النمسا تدعم التصريح المشترك الصادر عن رئيسة المفوضية الأوروبية والممثل السامي للاتحاد الأوروبي وتجدد التأكيد على تشبثها "بعلاقاتها الممتازة" مع المملكة المغربية    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يكشف تفاصيل لقائه مع وزارة الصحة لتنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024    أستاذ جامعي يلجأ للقضاء بعد تعرض حساباته ومجلته الأكاديمية للقرصنة والاختراق الإلكتروني    رسالة جهوية تلغي مكتب الجامعة الوطنية للتعليم بالجديدة    استبعاد شخصيات ريفية من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال يثير الجدل        سعر صرف الدرهم يستقر مقابل الأورو ويتراجع مقابل الدولار    ريال مدريد يكشف تفاصيل إصابة كارفاخال الخطيرة.. ومدة غيابه تتراوح ما بين 8 و 10 أشهر    تصفيات "كان" 2025.. نفاذ تذاكر مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى بعد يوم من طرحها    الآلاف يخرجون في مسيرة في الرباط تضامنا مع غزة وبيروت    غوتيريش يدعو إلى وقف "سفك الدماء" في غزة ولبنان    الجزائر تكشف تورطها في ملف الصحراء بدعم قرار محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب    انتخابات رئاسية باهتة في تونس يغيب عنها التنافس    نتانياهو يصف دعوة ماكرون للتوقف عن مد إسرائيل بالأسلحة "بالمخزية والعار    إنطلاق أكبر مسيرة وطنية في الرباط دعما لفلسطين ولبنان في الذكرى الأولى للسابع من اكتوبر (فيديو)    المغرب يحاصر هجرة ممرضيّه إلى كندا حماية لقطاعه الصحي    منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة…أسعار الغذاء تسجل أعلى زيادة شهرية        ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس بالجديدة نهائي النسخة ال7 من الجائزة الكبرى للملك محمد السادس للتبوريدة    أنفوغرافيك | بالأرقام .. كيف هو حال إقتصاد غزة في الذكرى الأولى ل "طوفان الأقصى" ؟    طقس الأحد.. زخات رعدية ببعض مناطق المملكة        افتتاح المسبح المغطى السومي أولمبي بتاوريرت    أمام "سكوت" القانون.. "طروتينيط" تغزو شوارع الحسيمة    الجامعة المغربية لحقوق المستهلك…تأكد صحة وثيقة تلوث مياه "عين أطلس"    23 قتيلا في غارات اسرائيلية على لبنان    التونسيون يصوتون في انتخابات الرئاسة وأبرز منافسي سعيد في السجن    جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    معرض الفرس الدولي في نسخته 15.. غاب عن فعالياته رواق وعروض ال DGSN    ترامب يعود لمكان محاولة اغتياله: "لن أستسلم أبداً"    انطلاق برنامج الحملات الطبية المصغرة لفائدة الساكنة القروية بإقليم إفران    أمن طنجة يحقق مع سيدة هددت شابة بنشر فيديوهات جنسية لها    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    التعادل يحسم مباراة الحسنية والوداد    عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    منتخب U20 يواجه فرنسا وديا استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    رغم تراجعه عن مطالبته بوقف تسليح إسرائيل.. نتنياهو يهاجم ماكرون: سننتصر معك أو من دونك وعارك سيستمر لوقت طويل (فيديو)    "أندلسيات طنجة" يراهن على تعزيز التقارب الحضاري والثقافي بين الضفتين في أفق مونديال 2030    ENSAH.. الباحث إلياس أشوخي يناقش أطروحته للدكتوراه حول التلوث في البيئة البحرية    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    مصدر ل"برلمان.كوم": المغرب يواصل تنويع شراكاته ويمدد اتفاقية الصيد مع روسيا.. وقرار العدل الأوروبية عزلها دوليا    الفنانة المغربية نعيمة المشرقي تغادرنا إلى دار البقاء    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)            دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    قافلة المقاول الذاتي تصل الى اقليم الحسيمة    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأولويات القصوى في الفترة الانتقالية
نشر في المساء يوم 03 - 10 - 2011

إذا كان شباب الثورات وشباب الحراكات السياسية الكبيرة لا يريدون أن تذهب دماء شهدائهم سدى بعد أن حققوا الكثير الكثير، فإنهم يحتاجون إلى أن يتعاملوا مع اللحظة الحالية، لحظة ما بين الثورة أو الحراك وما بين تحقق الأهداف التنموية الكبرى، يتعاملوا معها كفترة انتقالية مؤقتة لا بد منها. والفترات الانتقالية لها شروطها ومتطلباتها.
من بين المتطلبات قبول وممارسة الأسلوب السياسي الشهير المعروف بالتوافقية، والتوافق هو تلاقي الأفكار والآراء حول أحكام مشتركة. وللعلم، فإن هذا الأسلوب كتب عنه وأدخله في الفكر السياسي الفيلسوف والسياسي الروماني الشهير سيسرو الذي اعتبر ممارسته ضرورية لبقاء الجمهورية. وعادة، يصبح التوافق سهلا وتحصيل حاصل عندما تكون هناك مصالح مشتركة وفهم مشترك لهذه المصالح واتفاق على سبل تحقيقها. أما إذا تناقضت المصالح فيصبح التوافق صعبا، ولكن غير مستحيل.
لماذا الحديث عن ذلك؟ لأن الاختلافات وسوء الفهم، ومن ثم الشك والتباعد، في ما بين مختلف قوى شباب الثورات والحراكات وفي ما بينها وبين القوى السياسية المعارضة الكلاسيكية السابقة، أصبح ظاهرة تثير القلق والخوف، لكأن الثورات قد اكتملت والحراكات قد حققت أهدافها وأننا نعيش أوضاعا مستقرة عادية تحتمل الخلافات حول القضايا الفرعية والصراعات حول تقاسم الكعكة.
هناك، إذن، ضرورة وطنية وقومية ومصلحيه لأن تتعامل قوى التغيير، الثورية منها وغير الثورية، مع الواقع السياسي العربي، وربما لبضع سنوات قادمة، من خلال احتضان وممارسة مفهومي الفترة الانتقالية المؤقتة والعمل التوافقي. كيف سينعكس ذلك على الواقع؟
أولا: الوعي والاتفاق بين كل أطياف المعارضة على أن المصلحة المقدسة المشتركة لجميع القوى التي واجهت الأنظمة السابقة قبل وأثناء الثورات هي ألا تنتكس الثورات والحراكات أو تتراجع أو تتشوه أو تسرق أو تدخل في المصائد التي تتعمد نصبها قوى خارجية وداخلية. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بتقديم الأهم على المهم، وإلا بقبول التضحية ببعض المصالح الذاتية من أجل المصالح المشتركة، وإلا بالرفض التام لمبدأ التنافس على الحصص في الوقت الحاضر.
بمعنى آخر، أن يكون الهدف المفصلي تخليص المجتمع بصورة جذرية من وجود رجالات السلطة السابقين الفاسدين ومؤسساتهم وكل أنواع أعوانهم وقوانينهم في الساحة السياسية، بما فيها الأحزاب والبرلمانات ومنابر الإعلام والدين. وكمثل صارخ، يقتضي أن تتعاون بشكل كامل وفاعل كل قوى المعارضة في خوض الانتخابات القادمة، سواء البرلمانية أو الرئاسية أو البلدية أو غيرها، من أجل سد كل المنافذ في وجه من حكموا هذه الأمة بالاستبداد والظلم والنهب وخيانة الاستقلال الوطني والقومي... إلخ، حتى لا يعودوا إلى الساحة السياسية مجددا. في فترة الانتقال، لا يوجد مبرر لأي تنافس في ما بين قوى المعارضة حول اقتسام الكراسي والنفوذ، فأي منهم سيكون أفضل للأمة من أي من ممثلي العهود السابقة. أي خلاف في وجهات النظر يجب أن يؤجل إلى ما بعد الانتخابات، وأي تنافس يؤجل إلى الانتخابات المستقبلية عندما تكون المجتمعات قد تخلصت من جراثيمها السياسية وبدأت في التعافي. باختصار، ستحتاج جميع قوى المعارضة التعامل مع بعضها البعض من خلال مبدأ حلول الوسط الذي وصفه زعيم حزب العمال البريطاني السابق نيل كينوك بكونه يشبه واصل السيارة (Gear) الذي بدونه لا تسير السيارة ولا تنفع أحدا، حتى ولو بدت جميلة.
ثانيا: لا تحتاج قوى المعارضة إلى التكاتف فقط من أجل سد الأخطار الداخلية، فالأخطار الخارجية التي تهدد الثورات وتسعى إلى دفعها للانتكاسة والتشويه، حتى لا تتأثر مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، تكاد تكون مساوية للأخطار الداخلية، فالعدو الصهيوني وأمريكا وبعض دول أوربا لن تقبل قط بأن تكون الثورات والحراكات وطنية تسعى إلى الاستقلال الكامل عن نفوذها وإلى حرية الأوطان، وأن تكون قومية تسعى إلى وحدة الأمة العربية ووحدة وطنها العربي الكبير وتقف مجتمعة في وجه الاستيطان الصهيوني ومشاريعه الاستعمارية. إبقاء الأمة مجزأة، بل والإمعان في تفتيتها على أسس عرقية ودينية ومذهبية وقبلية، ونهب ثرواتها، ومحاصرة كل إمكانيات القوة والنهوض فيها، لن تتنازل عنه تلك القوى الخارجية قط، فهذا جزء عضوي أصيل من مخطط بدأ بالحروب الصليبية منذ تسعة قرون، ومر بتدمير مشروع محمد علي باشا، وباحتلال واستعمار كل الأرض العربية، وبزرع الوجود الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، وبمقاومة كل محاولة قومية وحدودية كالمحاولة الناصرية، وانتهاء في أيامنا هذه باحتلال العراق وباختلاق فتنة مذهبية حقيرة بين الشيعة والسنة. والقائمة طويلة تحتاج إلى مجلدات.
باب التدخلات الخارجية، من خلال الأعوان في الداخل، والمنح المالية لهذه الجهة أو تلك تحت ألف غطاء وغطاء، والابتزاز الاقتصادي، وإثارة شهوات السلطة عند بعض العساكر والأحزاب والمغامرين الانتهازيين، هذا الباب يجب أن يكون أولوية الأولويات عند قوى المعارضة.. إنه أهم بكثير من تثبيت الوجود في الشارع أو اقتسام كراسي البرلمانات أو إضافة سنتيمتر واحد في ساحة السياسة.
سد الأبواب في وجه الأنظمة الفاسدة الاستبدادية السابقة ومنعها من العودة من الشبابيك الخلفية، وسد الأبواب في وجه القوى الخارجية الراغبة في استعمال الثورات والحراكات لتنفيذ مخططاتها الاستغلالية التفتيتية المعروفة.. هذان هما المطلوبان في فترة الانتقال كأولوية قصوى، أما الباقي فيمكن تأجيله إلى حين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.