بعد ليلة خمرية، وفي الساعة الرابعة صباحا، طلب عيسى من صديقه العودة إلى البيت، على أن يلتحق به هو وابنة خالته فيما بعد، الأمر الذي رفضه الصديق، وحين ألح عليه في الطلب، اعتبر الصديق الأمر إهانة خاصة أمام ابنة خالته التي كانت برفقتهما ليلتها، فدخل الجاني في جدال مع عيسى وتطور الأمر إلى صراع.. استل معه الصديق مدية من تحته ووجه إلى عيسى طعنة على مستوى القلب سقط على إثرها مضرجا في دمائه. انسحب الجاني من ساحة المعركة جارا وراءه ابنة خالته، وتركا الضحية يلفظ أنفاسه الأخيرة. استل الجاني مدية ووجه إلى عيسى طعنة القلب.. حاول عيسى الدفاع عن نفسه لكن غريمه كان أسرع منه ووجه إليه عدة طعنات سقط على إثرها مضرجا في دمائه. انسحب الجاني من ساحة المعركة جارا وراءه ابنة خالته، تاركين الضحية يتخبط في جراحه. لم يكن لعيسى عمل قار لكنه كان يتدبر أمره بالاشتغال في كل شيء حتى في الممنوعات، مما جعله يزور السجن مرات عديدة وأصبح معروفا بسوابقه العدلية لدى سكان الحي ولدى مصالح الشرطة القضائية. كان يتنقل بدراجته النارية بحثا عن أي شيء يجني من ورائه دريهمات يعيل بها أسرته وتسمح له باقتناء بعض الخمور الحمراء ببعض النقط السوداء بالأحياء الفقيرة. كان يرتب قنينات الخمر داخل صندوق دراجته بطريقة دقيقة ومتأنية حتى يتجنب أي حادث يعكر عليه «نشاطه» وسهره في الهواء الطلق تحت ضوء القمر.
لا مجون بدون خليلة كانت حبيبة، من جهتها، تستعد لقضاء ليلة حمراء مع خليلها عيسى، الذي اعتاد أن يدللها بتقديمه لها هدايا ولو بسيطة «عْلى قَدْ الحال». كان عمرها لا يتعدى الثلاثين ربيعا وكان يكبرها بخمس عشرة سنة، لكن كانت تعشقه وتحبه لوسامته البدوية وقوته الجسمانية. كان متوسط القامة، قوي البنية، أسود الشعر، دائري الوجه يتوسطه فم يعلوه شاربان كثيفا الشعر. لم يكن عيسى ليقضي ليلة حمراء بدون حضور عنصرين اثنين ضروريين ولا يكتمل نشاط «لقصارة» إلا بتواجد «حبيبة» و»قنينة روج». كان الخليلان يترقبان سقوط الظلام لبدء سمرهما الليلي... ندماء أصحاب سوابق التقى الخليلان في المكان المعلوم بعيدا عن أنظار الناس، من سكان الحي والعابرين لمسالك الأرض الخلاء بالحي الهامشي. وبعد أن أوقف عيسى دراجته النارية بالقرب من مكان «لقصارة» أخرج الخمر وبدأ الخليلان ليلتهما في حدود الساعة الثامنة مساء، وجلسا يتسامران. لكن شخصا ثالثا التحق بالخليلين طمعا في جرعات من الخمر، الأمر الذي عكر صفو الليلة وأزعج عيسى الذي ابتلع غيظه وتمالك نفسه، بحكم أن الضيف الذي فرض نفسه هو ابن خالة خليلته وصديق له... الجريمة دارت كؤوس الخمر بينهم جميعا، وأُشعلت السجائر الواحدة تلو الأخرى، وحين أشارت الساعة إلى الساعة الرابعة صباحا، طلب عيسى من صديقه العودة إلى البيت على أن يلتحق به هو وابنة خالته فيما بعد، الأمر الذي رفضه الضيف المزعج. ألح عيسى عليه بعد أن عبر عن غضبه الذي لم يَرُق الضيف واعتبر الأمر إهانة، خصوصا وأن ابنة خالته شاهدة على ذلك. كان الضيف يعلم قوة نديمه وخصمه بحكم بنيته الضعيفة مقارنة مع عيسى وكانت المدية لا تفارقه لاختلاطه مع زمرة من ذوي السوابق العدلية.. دخل الجاني في جدال مع عيسى وتطور الأمر إلى صراع.. استل ابن خالة الخليلة المدية من تحته ووجه إلى عيسى طعنة على مستوى القلب.. وبحركات بطيئة، حاول عيسى الدفاع عن نفسه لكن غريمه كان أسرع منه، إذ سدد إليه عدة طعنات سقط على إثرها مضرجا في دمائه. انسحب الجاني من ساحة المعركة جارا وراءه ابنة خالته، وتركا الضحية يتخبط في دمائه. اعتقال الجاني عثر على جثة عيسى في حدود الساعة الثانية بعد زوال يوم الاثنين، ملقاة في مكان خلاء بحي هامشي بمدينة وجدة بالقرب من دراجته النارية وبجانبه وثائق تثبت هويته. وفور تلقي عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية الخبر، انتقلت إلى عين المكان وباشرت التحقيق والتحريات في الواقعة. وبعد تفحص الجثة تبين أن الشخص الهالك فارق الحياة قبل أزيد من عشر ساعات. وعند تفحص وثائق الضحية ثبت أنه شخص معروف لدى المصالح الأمنية إذا كان من ذوي السوابق العدلية، حيث قضى عقوبات حبسية كانت أولاها لمدة ثمان سنوات فيما بلغت الثانية سنتين. وبعد إخضاع الجثة لعملية التشريح بمستشفى الفارابي بوجدة تبين أن الضحية تلقى عدة طعنات في الجانب الأيسر بمدية كبيرة. ولم تدم التحريات طويلا، إذ تم التعرف على خليلته التي كانت برفقته ليلة الحادث وتم إلقاء القبض عليها في حدود الساعة السادسة من مساء نفس اليوم، فاعترفت بالوقائع وكشفت عن القاتل الذي تم اعتقاله في بيته في حدود الساعة الواحدة من صباح اليوم الموالي. وتبين من خلال التحقيق أن الثلاثة كانوا في جلسة خمرية قبل أن يندلع بين النديمين جدال تحول إلى صراع استل على إثره الجاني ابن خالة الفتاة ذو الثلاثين سنة، سكينا كبيرة ووجه إلى غريمه طعنات في القلب وتركاه مضرجا في دمائه قبل أن يفارق الحياة مخلفا وراءه طفلين. وأحيل الفاعلان على العدالة بتهمة القتل العمد في حق القاتل ومن أجل المشاركة وعدم تقديم مساعدة لشخص في خطر بالنسبة إلى الفتاة.