كانت البداية من وسائل الإعلام العمومي وشبه العمومي وحتى الخاصة منها، التي «تفنّنت» في كيل اتهامات بالجملة لنشطاء «حركة 20 فبراير»، قبل أن ينزل الشباب إلى الشارع العامّ من أجل التظاهر. اتهامات باعتناق المسيحية أو حتى بالشذوذ الجنسي بل بالعمالة وبالخضوع لأجندات أجنبية تحاول زرع فتيل التفرقة. فانطلقت أصوات معادية للحركة من داخل «فايسبوك»، شباب يقولون إن الحركة لا تمثلهم وإنه غير مخول لها الحديث باسمهم.. لكن شباب 20 فبراير سيربحون أولى «الجولات» وسيستطيعون حشد عشرات الآلاف من المغاربة، الذين نزلوا إلى الشوارع في 53 قرية ومدينة على امتداد المملكة، رغم الأخبار التي تم تناقلها في وسائل الإعلام السمعية -البصرية عن «إلغاء» المسيرة في الليلة التي سبقت تنظيمَها. وكانت البداية.. شريط مصور من دقيقتين يظهر فيه مجموعة من الشبان وهم يوضّحون أسباب رغبتهم في النزول إلى الشارع من أجل الاحتجاج في اليوم الذي اعتبروه «يوما للكرامة والعدالة الاجتماعية». على امتداد دقيقتين، رددت مختلف الأصوات كلمة «أنا مغربي(ة) غادي نخرج نهار 20 فبراير»، متبوعا بأسباب النزول إلى الشارع. بعد ذلك مباشرة، سيظهر فيديو تمت «دبلجة» أصوات أصحابه الأصليين وتحويل فحوى «الرسائل» التي تم بعثُها إلى نقيضها من أجل «السخرية» من مطالبهم. ولم تكتف «الجهات» التي حاولت «تشويه» الحركة بهذا الشريط، بل قامت بنشر صورة لنزار بنماط، أحد وجوه الحركة الذي ظهر في الشريط، داخل كنيسة واتهامه بأنه مسيحي ومن «وْكالين رمضان». وكان لأمينة بوغالبي، بدورها، نصيبها من هذا التشويه، حيث تم نشر صورة مفبركة لها وهي في «أحضان» عبد العزيز المراكشي، في إشارة إلى أنها من مؤيدي انفصال الصحراء... «لقد تمت «فبركة» الصورة التي أظهر فيها كأنني عشيقة لزعيم الانفصاليين، في محاولة لإظهار الحركة على أساس أن لها أهدافا أخرى غير مناشَدة التغيير في المغرب، بغية إبراز أعضاء الحركة كعملاء لجهات خارجية»، تقول بوغالبي. صورة لم تُثْنِ هذه الطالبة الصحافية من الاصطفاف في الصفوف الأمامية لمسيرات «20 فبراير»، رغم أن هذه الصورة كان لها وقعها السلبي في محيطها، قبل أن يتبيَّن أن الصورة الأصلية كانت قد نُشِرت في جريدة إسبانية، وكُتِب أسفلها «عبد العزيز المراكشي رفقة زوجته»...
«الزرواطة» ل«مناضلي» 20 فبراير انتهت مرحلة التشويه ونجحت الحركة في حشد التأييد لمسيرات 20 فبراير وصارت المسيرات تعكس صورة المغرب السلمي، مسيرات سلمية تجوب شوارع المملكة دون أن تتعرض للقمع من طرف القوات العمومية، فبدأ الحديث عن «الاستثناء المغربي»، لكن نقطة التحول ستأتي 5 أيام بعد الخطاب الملكي في 9 مارس، حيث ستعرف مسيرة البيضاء يومَها تدخلا عنيفا ضد المحتجين، وحتى الصحافيين منهم.. خلّف التدخل الأمني أكثر من 100 مصاب، حسب تقرير أولي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لتتخذ أساليب القمع أشكالا تصعيديا ابتداء من 15 ماي المنصرم، يوم قرَّر «الفبرايريون» الاحتجاج أمام مركز تمارة، الذي ذكرت شهادات معتقلين سابقين أنهم تعرضوا للتعذيب داخل أقبيته وزنازيه. لتدخل السلطة في مرحلة «عدم التسامح» مع أي حركة احتجاجية. منع وضرب كانت عناوين جميع الوقفات التي دعت إليها حركة 20 فبراير ابتداء من 15 ماي، كان أبرزها ما حدث خلال مسيرات يومي 22 و29 ماي الأخير. لينتظر «الفبرايريون» إلى غاية يوم 5 يونيو الجاري، حيث قررت السلطات الكف عن استخدام العنف لتفريق المظاهرات، بعدما توفي من اعتبرته «شهيد التغيير»، كمال عماري في مدينة أسفي. «عْليك كنقلّبو»... توجه منتصر الساخي، عضو حركة 20 فبراير، بصفته صحافيا في يومية «ليبراسيون»، إلى أمام وزارة التربية الوطنية في الرباط، حيث يواصل أساتذة التعليم المرتبون في السلم التاسع احتجاجاتهم من أجل تغطية الوقفة الاحتجاجية. لكنْ حين وصل عضو «حركة 20 فبراير» -تنسيقية الرباط، إلى المكان المذكور لم يجد المحتجين، الذين كانت بينهم والداته، فاتجه نحو عميد للشرطة متواجد بالمكان ليسأله عن مصير الأساتذة المحتجين، خاصة أنه سمع أنهم تعرَّضوا للضرب وأن والدته نُقلت إلى المستشفى. «سألت عميد الشرطة المتواجد بعين المكان عن الأساتذة المحتجين»، يقول الساخي ل«المساء»، فجاء رد عميد الشرطة عليه كالتالي: «سير فحالك آلحمارْ»!... سيثير حديث «مناضل» 20 فبراير مع عميد الشرطة انتباه قائد المنطقة، الذي اقترب منهما وقام بتصفيد يدي الساخي وخاطبه، بعد أن تعرف عليه: «عليكْ كنقلبو».. قبل أن ينهال عليه بوابل من السباب ويدخله في سيارة الشرطة «سطافيط». في مخفر الشرطة، المتواجد بشارع عقبة بأكدال، كان الساخي يجيب عن أسئلة رجال الشرطة التي ظلوا يكررون طرحها عليه لأزيدَ من خمس ساعات. تمحور بعض الأسئلة حول «حركة 20 فبراير»، عن أهدافها عن علاقتها بجماعة العدل والإحسان والنهج الديمقراطي على وجه الخصوص، بل وحتى عن سبب انسحاب السلفيين من الحركة وعن أسماء أبرز الناشطين فيها وعن مصادر تمويلها.. «أسئلة أجبت عنها بطريقة عادية، فنحن نشتغل في الحركة بشفافية، لكن سؤال مصادر التمويل لم أعرف جوابه»، يقول الساخي، في حديثه إلى «المساء». ومن الأسئلة المتعلقة ب«حركة 20 فبراير» بدأت أسئلة رجال الأمن تأخذ منحى شخصيا، فكانت أسئلتهم تنصب حول الحياة الشخصية لمنتصر الساخي، الذي حرروا له محضرا بعد ذلك وأعادوا إليه هاتفه المحمول... «لا يجب السكوت عن بعض المضايقات التي يعترض نشطاء الحركة كاعتقال منتصر الساخي»، تقول خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مطالبة المجلس الوطني لدعم الحركة بالتصدي لهذه المضايقات خلال جمعه العام. «مول الشاقور» الذي يرفض أن يتم التطاول على الملك «مول الشاقور» (محمد اليوسفي) في تازة، وليس في سلا كما راج عنه بعد أول شريط له ظهر على موقع «يوتوب» وهو يحمل «ساطورا» ويهدد أعضاء الحركة.. لكنه سيصرح بعد ذلك الفيديو ويقول إنه «ليس ضد حركة 20 فبراير في مطالبها الاجتماعية»، مشيرا إلى أنه «خرج يلوح بساطوره يوم سمع أعضاء في هذه الحركة يتطاولون في بعض شعاراتهم على الملك». واعتبر «مول الشاقور» أن «المغاربة كلهم ضد الفساد والرشوة»، مبرزا أنه كان متحمسا في البداية لحركة 20 فبراير»، و«يوم 20 فبراير، لما خرجوا لأول مرة «قلت في قرارة نفسي إن هذه الحركة هي التي ستنقذ المغرب وستدافع عن مصالح أبنائه، ولكنْ حين بدأ شبابها يقولون إن الشعب يريد أشياء أخرى... قلت أنا واحد من الشعب ولا أريد ما يريده هؤلاء»... اعتداء من طرف خمسة مجهولين من «زرواطات» الأمن إلى تهديدات «مور الشاقور»، أصبح شباب 20 فبراير يواجهون موجة جديدة من الضغط من خلال تعرضهم للاعتداء من طرف أشخاص مجهولين. فقد تعرَّض التلميذ عماد الدين الحمدواي (16 سنة)، مؤخرا، لاعتداء من طرف 5 مجهولين، في حوالي الساعة الثالثة، وفق ما حكى هذا التلميذ في «ثانوية أبي ذر الغفاري» في «حي الفتح» في الرباط. كان الطفل القاصر رفقة صديقه (15 سنة) قرب مقر الاتحاد العام للشغل، كما حكى في الشريط المصور الذي يظهر فيه وهو يتلقى العلاج في أحد المنازل: «حاول شخصان الاقتراب منا كأنهما يهُمّان بالاعتداء علينا من أجل السرقة»، يقول «عماد»، الذي يدرس في جذع مشترك علمي. «كان هازّ موسْ» يواصل ابن محمد الحمداوي، عضو مجلس الإرشاد في جماعة العدل والإحسان وعضو الأمانة العامة للدائرة السياسية، حديثه مجيبا عن أسئلة الطبيب الذي يعالجه قبل أن يضيف أن 3 أشخاص آخرين انضمّوا إليهما، بعد لحظات. اعتدوا عليه، دون الاقتراب من صديقه أو سرقته، رغم أنه كان يحمل معه بعض الأموال وهاتفا محمولا، نافيا رغبتهم في سرقتهما.. انصرف المعتدون إلى حال سبيل، تاركين الطفل، عضو تنسيقية حركة 20 فبراير، بعد أن تسببوا له في جرح تطلّب علاجه أربع«غرز»...