على طول رقعة هذا الوطن العربي، وعلى امتداد المخاضات التي مر منها إنسانه من أجل التحرر والبقاء والكينونة، نواكب هذا الحراك الذي لم يفتر يوما منذ اشتعل مع أحلام النهضة العربية المؤجلة، من خلال زاوية خاصة: زاوية الكاريكاتور ومبدعيه. في هذه السلسلة ننفتح على تجارب رسامي كاريكاتور عرب سخروا ريشاتهم وفنهم للانخراط في نهضة أمتهم، غير أن حبهم لهذا الوطن لم يكن دائما ليشفع لهم ويكف عنهم الأيدي. فكثير من فناني الكاريكاتور قدموا أرواحهم فداء لريشاتهم وأفكارهم وأحلامهم، لكن الكثير منهم أيضا ألهم القراء والمتابعين وطبع ذاكرة وتاريخ الوطن العربي. في هذه السلسلة نسترجع محطات من حياة هؤلاء وفاء لهم ولفنهم النبيل.. في تاريخه الفني العديد من الجوائز العالمية، فقد حصل على جوائز من تايوان والصين ومن قبرص وإيران وبولونيا، ونشرت أعماله في الصحف والدوريات العربية والعالمية. ولد رائد خليل بسورية – حماة سنة 1973، عمل خلال مساره المهني في العديد من الصحف والمجلات العربية والعالمية، منها مجلة «صباح الخير» اللبنانية، وصحيفة «المدى» الاقتصادية الصادرة في روما، ومجلة «كيهان كاريكاتور» الإيرانية، ومجلة «فيلاغورسيك» الهنغارية، ومجلة «كاركوميكس» التركية، ومجلة «دوبري هومر» البولونية. اشتهر رائد خليل بتعاطيه مع موضوع الفقر كثيرا في رسومه، ويقول بهذا الصدد : «في رؤيتي للقضية التي تبنيتها، ألا وهي قضية الفقراء، وجدت أن الغالبية العظمى لا تملك مقومات الحياة الأساسية، فلذلك في أعمالي بحث دائم عن الحل وليس طرح المشكلة فقط». يقول النقاد إن الرسام رائد خليل متأثر كثيرا بطريقة الرسام السوري فرزات في كيفية تنفيذ الخطوط على الورق والشخوص، واتهمه البعض بتقليده في بعض أفكاره، لكن تبقى لدى الرسام رائد خليل بصمته الخاصة في الكاريكاتير العربي والعالمي. يقول الفنان رائد خليل عن تجربة الكاريكاتير إن «الكاريكاتير فن يقوم على الجمع بين إبداع الفكرة الحادة الجادة العميقة المؤدية والشكل الغني الحامل لهذه الفكرة عبر الخطوط والظلال وعبر تكسير الملامح دون طمسها والإيحاء بها دون إيضاحها إيضاحا مباشراً. هذا الجمع يحرض عقل الناظر إلى اللوحة الكاريكاتيرية ويثير مشاعره ويسهم في تكوين وعيه. عندما قلت إن الكاريكاتير لم يعد يعتمد الهزل والضحك لمجرد الفكاهة، فهذا لايعني نفي الفكاهة، لكن الواقع الحالي لا يحتاج إلى التهريج، فالسخرية يجب أن تتواجد، وأنا هنا أتكلم عن الواقع الذي نعيشه، فكل مايحيط بنا تلفه المأساة، فهل يعقل أن أطرح الفكاهي في واقع مدمى. وهذا ليس تقليلاً من قيمة الفكاهة. إذا وجدت بعض الأعمال الفكاهية، فهي وقفة قصيرة للترويج عن النفس وللتخفيف من الضغط خوفاً من الانفجار. والجدير بالذكر أن هناك بعض المهرجانات في العالم تجعل موضوعاتها الرئيسية «الضحك» وتحت عنوان «الإنسان يريد أن يضحك». ويقول رائد خليل عن علاقة الصحافة بفن الكاريكاتير : «كان الكاريكاتير ضالاً فتبنته الصحافة ووجد نفسه فيها وأخذ حيزاً هاماً، وعلا شأن الكاريكاتير مع نشره في صفحات المجلات والصحف، والعلاقة بينهما تعتمد على المنفعة المتبادلة، ولو عدنا إلى وظائف الكاريكاتير لوجدنا أن هناك وظيفتين له تخدم الصحافة بشكل كبير، ألا وهما الوظيفة الجمالية والوظيفة الاستهلاكية». إعداد- سعد جلال