«خلال شهر رمضان أدخل المطبخ، للشروع في إعداد وجبة الفطور، بعد صلاة الظهر مباشرة ولا أخرج منه إلا بعد أذان المغرب منهكة بالكاد أستطيع التحرك بعد يوم شاق من الصيام والأشغال المنزلية المتعبة»، تقول زهور، ربة بيت لأسرة مكونة من ستة أفراد. زهور ليست الوحيدة التي تعاني من ثقل الأعباء المنزلية خلال شهر رمضان، فمع حلول هذا الشهر وتغير نمط عيش المغاربة، تشتكي العديد من النساء، ربات البيوت كما الموظفات، من كثرة أشغال المنزل، خاصة المرتبطة بالمطبخ والإعداد للوجبات الرئيسية خلال هذا الشهر، بل منهن من تظل تدور في حلقة مفرغة، طيلة الشهر، تبدؤها بأعمال النظافة صباحا لتدخل، مباشرة إثر الانتهاء منها، إلى المطبخ حيث تبدأ سيلا من الأعمال التي لا تنتهي من عجين إلى إعداد «الحريرة» والمأكولات الأخرى الخاصة بالفطور إلى طهي وجبة العشاء، بالنسبة إلى السيدات اللواتي يرغبن في ربح الوقت. تشرع معظم ربات البيوت في الإعداد لوجبة الفطور منذ منتصف النهار، بعد صلاة الظهر في أغلب الأحيان، بينما تجد النساء الموظفات أنفسهن مجبرات على مباشرة أشغال البيت إثر العودة من العمل حوالي الثاثة بعد الظهر، دون أخذ ولو قسط من الراحة أحيانا، بحكم قصر المدة التي تفصلهن عن أذان المغرب مقابل الكم الهائل من الأشغال التي يتوجب عليهن القيام بها، «أحيانا، يؤذن المؤذن لصلاة المغرب قبل أن أنتهي من الإعداد لوجبة الفطور»، تقول جميلة، موظفة في القطاع العام. مما يعني أن التعب خلال هذا الشهر يكون مضاعفا بالنسبة إلى هؤلاء السيدات، خاصة وأنهن يقضين ما يعادل ست ساعات في العمل خارج البيت، لتستأنفن مباشرة بعدها العمل داخل المطبخ، مما يخلق إرهاقا كبير بالنسبة للعديد منهن، خاصة اللواتي يتحملن القيام بكل الأشغال بمفردهن في ظل غياب خادمة أو ابنة تستطيع المساعدة في أشغال البيت». حتى التفكيراليومي في الأطباق التي سيتم طهيها يشكل عبئا على المرأة، فهي مطالبة بالتنويع والابتكار، خاصة خلال هذا الشهر». صعوبة التوفيق بين العمل داخل البيت وخارجه خلال رمضان أمر يشكل أرقا للكثير من النساء العاملات، وإذا كانت جميلة تعيش إرهاقا كبيرا خلال شهر رمضان بسبب ذلك، فهناك من ربات البيوت الأخريات، ممن «تتضاعف» بالنسبة إليهن الأشغال المنزلية خلال رمضان، بالنظر إلى حجم الأسرة الكبير أو كثرة زيارات الأهل والأقارب. تحكي «لعزيزة»، ربة لأسرة «سلاوية» تتكون من سبعة أفراد، كيف يتحول رمضان بالنسبة إليها من شهر صيام وعبادة إلى شهر «تعب وإرهاق»، «غالبا ما لا يقضي زوجي الليل معنا في البيت، بحكم عمله الليلي، مما يضطرني إلى إعداد طعام خاص به، قد يكون أحيانا وجبة لستة أشخاص، حيث يتناوب ورفاقه الخمسة على إحضار وجبات الفطور والسحور، للمجموعة كلها»، بذلك تكون «لعزيزة» مجبرة أحيانا على إعداد كمية مضاعفة من الطعام: وجبة لأبنائها الخمسة، ووجبة ثانية لزوجها ورفاقه الخمسة، ولعل ما يزيد من تعبها ضرورة العناية بأطفالها الصغار والحرص على وجباتهم الغذائية خلال هذا الشهر، مما يخلق لها إجهادا كبيرا. الانشغال بكثرة أعمال المنزل خلال شهر رمضان يفوت على كثيرات من هؤلاء النساء فرصة التفرغ للعبادة والذكر، «أحيانا أؤخرصلاة المغرب حتى أؤديها مع العشاء، وعندما يصل وقت التراويح أكون في غاية الإنهاك، مما يجعلني أكتفي ببضع ركعات في غالب الأحيان»، تقول ربيعة بغير رضى. بينما تغرق هؤلاء النساء في كم هائل من الأشغال المتعبة، غالبا ما يكون الزوج بعيدا عن هذه «المعمعة» كلها. «لقد نشأ زوجي منذ طفولته على كون مشاركة الرجل المراة في أعمال المطبخ أمر «حشومة» وانتقاص من الرجولة، مما يجعله لا يمد لي يد العون في أي من الأمور المنزلية رغم غياب من يساعدني»، تقول جميلة، وهي ليست الوحيدة التي تشكو من عدم مساعدة زوجها، فأغلب النساء تجمعن على كون أزواجهن لا يتقبلون فكرة المشاركة في أعمال المطبخ، إما بسبب معارضة الفكرة مبدئيا أو التحجج بالإرهاق من كثرة العمل خارج البيت، بل منهم من لا تجرؤ زوجته أصلا على طرح الفكرة عليه بسبب «مزاجه السيئ» خلال شهر رمضان، «يمكن تقبل الأمر نسبيا إن كان الزوج يرضى بما أعدته زوجته، غير أن ما لا يمكن احتماله هو الزوج الذي يتفنن في الإكثار من الطلبات دون أن يكلف نفسه عناء حمل ولو طبق واحد ووضعه على الطاولة»، تضيف زهور.