ما إن عممت الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديدية نشرة داخلية، تِؤكد فيها نقل جزء من خدمة فوترة نشاطها في مجال الشحن إلى المغرب، حتى أثارت من جديد المخاوف التي ترى في ذلك تهديدا لليد العاملة الفرنسية. فقد تناقلت وسائل الإعلام نقل الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديدية جزءا من خدمة فوترة نشاطها في مجال الشحن، حيث أوضحت نشرة داخلية للشركة الفرنسية للسكك الحديدية أن الشركة الفرنسية- البجيكية « فيداسو»، التي تتولى رقمنة الوثائق و المعطيات لحساب الشركة الفرنسية للسكك الحديدية، كانت قد بدأت منذ فاتح يوليوز الماضي في توفير هذه الخدمة انطلاقا من مقرها بمدينة فاس. ويأتي نقل هذه الخدمة إلى المغرب إثرر قرار اتخذته الشركة الفرنسية بتجميع عشرين مركزا للفوترة في مركز واحد، بهدف بلوغ هدف «صفر ورقة» وناولت هذه المهمة لشركة» فيداسو». عملية المناولة هاته لم ترق للنقابات الفرنسية التي بدأت تدق ناقوس الخطر وبدأت عملية تعبئة من أجل مواجهة هذه العملية، فقد اعتبرت فيدرالية القوى العمالية أن إدارة الشركة الوطنية للسكك الحديدية تتحمل كامل المسؤولية في عملية نقل نشاطها في مجال الشحن إلى المغرب، حيث اعتبرت أن الشركة تروم من وراء قرارها ذاك تقليص تكاليف عمل العمال، داعية إياها إلى تحمل النتائج الاجتماعية المحتملة. وترى فيدرالية القوى العمالية الفرنسية أن الشركة لا يمكن أن تتبرأ من هذه الوضعية التي ستفضي إلى إلغاء مناصب شغل. في نفس الوقت، نددت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الفرنسية بقرار الشركة، منبهة إلى أن الشركة تحرص على نقل نشاطها إلى البلدان، حيث الشروط الاجتماعية الأكثر ضعفا، وذلك من أجل جني أرباح أكثر. ولم تتردد النقابات في اتهام الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديدية بالعمل على تسريح العاملين لديها من أجل خفض التكاليف، هذا في الوقت الذي تحاول فيه الشركة طمأنة العاملين لديها بالتأكيد على أن لا أحد سيجد نفسه بدون شغل، موضحة أن الأكثر تأهيلا سوف يصبحون مراقبين، بينما ستقترح على الآخرين مناصب أخرى، غير أن هذه التطمينات لم تخمد غضب النقابات التي اتفقت على الالتئام في بداية شهر شتنبر المقبل من أجل بلورة برنامج للتعبئة لمواجهة القرارات التي تتخذها الشركة في المجال الاجتماعي. وتتخصص الشركة « فيداسو»، التي أحدثت في سنة1995 من قبل المجموعة الهولندية « فيغنر» المتخصصة في الخدمات عن بعد ( الأوفشورينغ)، في رقمنة الوثائق والمعطيات، حيث توفر في المغرب230 منصب شغل، ويأتي نقل جزء من نشاط الشركة الفرنسية إليها في ظل الأزمة التي يعرفها الشحن، إذ ضخت الدولة الفرنسية 800 مليون أورو من أجل إنقاذ النقل السككي، غير أن الشحن لم يتعاف حيث سجل خسارة وصلت إلى 900 مليون درهم في 2007. يشار إلى أن المغرب يحاول حث شركات «الأوفشورينغ» على نقل خدماتها نحو المغرب، حيث أطلقت الحكومة المغربية برنامج استثمارات في هذا المجال، الذي يعتبر أحد ركائز السياسة الصناعية الجديدة، حيث تتطلع إلى خلق 10 آلاف منصب شغل في أفق 2015. وهذا الطموح يثير قلق النقابات الفرنسية التي تتخوف من أن يتم ذلك على حساب اليد العاملة الفرنسية، علما بأن ثمة أكثر من 500 فرع شركة فرنسية عاملة في المغرب.