قررت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء وضع الموقوفين الأربعة في قضية السطو المسلح على الذهب تحت الحراسة النظرية، بينما صدرت مذكرة بحث في حق شخص مقيم في بلجيكا اعترف المتهمون بأنهم باعوه الذهب المسروق. وكشفت مصالح الشرطة القضائية أن الكمية الحقيقية للذهب المسروق هي 10 كيلوغرامات، وقيمتها أربعة ملايين درهم، وهي الكمية التي كانت في كيس كان يحمله مستخدمو شركة «أورو ميكانيكا»، بينما لم يتمكنا من سرقة كيس آخر كان بداخله كيلوغرام ونصف من الذهب. كما حجزت لدى المتهمين مبالغ مالية بلغت 128 ألف درهم و86 ألفا و500 أورو، عثر عليها داخل سيارة من نوع «توارغ» كانت مركونة بالمحطة الطرقية، كما عثر بداخل السيارة على محجوزات ضمت أسلحة مختلفة. وبلغ عدد الموقوفين في هذه القضية، حتى الآن، أربعة أشخاص، بعد التحقيق مع المتهمين الرئيسيين، اللذين يبلغ أحدهما 29 سنة والآخر 26 سنة، إذ أسفر التحقيق عن إلقاء القبض على متهمين آخرين يشتبه في انتمائهما إلى هذه العصابة، وضلوعهما في عملية سطو مسلح أخرى في رمضان من السنة الماضية، باءت بالفشل بعد تدخل مالك محل المجوهرات الذي تعرض لمحاولة السطو هاته. وبينت التحريات الأولية أن الدراجة النارية كانت في ملكية عدة أشخاص، وأنها دخلت إلى المغرب مفككة إلى أجزاء، وتم اعتقال خمسة أفراد كانوا قد باعوا الدراجة النارية في وقت سابق بوثائق مزورة. وبعد أن استوفت عناصر الفرقة الجنائية أبحاثها بالقبض على أربعة متورطين في عملية السطو، تم أول أمس الثلاثاء بولاية الأمن، تقديم المحجوزات التي تم ضبطها لدى المتهمين وهي عبارة عن ثلاثة مسدسات، و113 رصاصة، وأربعة أقنعة، وأسلحة بيضاء، و4 قفازات، وقبعتين، وسترة عسكرية، و120 مليون سنتيم من العملة الوطنية والعملات الأجنبية، وقنينة (كريموجين)، وخوذتين. كما تم حجز سيارة رباعية الدفع بيضاء اللون كان المتهمان قد استعملاها في وقت سابق في عملية سرقة الذهب ببرشيد.ولم يتم العثور على كمية الذهب المسروق التي ما تزال بحوزة شريك آخر ببلجيكا. وقد اعترف منفذ العملية الرئيسي بأنه استوحى فكرة سرقة الذهب من البرنامج التلفزيوني 45 دقيقة، والذي تناول في واحدة من حلقاته موضوع تعشير الذهب بمديرية الضرائب. ويتعلق الأمر بالمتهم الملقب بالمصري، وهو من مواليد سنة 1982، يسكن بحي الإنارة من عائلة ميسورة، ومن هواة ركوب الدراجات النارية كبيرة الحجم، وبدون سوابق عدلية. واعترف المتهمون، خلال التحقيق معهم، بأنهم كانوا يعتزمون سرقة محل مجوهرات آخر بالدارالبيضاء، وبالتفاصيل الكاملة لبداية نشاطهم الإجرامي، فقد أوضح المتهم الرئيسي، والمتزوج من امرأتين، أنه قرر القيام بعمليات سطو مسلح على محلات ذهب بعد متابعته لإحدى حلقات برنامج تلفزيوني يعرض بالتلفزة المغربية، عندما كان ببلجيكا، والتي سافر إليها إثر عمليات نصب واحتيال وتزوير لتأشيرة الدخول إلى أوربا، وتمكن بذلك من السفر مرات عديدة إلى بلجيكا، وهناك التقى بشخص أطلعه على كيفية تهريب أسلحة إلى المغرب. وأوضح المتهم الرئيسي أنه نسق مع شريكه بعد عودته إلى المغرب وتخطيطه لتنفيذ عملية سطو، حيث بدآ باقتناء دراجة نارية من نوع (كا تي إم 950 إس إم) ذات سرعة عالية، تقدر قيمتها ب27 ألفا و500 درهم، وبعد التحري تبين أن هذه الدراجة سرقت سنة 2009 من إيطاليا، وتناوب على ملكيتها خمسة أشخاص قبل أن يمتلكها المتهم الرئيسي ويستعملها في عملية السطو. وكشف التحقيق مع المتهمين عن القصة الكاملة لعملية السطو، والتي بدأت، مطلع السنة الجارية، بمراقبة المتهم الرئيسي، والذي كان يعمل مستخدما في مجال الصياغة، لورشة شركة المجوهرات المسروقة، كما ظل يتتبع حركات سياراتها التي تنقل الذهب قصد تعشيره لمدة ستة أشهر قبل تنفيذ العملية. وفي يوم تنفيذ العملية، المصادف لفاتح غشت الجاري، قام المتهم الرئيسي وشريكه بتعقب سيارة شركة «أورو ميكانيكا» إلى حين وقوفها أمام إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بشارع الراشيدي وسط البيضاء، حيث هاجم المتهم الرئيسي مستخدمي الشركة الثلاثة وأصاب اثنين منهم بأعيرة نارية، وسرقا الكيس الذي ضم 10 كيلوغرامات من الذهب، ولاذا بالفرار، مستعملين الطريق الوطنية لآزمور حيث تخلصا هناك من الدراجة النارية عند الساعة الواحدة زوالا. وقادت هذه الدراجة النارية مصالح الأمن إلى تفكيك خيوط هذه الجريمة، إذ تم اللجوء إلى التنسيق مع الشرطة الدولية «الأنتربول» لمعرفة نوع هذه الدراجة، والتي تبين أنها تستعمل كثيرا في عمليات السطو المسلح بأوربا، غير أن الغريب في الأمر هو أن هذه الدراجة تكون مصبوغة عادة باللون البرتقالي، بينما صبغت الدراجة التي استعملت في السطو بالبيضاء باللون الأسود. وتوصلت مصالح الشرطة القضائية، بعد التحري، إلى أن إطارات الدراجة تم تغييرها في المغرب على اعتبار أن موزع هذا النوع من الإطارات، بشكل حصري، يوجد في المغرب، وإثر ربط الاتصال به دلهم على التاجر الذي يبيع هذا النوع من الإطارات بالتقسيط، والموجود بحي بنجدية وسط البيضاء، وهذا الأخير قادهم إلى ميكانيكي دراجات يوجد بشارع بئر أنزران، سبق له أن غير إطارات دراجة المتهمين، وتمكن من التعرف على المتهم الرئيسي.إثر ذلك، أعدت مصالح الشرطة صورة وصفية «بورتريه روبو» للمتهم، قبل أن تتمكن من إيقافه، نهاية الأسبوع الماضي، على متن سيارته من نوع «باليو» كان يعبر بها شارع محمد الخامس وسط البيضاء. وإثر عرض المتهمين الأربعة، بمن فيهم المتورطون في عملية السطو ببرشيد، أصيب شريك المتهم الرئيسي، والذي كان يحترف إصلاح الهواتف المحمولة، بانهيار نفسي، إذ لم يتوقف عن البكاء وهو يردد «أنا مظلوم.. أنا مظلوم.. ما نقدرش ندير هاد الشي...»، بينما حافظ باقي المتهمين على هدوئهم. ومن المنتظر أن يعرض المتهمون على المحكمة العسكرية على اعتبار أنهم حازوا أسلحة نارية واستعملوها في عملية سطو انتهت بإصابة أشخاص.