يروي عبد العزيز المسيوي المدير السابق لجامعة كرة القدم حكاية تعود لسنة 1972، حين كان رئيسا لبعثة الفريق الوطني للفتيان المشارك في الدورة الدولية لمدينة كان الفرنسية، ويستعرض فصولا من حكاية رحلة ليست ككل الرحلات. «منذ بداية الرحلة تبين أن الأمور غير طبيعية، قضينا الليلة في أحد فنادق المحمدية وفي الصباح الباكر توجهنا صوب مطار النواصر بالدار البيضاء، استوقفتنا دورية للدرك على مشارف المطار، قلت لهم نحن منتحب المغرب للفتيان سنقلع بعد ساعتين صوب فرنسا، للمشاركة في دوري دولي هناك بمشاركة منتخبات عالمية وأن كل الترتيبات قد اتخذت لاستقبالنا في نيس، سألني الدركي عما إذا كنت أتابع الأخبار أم لا، وقال لي إن البلاد في حالة طوارئ بعد محاولة انقلابية تعرض لها ملك البلاد المرحوم الحسن الثاني إثر تصدي بعض الطائرات العسكرية للطائرة الملكية في الأجواء خلال رحلة العودة من فرنسا، لم نفهم ما حصل وحاولنا البحث عن حل، سيما وأن تلك الفترة كان من الصعب جدا تأمين تواصل سريع لعدم وجود الهواتف المحمولة، ولاقتصار الهاتف الثابت على الإدارات العمومية وبعض العائلات الميسورة، لكن اتصالاتي مع رئيس الجامعة الكولونيل باموس أثمرت ترخيصا بالسماح لنا بالدخول إلى المطار وتمكنا من مغادرة البلاد بصعوبة، بعد طول تفحص لهوية أحد الأطر التقنية الذي كان حينها ينتمي لحزب سياسي معارض». لم تتوقف الأمور عند هذا الحد، فقد عاش المنتخب المغربي الذي كان يتكون من لاعبين شكلوا في ما بعد النواة الحقيقية للمنتخب الأول، كظلمي واسحيتة وغيرهما من النجوم وكان مدرب الفريق هو أحمد صبري الصحفي والشاعر، حدثا لا يقل طرافة كان ينتظر الوفد المغربي في كان زكاد لولا الصدف أن يكبد مسؤولي المنتخب مساءلات قانونية وتحقيقات هم في غنى عنها. «لقد شاءت الأقدار أن يصادف مقامنا في الديار الفرنسية عيد المولد النبوي، لم أنتبه للأمر قبل أن يفاتحني أحد اللاعبين في الموضوع، بعد أن طرق باب غرفتي ليطلب مني كرئيس للوفد البحث عن حل لاقتناء حلويات العيد وتنظيم إفطار جماعي وفق التقاليد المغربية، حرت في أمري خاصة وان المدينة التي كنا نقيم فيها لا تتيح لنا فرصة شراء هذه المتطلبات، لكن شابا جاءني إلى الفندق وقدم لي نفسه كمغربي مقيم في الضواحي وتظهر من ملامحه علامات الغنى، واقترح علي القيام بزيارة لكل أفراد المنتخب إلى منزل والده بالضاحية صباح يوم العيد، مؤكدا بأنه سيتكفل بمشكل النقل ثم ركب سيارته من نوع فولسفاكن واختفى عن الأنظار، أنهى الشاب حيرتي بعد أن ضربنا موعدا صباح اليوم الموالي، بل وأخبرت على الفور الطاقم التقني، وبعد ساعات زارنا في بهو الفندق مغربي آخر وطلب من الطاقم التقني والإداري قبول دعوة استضافة صباح يوم العيد، لكنني اعتذرت له بلطف وأخبرته بأنه من المستحيل ترك اللاعبين وحدهم في يوم العيد من جهة، ثم أخبرته بالاتفاق الذي تم مع الشاب المغربي الذي زار مقر إقامة المنتخب لنفس الغاية، وقدمت له بعض المواصفات الخاصة به، وعلى الفور أخبرنا بان الأمر يتعلق بنجل ابن عرفة الذي يقيم في نفس المدينة منذ ترحيله من المغرب، وهو السلطان الذي وضعه الاحتلال الفرنسي على العرش بعد نفي محمد الخامس طيب الله ثراه، ساد صمت رهيب وتوجهت على الفوز نحو المدرب قصد إخباره ببقية الحكاية التي كنا سندفع ثمنها غاليا، بسبب عدم توفر تمثيلية ديبلوماسية توجهنا، وفي يوم العيد لم يحضر ابن عرفة وكأنه علم برفضنا الضيافة لنقضي صباح العيد في الفندق دون طقوس تقليدية.