يتهاون الكثير من الناس عن تناول وجبة السحور ويكتفون بإشباع جوع بطونهم خلال وجبة العشاء، وفي أحسن الأحوال، يقومون للسحور لأجل ارتشاف كاس ماء فقط، رغم ما تكتسيه هذه الوجبة من أهمية كبيرة على صحة الإنسان ورغم دورها في المحافظة على نشاط وحيوية الصائم، خصوصا مع طول ساعات الصيام في هذه الفترة من السنة، حيث تصل ساعات الصيام إلى 16 ساعة. فالسحور وجبة رئيسية وضرورية، كالإفطار تماما، لأنها تعين المرء على تحمُّل مشاق الصيام. ولهذه الوجبة المباركة فوائد صحية تعود على الإنسان الصائم بالنفع وتُعينه على قضاء نهاره صائما في نشاط وحيوية، ولذا أوصى رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بالسحور وحث عليه فقال: «تسحّروا فإن في السحور بركة». وتتجسد هذه البركة في أن هذه الوجبة تقوي الصائم وتُنشّطه وتُهوّن عليه الصيام، إضافة إلى ما فيها من الأجر والثواب بامتثال هدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم. كما إن تناول وجبة السحور في وقتها يمنع الإحساس بالجوع والعطش، وينشط تناول السحور الجهاز الهضمي ويحافظ على مستوى السكر في الدم فترة الصيام. وينصح بعدم إهمال وجبة السحور أو الاكتفاء بتناول وجبة العشاء في وقت متأخر عوضا عنها ذلك لأن تناولها في وقتها أي قبيل الفجر يُمكّن من تقليل الإحساس بالجوع أثناء النهار ويزود الجسم بما يحتاجه من مواد غذائية تساعده على الاستمرار في الصيام. ومن الفوائد الأخرى لوجبة السحور منع حدوث الإعياء وألم الرأس أثناء نهار رمضان، كما أنها تساعد الإنسان على التخفيف من الجوع والعطش الشديد، حيث تمنع الشعور بالكسل والخمول والرغبة في النوم أثناء ساعات النهار وتُنشّط الجهاز الهضمي، والاهم أنها تحافظ على مستوى السكر في الدم. وللسحور فوائد روحية كذلك، لكونه يعين العبد المؤمن على طاعة الله، عز وجل، في يومه. ومن المهم تأخير هذه الوجبة قدر الإمكان إلى ما قبيل أذان الفجر، حتى نساعد الجسم والجهاز العصبي على احتمال ساعات الصوم في النهار، كما أكدت ذلك السُّنّة. وقد كان أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، يؤخرون السحور، كما روى عمرو بن ميمون، قال: «كان أصحاب محمد، صلى الله عليه وسلم، أعجل الناس إفطاراً وأبطأهم سحورا»... تختلف مكونات وجبة السحور من أسرة إلى أخرى، تبعا لعاداتها الغذائية ولإمكانياتها المادية، إلا إن هناك قواعد عامة يجب الالتزام بها قدر الإمكان. يفضل ألا يحتوي السحور على كمية كبيرة من السكر أو الملح، لأن السكر يبعث على الجوع والملح يبعث على العطش، فلا يصح تناول «الشباكية» أو «البريوات» على السحور أو المملحات أو السمك أو المقليات الغنية بالدهون أو إضافة الكثير من البهارات إلى الأكل. في المقابل، يجب تفضيل الأطعمة ذات السرعة المتوسطة في الهضم، مثل زيت الزيتون أو الجبن والبيض والتمر والخبز الكامل، فهذه الوجبة تستطيع أن تصمد في المعدة من 7 إلى 9 ساعات، كما يجب أن تحتوي الوجبة على الفيتامينات والأملاح المعدنية والبروتينات وأن تكون بسيطة ومتوازنة: شريحة من الخبز مع الجبن أو زيت الزيتون أو شوربة الشعير أو «الحريرة» أو «شوربة» الخضر أو سلَطة الخضر أو مرق خفيف وقطعة لحم مشوي، مع نوع من الفاكهة أو عصير فاكهة غير محلى، فمن شأنها أن تمُدّ الجسم بالطاقة اللازمة له تدريجيا، فتساعد على تلافى الإحساس بالجوع إلى قبيل الإفطار بقليل كما تمده بحاجته من الطاقة، مع تأخير الإحساس بالجوع والعطش، فالخضراوات تساعد على مد الجسم بالماء تدريجيا. أما تناول الأغذية الغنية بالملح والدهنيات، كالوجبات السريعة من «الشوارما» أو اللحوم والمخللات والغنية بالسكر، كالحلويات الرمضانية، فتعزز الشعور بالعطش والجوع، لهذا يجب اختيار ما سنأكله في وجبة السحور بعناية فائقة. أما بخصوص الماء والمشروبات، فأحسن مشروب هو الماء والعصائر الطبيعة غير المحلاة ومشروبات أخرى دافئة ك»اللويزة» مثلا. أما الشاي والقهوة فيُنصَح بالابتعاد عن تناولهما، لأنهما مدران للبول وقد يزيدان من الشعور بالعطش لاحقا. ومن المهم أن تحتوي وجبة السحور على أحد أنواع الأطعمة بطيئة الهضم والامتصاص والغنية بالألياف، مثل النشويات المركبة (الأرز، البطاطس، الخبز والحبوب الكاملة) التي تمنحك الطاقة والنشاط لوقت أطول بعكس السكريات البسيطة (الأطعمة العالية بالسكر) التي تعطيك شعوراً بالنشاط لوقت قصير ثم شعوراً بالجوع بعد ذلك، نتيجة هبوط مستوى السكر في الدم. والجدير بالذكر أن الحبوب الكاملة والخبز الكامل غني بالفيتامينات والألياف، التي تساعد جسمك على استهلاك الطاقة من الأطعمة المتناولة. فالحليب و«الياغورت» والتمر من الأغذية التي يستحب تواجدها على مائدة السحور من وقت إلى آخر، لكونها مشبعة لها فوائد غذائية وصحية عديدة، فهو غني بالبروتينات والدهنيات والفيتامينات, والمعادن، كما يساعد في الوقاية من الأمراض ويمد الجسم بحاجته من المغذيات المختلفة. أسماء زريول أخصائية في علم التغذية والحمية [email protected]