اضطرت جامعة كرة القدم إلى الرضوخ لمشيئة عبد السلام أحيزون، واستجابت مكرهة لطلبه الرامي إلى تأجيل مبارتي نصف نهائي كأس العرش، كي لا تتزامنا مع الملتقى الدولي لألعاب القوى، ولأن الجامعة تعرف أنه بدون دعم مؤسسة أحيزون فإن الكرة ستصبح مفشوشة، فإنها قبلت المقترح على مضض خوفا من خصاص رهيب يجعل لازمة «رصيدكم غير كاف لإجراء المكالمة» عنوانا للمرحلة. اضطرت الفرق الأربعة إلى تليين موقفها وقبول التعديل حتى ولو تطلب الأمر مغالبة النعاس. أمام هذا الوضع يمكن أن نتخيل سويا أكثر الاحتمالات سوءا، وهو تمديد زمن المواجهتين إلى الأشواط الإضافية والحسم بضربات الجزاء، وهو أمر وارد في كرة القدم ومنافسات كأس العرش بالخصوص، وفي هذه الحالة يمكن أن تبدأ المباراة الثانية يوم السبت وتنتهي يوم الأحد، ولا بأس أن يظل الجمهور يقظا وأن يطرد سلطان التثاؤب كلما حاول تحريضه على النوم فوق المدرجات المشبعة بالرطوبة. ننصح المنظمين بتوفير أكشاك في ملعب الحارثي لبيع القهوة السوداء، وكل السوائل المنبهة للمتفرجين، كما ننصح اللاعبين بتناول ما تيسر من عقاقير تتصدى لجبروت النوم، لأن نصف اللاعبين تعودوا على الاستسلام مبكرا للرقاد والنصف الآخر يفضل اللجوء إلى الفراش بعد أن تلفظ الحانات والمراقص زبناء الوقت بدل الضائع. بمجرد نهاية لقاء رفع الستار سيغادر الجمهور الفاسي والتطواني المدرجات، وهو يرسل تحية لمن حكمت عليهم الظروف باستكمال الفرجة الليلية، ولسان حالهم يقول تصبحون على فوز، ليلتحقوا بفضاء جامع الفنا الذي تتوقف فيه عقارب الزمن. قدر الجيش أن يخوض بعد كل عقدين من الزمن سهرة كروية، ففي سنة 1966 استمرت مواجهته للوداد البيضاوي برسم نصف نهاية كأس العرش، إلى حدود الساعة الواحدة والنصف صباحا، بعد أن احتكم الطرفان لسلسلة من ضربات الترجيح المملة، ظل الصحراوي والعماري يسددان الضربات إلى أن فطنا بانسحاب زملائهما وإفراغ المدرجات من الجمهور باستثناء الحارس المكلف بإطفاء النور وإغلاق المستودعات. فاز العسكريون دون أن يحزن الوداديون، الذين فضلوا الإقصاء على أشغال شاقة تسمى تجاوزا ضربات الترجيح. وقبل مرور عشرين سنة على هذه السهرة الكروية، كرر الجيش نفس السيناريو مع اختلاف في الزمان والأبطال، ذات أمسية رمضانية خاض الفريق العسكري المباراة الثانية من بلاطو نصف نهاية كأس العرش ضد دفاع عين السبع، وقبل انطلاقة المواجهة تلقى الحكم مكالمة هاتفية من القصر تدعوه إلى تأخير موعد انطلاقة المباراة، لأن الملك الراحل الحسن الثاني كان يرغب في متابعتها على الشاشة وحين تبين له أنها غير منقولة على الهواء أرسل شاحنة التليفزيون صوب مركب محمد الخامس لنقل وقائع المباراة. حين انتصبت الكاميرات في جنبات الملعب أطلق الحكم صافرة البداية التي أيقظت اللاعبين من غفوة الانتظار، لحسن الحظ أن الدور ما قبل النهائي لكأس العرش قد أجري في شهر رمضان، مما جعل اللاعبين يهرولون فور نهاية المباراة نحو موائد السحور، خوفا من تلاشي مقولة تقديم الفطور وتأخير السحور. لكن السهرة الكروية الأكثر رسوخا في ذاكرة المراكشيين هي المباراة النهائية لبرنامج القدم الذهبي لسنة 2006، فاللقاء انطلق على الساعة الحادي عشرة مساء السبت حسب توقيت مراكش والنواحي، ولم تنته إلا في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد، في أجواء اختلط فيها التثاؤب باليقظة، بل إن تأخر الموعد الكروي جعل سلطان النوم يجثم على الجفون لتضيع الفرجة وسط هتافات تردد مقطعا من مواويل ياليل طول. سهرة طيبة.