يروي محمد سهيل اللاعب الدولي السابق والمساعد الحالي لمدرب المنتخب السعودي، حكاية تعود لسنة 1987، حين كان يمارس ضمن أحد أندية الدرجة الثانية بالدوري الفرنسي، ويستحضر وقائع من معاناة رمضانية مركبة، امتزج فيها جهد التدريب الشاق في شهر رمضان مع طوارئ أخرى تستحق أن تروى لطرافتها. «في أحد الأيام الرمضانية من سنة 1987 حيث كنت أمارس ضمن نادي كويزو الفرنسي، تلقيت مكالمة من اللاعب الدولي السابق منصف الحداوي الذي تربطني به علاقة متينة أكد لي من خلالها عزمه على زيارتي في اليوم الموالي، ولأنني مرتبط بالتداريب الصباحية في شهر رمضان ومضاعفاتها، وتزامن وصوله مع فترة الإفطار فقد اقترحت عليه المجيء مباشرة بعد نزوله في مطار ليون إلى بورج التي تبعد بمسافة زمنية تقدر بساعتين مباشرة من مطار ليون، لكنني قررت في آخر لحظة التوجه إلى المطار لأكون في استقبال ضيفي أخذت معي عصيرا وثلاث تمرات من أجل «كسر الصيام»، كنت مجهدا وحين وصلت للمطار تأكد لي بأن محطة النزول تبعد عن محطة الانطلاق بحوالي ساعة، عدت أدراجي إلى البيت لم يكن الهاتف المحمول متاحا وكنت أكتفي بهاتف ثابت، تجاوزت الساعة منتصف الليل فشرعت في إعداد وجبة للسحور، قبل أن يرن الهاتف حيث أخبرني منصف بتواجده في مدينة تسمى بورج وهي في وسط فرنسا، حينها أيقنت بأن الضيف تائه وعلي أن ألحق به، بعد أن طلبت منه انتظاري في الموقع الذي حدده لي، بعد ساعة إلا ربع كنت في الموعد، لكن المفاجأة كانت في عدم كفاية رصيد البنزين، وعدم وجود محطة للوقود في حالة استمرار، حيث كانت مغلقة ولا تفتح إلا في الساعة السادسة صباحا، بل إن مجرد المغامرة واستكمال الطريق الرابطة بين المدينتين، ولأن المصيبة لا تأتي منفردة فقد تبين لنا بأن الماء غير متوفر لهذا كنا ملزمين بالجلوس في السيارة طيلة الليل وتناول «الشباكية» و«السفوف» التي أحضرها معه منصف من المغرب، وكنا نأكلها بدون سوائل لا ماء ولا حليب و لاعصير». كانت المحنة مضاعفة بعد رحلة متعبة بحثا عن ضيف أخطأ العنوان، ولاعب عانى من مضاعفات تدريب صباحي شاق، وسحور استثنائي يزيد البدن قلقا، لكن الحديث عن ذكريات المنتخب الوطني تحول إلى وجبة سحور كلامية لاستهلاك روتين الانتظار. في الساعة السادسة فتحت المحطة أبوابها وتمكن سهيل من ملء حقينة البنزين ليستكمل الطريق، وفي منتصف النهار كان عليه أن يحضر إلى النادي الذي كان مرتبطا بمباراة ودية أمام نادي ليون. «المعاناة لم تتوقف فقد لعبنا ثلاثة أشواط بناء على اتفاق بين المدربين، ولم يغيرني المدرب الذي أصر على إشراكي في الجولات الثلاث، لأنه ظل ينصحني بعدم الصيام دون أن آخذ بنصيحته، عدت إلى البيت وتوجهت إلى مطعم رفقة ضيفي من أجل تناول وجبة إفطار، وقبل موعد الإفطار كنت أتأمل الماء والعصير والمأكل كعداء ينتظر لحظة الانطلاقة».