بلغت العائدات الضريبية التي استقبلتها خزينة الدولة في النصف الأول من السنة الجارية 101 مليار درهم، مسجلة زيادة بنسبة 29.3 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الجارية، مما يؤشر على احتمال تجاوز المداخيل الجبائية في نهاية السنة توقعات الميزانية التي راهنت على 146.2 مليار درهم. ويرد بنك المغرب هذا التطور الذي ميز المداخيل الضريبية في النصف الأول من السنة الجارية أساسا إلى مساهمة الضريبة على الشركات التي نمت ب72.5 في المائة لتنتقل إلى 31 مليار درهم، هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه عائدات الضريبة على الدخل بنسبة 17.7 في المائة لتصل إلى 16.6 مليار درهم. أما الضريبة على القيمة المضافة، فقد درت على خرينة الدولة مداخيل بقيمة 29.2 مليار درهم، مسجلة نموا بنسبة 22.2 في المائة مقارنة بالنصف الأول من السنة الماضية، بحيث ساهم في هذا التطور، الضريبةُ على القيمة المضافة الداخلية وتلك التي تصيب الواردات على حد سواء. وانعكس هذا التطور على مستوى العائدات الجبائية على أداء وضعية الميزانية العامة للدولة، حيث أفضى تحسن أداء الجباية في النصف الأول من السنة الجارية، في مقابل التحكم النسبي في النفقات العمومية، إلى بلوغ فائض في تنفيذ الميزانية ب7.8 ملايير درهم، مما يؤشر على احتمال تحقيق توازن موازني في نهاية السنة الجارية. وفي الوقت الذي يشكوفيه بعض المقاولين من ارتفاع الضغط الضريبي عليهم، محيلين على التطور الذي ميز مداخيل الضريبة على الشركات، ينبه بعض المحللين إلى أنه رغم التغير الذي طال بنية الجباية في المغرب، من خلال التحسن الذي ميز مساهمة الضريبة المباشرة، بفعل مساهمة الضريبة على الشركات، فإن العائدات الجبائية في هيكلتها العامة تشير إلى استمرار هيمنة الضريبة غير المباشرة من خلال الضريبة على القيمة المضافة التي يقوم نموها في المغرب على تضريب المواد واسعة الاستهلاك، في نفس الوقت الذي لم تتغير فيه بنية الضريبة على الدخل، حيث تأتي أكثر من 85 في المائة من عائداتها من الأجور، مما يطرح التساؤل، في نظر البعض، حول مساهمة المهن الحرة الخاضعة لهذه الضريبة. ويرد الاقتصادي المغربي محمد بوستى التطور الذي ميز العائدات الجبائية في السنوات الأخيرة، إلى جودة وأهمية علميات المراجعة الجبائية التي تنجزها الإدارة الضريبية، حيث تستهدف الملزمين الكبار بالضريبة على الشركات والقطاعات، فقد ساهمت المراجعات الضريبية في زيادة عائدات الضريبة على الشركات ب2.5 مليار درهم في السنة الفارطة، مقابل 1.6 مليا درهم في سنة 2006. غير أن الإدارة الجبائية لا تمعن في المراجعات التي قد تثير تحفظ المقاولات، بل أبدت في تعاطيها مع بعض الحالات مرونة كبيرة، تجلت في قبولها بالحلول الحبية، التي تقترب من مسطرة العفو، تفاديات للمنازعات الجبائية التي تستغرق وقتا أطول. ويرى بوستى أن تفسير ارتفاع العائدات الجبائية لا يعزى فقد إلى جودة التفتش والحلول الحبية، بل يجد تفسيره كذلك، في مساهمة المقاولات الصغرى والمتوسطة التي بدأت تتخلص من التوجس الذي لازمها في السابق من الضريبة على الشركات، خاصة بعد تقليص معدل الضريبة على الشركات، هذا ناهيك هن الدور الذي لعبته سياسة إلغاء الإعفاءات والأنظمة الاستثنائية في توسيع الوعاء الجبائي. لاحظت يومية «لوموند»الفرنسية، في مقال حول الاقتصاد المغربي مؤخرا، أن الضرائب تعتبر بمثابة مغارة «علي بابا» بالنسبة إلى المغرب، غير أنها شددت على أن ذلك يثير حفيظة رجال الأعمال، الذين ينددون بالأساليب التي تستعملها الإدارة الضريبية، في إشارة إلى المراجعات التي نشطت في السنوات الأخيرة، وهذا ما يساهم حسب تصريح للاقتصادي العربي الجعيدي، خص به اليومية الفرنسية، في إفساد قواعد اللعب والشفافية، وهويلاحظ أنه يجري استعمال الضريبة كعصا ومنجم يلجأ إليه حسب حاجيات اللحظة، وهوالأمر الذي يعتبره غير سوي. رأي لا يشاطره بوستى الذي يعتبر أن تعبئة العائدات الجبائية سلوك سيادي للدولة، خاصة في ظل شح الموارد، وتلك الموارد تعول عليها جميع البلدان.