مع قرب الانتخابات التي تعتبرها الأحزاب السياسية مصيرية بخصوص موقعها ومستقبلها بعد الحراك العام الذي شهدته البلاد ووضع دستور جديد، تم الإعلان أمس عن ميلاد قطب سياسي كبير يضم ثمانية (8) أحزاب من عائلات سياسية مختلفة، لا رابط بينها إلا الهاجس الانتخابي، لقيادة الحكومة المقبلة بزعامة صلاح الدين مزوار، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار والقيادي في حركة لكل الديمقراطيين لمؤسسها فؤاد عالي الهمة. وليس سرا أن هذه المبادرة غير المتوقعة، الرامية إلى جمع شتات أحزاب صغيرة وضمها إلى التحالف الرباعي بقيادة «البام»، تدخل في سياق شد الحبل مع حكومة الاستقلالي عباس الفاسي عشية الانتخابات البرلمانية القادمة. ويذكر أن بعض مكونات الحكومة، ومنها التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، لم تعد معنية بأي تضامن في ما بينها، بل أصبحت تقوم بدور المعارضة من داخل الفريق الحكومي كما لو أنها تلقت الضوء الأخضر من جهة ما تتحكم في زمام الأمور عن بعد. هذه المبادرة، التي أوكل أمر إعلانها إلى رئيس حزب التجمع لكي لا يظهر أحد آخر في الصورة، من شأنها أن تخلط الأوراق لدى الأحزاب السياسية الأخرى، وخصوصا أحزاب ما يسمى بالكتلة الديمقراطية، التي ستجد نفسها اليوم قد خسرت وقتا طويلا قبل أن تحاول النهوض باستعمال عكاز. التحالفات السياسية في المغرب ظلت دائما موضع جدل بين مختلف الفرقاء السياسيين، فالجميع يتحدث عن ضرورة وجود قواسم مشتركة في أي تحالف بهدف الحيلولة دون «البلقنة السياسية»، لكن الجميع في الواقع ينسج تحالفات مصلحية تكرس هذه البلقنة. وفي الوقت الذي كان منتظرا فيه أن يؤدي الدستور الجديد إلى عقلنة المشهد السياسي في المغرب، نرى أن الأمور تسير في اتجاه معاكس في أفق تكريس التشتت الحزبي والانقسام، وترسيخ مفهوم مصلحي للحزب بعيدا عن المبادئ المؤطرة لعمله. وفي ظل هذا التشتت، تصبح التعددية الحزبية التي نعيشها مجرد فوضى حقيقية، لأنه لا يمكن الحديث عن تعدد «الاختيارات» طالما أن التحالفات تبنى على مشاريع فكرية غير متجانسة.. إنه واحد من الأسباب التي تدفع المواطنين المغاربة إلى العزوف عن الانتخابات.