كشفت وزارة الداخلية عن أسباب اختفاء عدد من المواطنين، في الآونة الأخيرة، بعدد من المدن المغربية، بعد أن أعلنت في بلاغ لها أن المصالح الأمنية ألقت القبض على 24 شخصا ينتمون إلى شبكة متخصصة في تجنيد متطوعين لتنفيذ عمليات انتحارية في العراق، ومرشحين للعمليات القتالية التي يقوم بها تنظيم «القاعدة» في الصومال وأفغانستان. وزارة الداخلية أكدت أن عناصر هذه الشبكة كانوا يخططون أيضا لتنفيذ أعمال إرهابية خطيرة بالمغرب واستقبال عناصر متخصصة في صنع المتفجرات بتنظيم «القاعدة»، للاستفادة من خبرتهم في هذا المجال، كما أوضحت أن هذه الشبكة كانت لها امتدادات خارجية ونجحت في تجنيد وإرسال حوالي 20 مرشحا لتنفيذ عمليات انتحارية بالعراق، وعلمت على استدراج 10 إسلاميين محليين لنفس الهدف مستفيدة من التنسيق مع إرهابيين في دول أوربية، منها السويد وبلجيكا، إضافة إلى آخرين يتمركزون بالحدود السورية العراقية. وجاء بلاغ وزارة الداخلية بعد المراسلات التي وجهتها بعض الجمعيات الحقوقية للمطالبة بالكشف عن مصير المختفين، بعد تلقيها شكايات من الأسر التي بحثت عن أبنائها الذين اختفوا في ظروف غامضة أو تعرضوا للاختطاف من طرف أشخاص مجهولين. ولم يتم الكشف إلى حد الساعة عن المكان الذي نقل إليه المعتقلون بعد اختفائهم، علما بأن الأسر قامت باستفسار مصالح الأمن التي نفت علمها بالموضوع، في الوقت الذي تواصل فيه النيابة العامة عمليات استنطاق الأشخاص الذين تم اعتقالهم في انتظار إحالتهم على قاضي التحقيق المكلف بقضايا الإرهاب. إلى ذلك، أكد عبد الإله بنعبد السلام، عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أنه «لا يوجد أي نص قانوني يمنع الأشخاص من التطوع للقتال مثل ما قام به عشرات المغاربة في فلسطين، أو أثناء الاحتلال السوفياتي لأفغانستان»، وأضاف أن ما يحدث لا يخلو من «توظيف سياسي» لملف الإرهاب، ومجرد محاولة من المغرب «لكسب شهادة حسن السيرة والسلوك من الولاياتالمتحدةالأمريكية»، وقال: «حتى لو افترضنا حدوث خرق للقانون من طرف هؤلاء، فلا بد للدولة أن تلتزم بالنصوص القانونية عند التوقيف والمتابعة». بنعبد السلام أضاف، في تصريح ل«المساء»، أن استمرار الاختطاف بالمغرب تحت غطاء محاربة الإرهاب يعد من «المفارقات» التي تؤكد أن الحديث عن حقوق الإنسان هو مجرد «كلام للاستهلاك الخارجي»، وأن الاختطاف لا يزال «ممارسة سائدة» بالمغرب بالرغم من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وهو ما يفسر -حسب بنعبد السلام- امتناع المغرب عن المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري. وأكد بنعبد السلام أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وعدد من الجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية لاحظت أن الكثير من الملفات والمحاكمات المرتبطة بالإرهاب انتفت فيها شروط المحاكمة العادلة، وأن عددا مهما ممن يقبعون بالسجون اعتقلوا بسبب آرائهم ومعتقداتهم. من جهته، اعتبر محمد ظريف، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن الإعلان عن تفكيك هذه الخلية يأتي في إطار السياسة الأمنية الوقائية التي ينهجها المغرب منذ سنة 2003، والتي مكنت إلى حد الآن من تفكيك أكثر من 70 خلية، توزعت غاياتها بين استهداف الأمن الداخلي للمغرب والعمل على استقطاب وتجنيد مقاتلين بعدد من بؤر التوتر، خاصة بالعراق وأفغانستان، وهي الخلايا التي يؤكد ظريف أنها أصبحت تضم مغاربة يقطنون بالمغرب، إضافة إلى آخرين ببعض الدول الأوربية ينشطون في إطار تنظيمات دولية، مثل القاعدة. وفي تعليق على الاتهامات التي توجهها بعض الجمعيات الحقوقية إلى الدولة بتوظيف ملف الإرهاب لأهداف سياسية، أكد ظريف أن بعض الملفات المرتبطة بالإرهاب لم تخل من توظيف من طرف جهات أمنية وسياسية عن طريق تهويل المخاطر التي يمكن أن تتسبب فيها هذه الخلايا للتأثير على صانع القرار، خاصة في ما يتعلق بالانفتاح السياسي، وكذا الترويج لمقولة أن الأمن يسبق حقوق الإنسان، لكن هذا -حسب ظريف- لا ينفي وجود خلايا إرهابية تنشط بالمغرب، خاصة أمام التهديدات المتكررة لتنظيم القاعدة.