كبيرا داخل هذه الأوساط بشكل جعل نشطاء التنظيمات المسلحة يتقبلون دون أدنى تحفظ فكرة تزكية تنفيذ عمليات إرهابية تكون بلادنا هي ساحة تنفيذها. و ظل الوضع كذلك إلى أن أصدر مركز للدراسات تابع للبانتاغون تقريرا يقول إنه من المحتمل قبول المغرب بمقترح واشنطن،فاختارت وزارة الخارجية توضيح الموقف الرسمي لبلادنا عن طريق الرد على بلاغ لحزب العدالة و التنمية كان قد تساءل عن حقيقة ما ورد في التقرير الأمريكي. فطوال الفترة السابقة التي ظلت خلالها السلطات المغربية صامتة أمام ما يروج عن احتمال موافقتها على إنشاء مقر «الأفريكوم» فوق أراضيها، شن تنظيم أبو مصعب عبد الودود حملة تحريضية ضد المملكة، جعلت من بلادنا أكبر المرشحين لتلقي ضربات إرهابية خارج الخريطة الكلاسيكية لنشاط الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تحولت إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وأمام هذه النفسية العامة التي سادت أوساط أتباع التيار السلفي الجهادي والمتعاطفين معهم عبر مختلف مناطق العالم، تمكنت أجهزة مخابرات عدة دول -خاصة الأوروبية- من رصد محادثات حول استهداف المغرب في أكثر من مناسبة .وهو ما يفسر تعدد الجهات التي أمدت المسؤولين الأمنيين بتقارير تتحدث عن الخطر الإرهابي القائم. وأصبح احتمال تكرار وقوع عمليات مشابهة لما عرفته الدارالبيضاء من قبل على مستوى الوسائل المستخدمة (تقنية الأحزمة الناسفة)، بحكم النفسية المتدمرة التي أصبحت تسود المبحوث عنهم في قضايا الإرهاب وانتشار قناعات» فقهية «في صفوفهم تبيح لهم الإقدام على عمل انتحاري من خلال تفجير الذات إذا ما تمت محاصرتهم من طرف قوات الأمن , أمرا متحكما فيه من الناحية الأمنية, لكن اضطرار السلطات الأمنية إلى اتخاذ قرار برفع درجة التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى في أكثر من مناسبة, هو حصولهم على معطيات تفيد التخطيط لعمليات من النوع الخطير، من مثل اعتماد تقنية السيارات المفخخة التي تخلف عددا كبيرا من الضحايا وحجما لا يستهان به من الأضرار والخسائر المادية. و هو ما يفيد أن التخوفات القائمة لدى المسؤولين الأمنيين بهذا الخصوص إنما تقوم على احتمالات تسرب عناصر من خارج المغرب يمكن لها تقديم الدعم اللوجيستيكي اللازم للقيام بعمليات تعتمد تقنية التفخيخ، وهي عناصر تابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. أما احتمال قيامه بهجمات خاطفة على مشارف الحدود المغربية الجزائر ية لتكرار ما قام به في موريتانيا حين هاجم الدورية العسكرية بمنطقة تورين فيظل ضعيفا، خاصة و أن المنطقة الحدودية القريبة من المواقع الإستراتجية تعرف حراسة مشددة من الجانبين، كما أن دخول الجيش الجزائري من جديد على خط المواجهة مع مقاتلي التنظيم في الفترة الأخيرة سيقلص من هامش تحركاتهم خارج معاقلهم بالجبال في المرحلة المقبلة، لكن الأمر لا يعني غياب احتمال قيام مغاربة تدربوا بمعسكرات التنظيم الجزائري بتنفيذ ضربات تتصف بنوع من الإحترافية مقابل ما حدث من أعمال إرهابية لحد الآن ببلادنا،خاصة بعد تخصيص تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لحيز كبير لعدد من المغاربة الذين أنهوا فترة تدريبهم بأحد معسكراته ضمن الشريط الذي تم إصداره ضمن «سلسلة ظلال السيوف» التي يعتمد عليها التنظيم الجهوي للقاعدة في استقطاب أتباع التيار السلفي الجهادي .و كان الشباب المغاربة الذين تحدثوا في الشريط قد توعدوا رجال الأمن المغاربة باستهدافهم انتقاما لما حدث لمعتقلي «السلفية الجهادية» بالسجون المغربية. و توضح الأشرطة التي بدأ يعدها التنظيم بعد حمله لإسم القاعدة مدى التحول الإستراتيجي في خطابه وطبيعة أهدافه ،بحيث اختار لأول مرة استهداف نفسية القوات النظامية من خلال تصوير عملية الرصد التي قام بها عناصره لإحدى مراكز الدرك الوطني الجزائري وتوضيح مدى تمكنهم من الإقتراب من مواقع المراقبة التابعة للدركيين،و هو ما بدا الهدف الواقف وراءه في آخر الشريط حين تمت تلاوة رسالة التحذير التي أصدرها التنظيم بخصوص العاملين في سلك الأمن العمومي. كما لجأ إلي استخدام اللهجة الأمازيغية الخاصة بمنطقة القبايل من خلال بث كلمة حماسية لأحد أبناء المنطقة شارك في عملية الهجوم على سيارتين للدرك تم حرقهما بالكامل وقتل جميع المتواجدين بداخلهما. و هو ما يفيد محاولة القاعدة بالجزائر -ومن خلالها باقي دول المنطقة-إنتاج خطاب قريب من الساكنة المحلية،و تعبئتهم من خلال قضايا تهمهم محليا من مثل تخصيص التنظيم لموضوع «معاهدة الصداقة الفرنسية الجزائرية»ببيان مفصل.و هو ما قد تعمد القاعدة إلى تعميمه على المدى المتوسط بالمغرب كذالك،خاصة بالمناطق الجبلية التي تعرف تضاريس وعرة، لكن التهديد الذي يمثله عناصرها حاليا للأمن الداخلي لبلادنا لا يتجاوز حدود تنفيذ عمليات محدودة على شكل تفجيرات. فإذا كانت تجربة الجماعة المغربية المقاتلة قد باءت بالفشل فيما قبل حين أرادت أن تزاوج بين دورين كان أحدهما هو تنفيذ عمليات داخل المغرب، والثاني تقديم الدعم لعناصر القاعدة بأروبا، بحكم هشاشة التنظيم ومدى سرعة تمكن المخابرات المغربية من التعرف على عناصره الذين تسربوا إلى الداخل قبل شل حركتهم وتفكيك معظم خلاياها بفضل التنسيق مع المخابرات الأروبية, خاصة البلجيكية والفرنسية، فإن تنظيم القاعدة بدوره قد لاقى نفس المصير خلال تجربته الأولى في المزاوجة بين خلق شبكات دعم للجبهة العراقية، وبين التخطيط لتقوية الجناح المغربي لقاعدة الجهاد ببلاد المغرب الإسلامي، حيث ساهم سقوط العناصر المتطوعة للذهاب إلى العراق في الكشف عن العديد من المعطيات الإستراتجية بخصوص الملتحقين بمعسكرات الجزائر،لكن يبدو أن الأفواج الجديدة التي تم استقطابها قد تم اعتماد استراتجية جديدة حيالها سواء على مستوى الشحن الإديولوجي أو التكوين شبه العسكري.مما جعل مهمة أجهزتنا الأمنية صعبة أمام عنصر المفاجأة الذي قد ينتظرها, خاصة بعد الشريط الأخير لعبد الودود الذي حمل تهديدات لجميع أنظمة المنطقة المغاربية. العمليات التي نفذتها قاعدة المغرب الإسلامي: > 30 أكتوبر 2006: عمليتان بواسطة سيارتين مفخختين، ضد مركز أمني بضواحي الجزائر العاصمة، والحصيلة 3 قتلى و24 جريحا. > 10 دجنبر 2006: عملية ضد حافلة تقل عمالا لدى شركة أمريكية، وخلفت قتيلا واحدا و9 جرحى، ثمانية منهم أجانب. > 13 فبراير 2007: مصرع ستة أشخاص في سبع عمليات شبه متزامنة بمنطقة القبايل. > 11 أبريل 2007: 30 قتيلا وأزيد من 200 جريح في عمليتين متزامنتين بالجزائر العاصمة، استهدفتا قصر الحكومة ومركزا أمنيا بضاحية الجزائر العاصمة. > 16 ماي 2007: هجوم بواسطة قنبلة استهدف حيا شعبيا في قسنطينة، وخلف قتيلا و5 جرحى، عشية الانتخابات التشريعية التي دعت القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى مقاطعتها. > 11 يوليوز 2007: مقتل 10 عسكريين وجرح 35 آخرين بالأخضرية، في هجوم انتحاري ضد ثكنة عسكرية، بواسطة شاحنة مفخخة. > 06 شتنبر 2007: 22 قتيلا وأزيد من 100 جريح في عملية انتحارية استهدفت موكب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في باتنة. > 08 شتنبر 2007: عملية انتحارية بواسطة سيارة مفخخة ضد ثكنة عسكرية في ميناء بمنطقة القبايل، أدت إلى مقتل 30 شخصا وإصابة 40. > 14 شتنبر 2007: ثلاثة قتلى وخمسة جرحى لدى انفجار قنبلة تقليدية الصنع، في مدخل إقامة خاصة برجال الأمن بالزموري. > 18 شتنبر 2007: مقتل أحد أفراد الحرس البلدي، في انفجار قنبلة بالبويرة بمنطقة القبايل. > 21 شتنبر 2007: عملية انتحارية تخلف جرح فرنسيَين وإيطالي وستة جزائريين قرب الأخضرية، غداة دعوة أيمن الظواهري الى تخليص المغرب العربي من الفرنسيين والإسبان. > 02 يناير 2008: هجوم بواسطة سيارة مفخخة استهدف مركزا أمنيا، وخلف مقتل أربعة رجال أمن، بمدينة الناصرية شرق الجزائر العاصمة. > 29 يناير 2008: مقتل شخصين في هجوم بسيارة مفخخة ضد مركز للشرطة شرق الجزائر العاصمة. > 06 فبراير 2008: تفجير استهدف مركزا أمنيا بمنطقة القبايل، وخلف قتيلا وثلاثة جرحى. > 05 يونيو 2008: انفجار قنبلة وسط الطريق شرق العاصمة، يخلف 06 قتلى. > 08 يونيو 2008: هجوم استهدف سيارة وخلف مقتل مهندس فرنسي وسائقه. > 03 غشت 2008: هجوم انتحاري استهدف مقر الاستعلامات العامة بتيزي وزو، وأدى إلى جرح 25 شخصا. > 14 غشت 2008: مقتل عسكريين في منطقة جيجل في كمين نصب لهما. > 18 غشت 2008: مقتل 43 شخصا وجرح أزيد من 40 في تفجير استهدف مدرسة لتدريب الدرك في يسر شرق الجزائر العاصمة.