وجدت قيادات أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية في ندوة «اليسار ومغرب المستقبل»، التي نظمت مساء يوم الجمعة الماضي بمقر حزب المهدي بنبركة، الفرصة لتوجيه رسائل واضحة إلى من يهمه الأمر في المشهد السياسي، خاصة خصمها السياسي تحالف الثمانية (التجمع من أجل الديمقراطية). فيما كان لافتا إصرار الأحزاب الثلاثة على وحدتها لمواجهة امتحان 25 نونبر القادم، وعلى التوجه نحو تشكيل قطب يساري قوي. «اجتماعنا اليوم هو الإعلان على أن في المغرب يسار وأن قيمه باقية، ورد على من يعلن نهاية اليسار واليمين». بهذه العبارة اختار التهامي الخياري، الكاتب الوطني لحزب جبهة القوى الديمقراطية، أن يرد على تحالف الثمانية، قبل أن يضيف في كلمته أمام قيادات الأحزاب اليسارية الثلاثة: «اليسار هو البديل، وشعبنا لن يؤمن بالتغيير إلا باليسار وبتواجده القوي يوم 26 نونبر». الخياري ذهب بعيدا حينما أكد على ضرورة أن تنبثق عن استحقاقات 25 نونبر القادم النواة الصلبة للأغلبية الحكومية القادمة من أحزاب اليسار، مؤكدا ل«شعب اليسار» أن «بإمكاننا تحقيق تلك النتيجة، والتحالف على أساس برنامج منسجم أساسه الحداثة والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية». إلى ذلك، اعتبر عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، أن مغرب المستقبل رهين بالدور الذي سيلعبه اليسار، الذي يتعين أن يكون حاضرا للعب دور طلائعي في بناء المغرب الجديد، مشيرا في كلمة له إلى أن هناك تحديات كبرى تنتظر أحزاب اليسار في الأشهر والسنوات القادمة، تقتضي منه أن يكون حاضرا حضورا أساسيا وأن يكون قويا. وقال الراضي: «لنكون حاضرين يجب أن نفوز في الانتخابات، وأن نكون حاضرين عدديا في البرلمان القادم، وأن يكون حضورنا متميزا في المؤسسات المقبلة، سواء على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلي»، معتبرا أن هذا الحضور مرتبط بتوفر مقومات، منها العمل الوحدوي وتعبئة الجماهير والقوة الاقتراحية. من جهته، أكد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن «اليسار يجد نفسه أمام تحدي ومسؤولية اقتحام الاستحقاقات الانتخابية من أجل رفع الصوت وبعث الأمل في صفوف شعبنا، وأن نقول إننا سنجتهد من أجل قيام قطب يساري حداثي تقدمي منفتح قادر على أن يشكل قوة اقتراحية في بلادنا»، مشيرا فيما يبدو أنه رسالة إلى الواقفين وراء تأسيس تحالف الثمانية والمشككين في قدرة اليسار على التوحد إلى أن أحزاب اليسار الثلاثة «ستعمل بخطوات حثيثة من أجل أن نصل يوما ما إلى قيام حزب يساري اشتراكي كبير. هو حلم ربما، لكن لنضع ذلك الحلم في الأفق ونجتهد من أجل بلورته». واعتبر بنعبد الله أن المضامين الجديدة للدستور وما تطرحه من تحديات تقتضي أن تكون لليسار مساهمة قوية وموحدة من أجل بلورة كل المضامين الإصلاحية الأخرى، وبناء دولة حداثية ديمقراطية قوية، معبرا عن استعداد حزبه للعمل إلى جانب الاتحاد الاشتراكي وجبهة القوى وكل اليساريين في بلورة مشروع حداثي ديمقراطي. وبالنسبة إلى الحبيب المالكي، فإن ما تحضر له الأحزاب الثلاثة يقتضي «ضرورة إنعاش وتعزيز الفكر اليساري الوحدوي، الذي بدونه سنمارس نوعا من السياسة التي تحكمها الظرفية والبراغماتية، التي أدت بالبعض إلى ممارسة البؤس السياسي»، معتبرا في تدخله أن توحيد اليسار هو الذي سيساعد على تعزيز التوجه الذي يرمي إلى جعل الدستور الجديد واقعا حيا يعين على تغيير الظروف العامة والاقتصادية والنفسية للمواطن المغربي. وقال: «رهاننا هو جعل الدستور يمثل قطيعة مع الماضي ووسيلة من أجل بناء مغرب المستقبل، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا من خلال تحملنا المسؤولية وتجاوز كل الأنانيات كيفما كان مصدرها حتى يكون هذا اللقاء نقطة انطلاق لإعادة الثقة في قيم اليسار ودوره، وبدونه لا يمكن أن نعيش غدا ديمقراطية شعبية». المالكي أكد على ضرورة بعث رسالة إلى من يهمه الأمر، بمناسبة الانتخابات القادمة، من خلال وضع لائحة لبعض الترشيحات المشتركة كيفما كانت الصعوبات خلال الانتخابات النيابية، وهو المقترح الذي سيكون محط نقاشات، حسب مصادر يسارية، بين قيادات الأحزاب الثلاثة خلال الأيام القادمة، خاصة بعدما صدر عن أحد القياديين الاتحاديين. وقال المالكي: «لا بد أن نتجاوز ما نسميه بالأنانيات ومشاكلنا، ولمَ لا أن نتنازل عن بعض المقاعد لرفاقنا»، داعيا إلى وضع ميثاق للأحزاب الثلاثة يحدد الإطار ويوضح الأفق، ويجعل من الخيارات الإستراتيجية لمكونات اليسار اختيارات معبئة، معبرا عن يقينه بأنه إن تم وضع ذلك الميثاق في الظروف المواتية، سيكون اليسار قد ساهم في إعطاء محتوى ملموس لهذه الدينامية التي بدونها ليس هناك أي أفق عميق للديمقراطية». وأضاف «علينا ألا نخلف الموعد، وأعتقد أن الظروف مواتية الآن على جميع المستويات لاتخاذ قرارات فاعلة مؤثرة في مجرى الأحداث».