كيف تقرأ إصدار الحكومة قانونا يمنع استطلاعات الرأي خلال فترة الانتخابات؟ إذا كانت استطلاعات الرأي التي تجرى في المغرب مبنية على أسس علمية وشفافة وفق الضوابط المتعارف عليها عالميا في مجال إجراء استطلاعات الرأي فإنها، لا محالة، تساهم في تعزيز النقاش الديمقراطي. لكن التخوف الوحيد هو أن استطلاعات الرأي هاته، عندما تندرج في سياق صراعات سياسوية وتوظف في غير المنحى العلمي الذي يجب أن تنظم به، فيمكن أن تؤثر على نتائج الانتخابات. لكن، بغض النظر عن احترام الجانب العلمي في استطلاعات الرأي، اعتبر البعض منعها تضييقا على حرية التعبير؟ يمكن تفسير هذه المقاربة من خلال الاستناد إلى مثال التدخلات الحزبية في الإعلام العمومي وفق ما أقرت ونظمت خلال انتخابات سابقة، فالطريقة التي تضبط بها الأحزاب تدخلاتها في الإعلام العمومي لا تمكن من فتح نقاش وطني بخصوص الانتخابات يرتكز على التصورات والبرامج، رغم أننا حاولنا اقتباس التجربة الفرنسية في النقاش السياسي عبر وسائل الإعلام، وهي الطريقة التي كنا مبهورين بها. الأمر ذاته يمكن أن يقاس على استطلاعات الرأي في المغرب والتي تطرح نقطة استفهام؛ فإذا أخذنا بعين الاعتبار استطلاعات الرأي التي تجرى في هذه الفترة، نستخلص أننا لسنا ناضجين كي نتحمل مسؤوليات تقييمات ونتائج استطلاعات الرأي واعتمادها كأسلوب للنقاش الديمقراطي، على اعتبار أن استطلاعات الرأي تفترض التعبير عن توجه معين من شأنه خلق نقاش وتنافسية سياسية. منع إجراء استطلاعات الرأي في المغرب خلال فترة الانتخابات، إذا ما أقر بشكل قانوني ومؤسساتي، هو في حد ذاته أمر لا يأخذ بعين الاعتبار النضج السياسي للمواطن، وهذه تعتبر ملاحظة أولية يجب أخذها بتحفظ شديد. كيف تقيم تطور استطلاعات الرأي في المغرب؟ استطلاعات الرأي التي أجريت في المغرب قليلة ونادرة جدا، ولا يوجد تراكم للتجربة في هذا المجال، مما يمنع من الحديث عن ثقافة لاستطلاعات الرأي. استطلاعات الرأي هي، في الأصل، وسيلة لإشراك المواطنين في النقاش والتعبير عن الأفكار والتصورات السياسية، وهو ما يعني أن لها دورا إيجابيا، ولكن ما دامت ليست هناك ثقافة لاستطلاع الرأي في المغرب فيمكن تحويرها وتوجيه غاياتها، وهذا هو الخطير. عبد اللطيف بنصفية - متخصص في الاتصال السياسي