تقدم دفاع رشيد نيني، مدير نشر «المساء»، في آخر الجلسة التي استمرت إلى الواحدة صباحا من يوم الثلاثاء الأخير، بعدد من الطلبات الأولية والدفوعات الشكلية التي تمحورت حول الخروقات التي شابت الملف ابتداء من الاعتقال والمتابعة بالقانون الجنائي. وعرفت الجلسة مداخلة حوالي 18 محاميا، وفي ما يلي تتمة ما نشر في عدد الأمس من تفاصيل: رشيد نعنعي (عضو هيئة الدفاع): لم نجد أي محضر استماع من لدن وكيل الملك أثناء تمديد الحراسة النظرية، وإن غياب محضر استماع بعد تقديمه يعد خرقا جوهريا. إن مرتكزات أي دولة ديمقراطية هي حرية الفرد، فعندما اتخذ وكيل الملك قرار إيداعه السجن، قد مس بحريته، وهذا القرار جاء مفتقرا للشرعية القانونية. إن الإشكال هو عندما تعطل القوانين.. لماذا ترتكب هذه الأخطاء الجسيمة؟ إن النيابة العامة يجب أن تتحمل مسؤوليتها تجاه أي إجراء فيه شطط في استعمال السلطة، ولماذا لا تتحرى النيابة العامة عندما يكون الأمر يتعلق بالحرية؟ إن النيابة العامة هي جهاز غريب عن التراث المغربي، الذي كان يعرف، فقط، مؤسسة القاضي الذي كان يفصل بين الناس، لكن استنبتنا النيابة العامة بعد استقدام هذه التجربة من الدول الديمقراطية، فسميناها وكيل الملك. هل يشرف وكيل الملك أن يتخذ قرارات تصطدم بالقرارات الملكية؟ إن الملك يريد أن يربط المسؤولية العمومية بالمحاسبة، فأي شخصية يجب أن تخضع للرقابة... إن وكيل الملك يمثل الملك ويجب أن يتحرى قبل أن يصادر حرية رشيد نيني. هل كان يخاف وكيل الملك أن تطال جرائم نيني الأموال والنظام العام؟ إن نيني شخص مسؤول يتمتع بحس وطني كبير، لماذا نصنفه بأنه شخص خطير؟ إنني أتحدى ممثل النيابة العامة أن يأتي بنص قانوني في التشريع الجنائي يعلل الاعتقال في هذا الملف؟ إذا كان الدستور قد أعطى ضمانات لحرية المواطنين، فلماذا يعتقل نيني؟ إن قرار الاعتقال الذي اتخذته النيابة العامة فاقد للشرعية، لذلك نطالب برفعه. محمد شمسي (عضو هيئة الدفاع): إن هذه المحاكمة هي محاكمة للأفكار وسندخل غمار قراءة الأفكار ونبدأ بتعليمات السيد وكيل الملك، التي منحت للشرطة القضائية التي بعث بها في كتابه، عندما كان يقول: «والذي تعد في بعضها جرائم تقع تحت طائلة القانون الجنائي»، فإن «الهاء» تعود على بعض المؤسسات وسلوك بعض الشخصيات، وإن الفقرة الأخيرة من المادة 18 من قانون المسطرة الجنائية تبين أن التعليمات يجب أن تكون واضحة، وحسب ما تضمنه كتاب النيابة العامة، فالتعليمات لا تهم ما يكتبه رشيد نيني، ولكن تخص الذين كتب عنهم نيني من شخصيات. والسؤال الذي نطرحه هو هل نفذت الضابطة القضائية أوامر النيابة العامة؟.. إنها لم تنفذها، بل إنها خرقت الأوامر. ومن جهة أخرى، تجاوز محرر المحضر المطلوب منه وأقحم نفسه في الاستنتاجات.. وإن متابعة وكيل الملك هي من أعجب المتابعات التي ستبقى خالدة في الأذهان وتحدث عن حالة العود. إن هذه الحالة لا تكون إلا عندما يكون هناك حكم نهائي صادر ويسجل، في حين لا يوجد بملف رشيد نيني ما يثبت حالة العود، لأن حالة العود تكون بمقتضى حكم نهائي ومسجل في السجل العدلي، لهذا فإن حالة العود منتفية. كما أننا نجد بالمحضر تاريخا لعمود يعود إلى سنة 2001، وفي هذه الحالة هناك تقادم، ولا يمكن الحديث عن خطأ مطبعي. كما أن فصول المتابعة عجيبة وتستند إلى قانون يعود إلى سنة 1962، وهو يشير إلى التأثير على رجال القضاء، أما نساء القضاء فلا مشكلة إذا كان التأثير عليهن. عيب أن يحكمنا قانون 1962، وهو قانون متجاوز لم يسبق أن تم استخدامه، وهذه أول مرة يتم تحريك هذه الفصول. إن رشيد نيني استطاع أن يضيف شيئا جديدا للصحافة المغربية وهو عموده، الذي يمكن أن نسميه «عمود نيني»، لأنه يضم جميع الأجناس الصحفية. ولا بد من الإشارة أيضا إلى أننا نوجد في قاعة معزولة وهناك تعمد قطع الشبكة ولا يمكننا الحديث في الهاتف إلا إذا ابتعدنا عن المحكمة. أشرف منصور جدوي (عضو هيئة الدفاع): إن النيابة العامة في هذا الملف قد مارست التعذيب، أي عذبت النص القانوني حتى يقول ما لم يرد قوله. إنني أتطلع لأعرف رأي بلادي في هذا الخرق السافر. إذا ما عدنا إلى المادة 40 من قانون المسطرة الجنائية، نجدها تقول إن وكيل الملك يحق له، كلما تعلق الأمر بجنحة يعاقب عليها بسنتين حبسا أو أكثر، أن يحجز جواز سفر المشتبه فيه ويغلق الحدود في وجهه لمدة لا تتجاوز شهرا واحدا إذا اقتضت ذلك ضرورة البحث التمهيدي، وفي هذا الملف، فإن الجنح المتابع بها الماثل أمامكم عقوبتها من شهر إلى سنة، وأتساءل: كيف يتأتى للوكيل العام للملك أن يتخذ هذا القرار الذي هو حكر فقط على وكيل الملك؟