عندما تم الإعلان عن تجميع كليات مدينة بني ملال الثلاث في مؤسسة جامعية موحدة ومستقلة عن التبعية لجامعة القاضي عياض في مراكش، كان الجميع ينتظرون كيف ستنطلق الجامعة بدون مقر، وقد وجد رئيسها نفسه «لاجئا» في كلية الآداب بدون مكتب وبدون موظفين، بل وبدون كاتبة.. الآن، وقد مرت سنة على تعيين أول رئيس لجامعة السلطان مولاي سليمان في بني ملال، ما مشروع الرئيس لجامعة هي الوحيدة في جهة تادلة -أزيلال وستكون الوحيدة في الجهة الموسعة بني ملال –خنيفرة؟ وما هي تحديات البحث العلمي في جهة غنية بمواردها الطبيعية؟ وكيف يمكن تجاوز تركة ماض من التراكمات السلبية، خصوصا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية؟ هذا ما يكشف عنه الدكتور بوشعيب مرناري، أول رئيس لجامعة السلطان مولاي سليمان في بني ملال. - أي مشروع تحملون، باعتباركم أول رئي س لجامعة السلطان مولاي سليمان؟ لا ينحصر المشروع فقط في التكوين والبحث العلمي، فهو مشروع تنموي أيضا، وقد حرصنا على أن يكون المشروع يتجاوب مع الحاجة إلى خلق الثروات، انطلاقا من العنصر البشري، نحن نتواجد في جهة لديها مؤهلات فلاحية جد مهمة ولا تفتقر إلى المؤهلات الصناعية، وهذا يشجع على وضع أنشطة صناعية متميزة تتماشى مع المؤهلات الفلاحية، بالإضافة إلى الطاقات البشرية. ويكفي أن الجهة سُجِّلت فيها أعلى وأحسن معدل وطني للنجاح في الباكلوريا خلال السنتين الماضيتين، لتتكامل الحلقة بالثروات البشرية، لتكتمل حلقة المشروع التنموي، وهو ما يشجع مؤسسة جامعية تراعي هذه المؤهلات وتجعلها منطلقا. لقد حرصنا على أن تكون المؤسسة الجديدة ذات قيمة في خلق التكوين والابتكار وفي خلق حاضن للمقاولات، يعكس الدور الذي تقوم به الجامعة ويرتكز على المقاولات التي ترتكز على الابتكار، وتفاعل مع مجموعة من الأنشطة الصناعية التي من المفروض أن تكون في الجهة أو تطوريها. نحن نرى الجامعة في شكل «تكنوبول» تنموي فيه البحث والتكوين والابتكار، وخلق الأنشطة السوسيو اقتصادية التي من شأنها تنمية المنطقة في سلسلة من التفاعل في تطوير التعليم والبحث العلمي بشكل مضبوط ومتحكَّم فيه ومضمون. ما نراه لجامعة تقوم بوظيفتها الشاملة لا ينحصر في التكوين والبحث العلمي، فالجامعة في محيط جاف وينبغي أن تخلق فضاءها، والجفاف مقصود به ضرورة الاستثمار في الموارد الطبيعية الغنية التي توجد في الجهة. وما حجم التجاوب والعراقيل التي واجهتكم في مرحل التأسيس لجامعة مستقلة؟ كان التجاوب جد إيجابي من الهيآت الداخلية ومكونات الجامعة، حيث كان التجاوب مشجعا على المزيد من التطوير في المشروع، أما على المستوى الخارجي فقد لقينا تجاوبا أكبر وبمقترحات جد متقدمة، خصوصا من والي الجهة باعتبار الجامعة فاعلا تنمويا عليه رهان كبير في المشروع التنموي. وقد كان التجاوب والتشجيع انطلاقا من حاجة الجهة إلى جامعة تلعب دورا يسهل ويواكب البرامج التنموية الجهوية. كيف تخلصت جامعة السلطان مولاي سليمان من التبعية لجامعة القاضي عياض بمراكش؟ لا يمكن أن نحدد الأمر في عراقيل، فهو واقع يمكن أن يعطي دفعة قوية وتأسيسية لمزيد من الاجتهاد والعمل في هذه المؤسسة الجامعية، خصوصا أمام الرهانات التي فرضت على المؤسسة المساهمة فيها ومواكبتها للتنمية الجهوية، فمن المفروض في مرحلة التأسيس البحث عن الطاقم الإداري وتكوين وتكميل الهيآت ووضع مجموعة من القوانين الداخلية التي تخص التسيير، فقد كان يلزمنا وضع القوانين الإدارية والتنظيمية وإتمام الآليات لإيجاد جامعة متكاملة، بما فيها توظيف الأطر الإدارية والتربوية لمؤسسة الجامعة. ورغم أنها آليات صغرى، فإنها أساسية في انطلاقة صحيحة، تتجنب التعثرات التي توقف المشروع الكبير للجامعة والرهانات المعقودة عليها، بالإضافة إلى أننا فتحنا صفقات لترميم الكليات، بما فيها الإنارة والمرافق وتهيئتها وكذا توسيع مرافق الكليات وإحداث بنايات جديدة في بعضها، إضافة إلى التجهيزات، بما يتلاءم مع شروط كليات وجامعة نموذجية في مستوى الجهة. - يعرف الحي الجامعي مجموعة من المشاكل، ما هي تدخلاتكم في هذا الملف؟ لا علاقة لنا بالحي الجامعي، إداريا وتنظيميا، ولا يمكن أن نقرر في شأنه، ولكن هذا لا يمنعنا من الاهتمام بما يوفر ظروف الراحة للطلبة. وقد أجرينا اتصالات في هذا الاتجاه، سواء بالتنسيق مع إدارة الأحياء الجامعية أو بشكل منفرد، فالأساس هو إيجاد الظروف الملائمة للطلبة لتفرغهم للتحصيل والبحث، بدل انشغالهم بمشاكل توقف مسار دراستهم مؤقتا. وقد كان تدخلنا لدعم البرنامج الوطني لتوسيع الأحياء والمطاعم، وهناك اليوم برمجة للمطعم في الحي الجامعي، الذي سنطلقه خلال أجل شهر ونصف. وهناك تنسيق دائم مع مدير الحي الجامعي، حيث سيكون بفي الحي نحو 1000 سرير، فالمسؤولية موزعة، لكن المشكل مشترك، ومن هنا يأتي تدخلنا للمساهمة في إيجاد الظروف الملائمة للطلبة. لا يمكننا أن نتحدث عن الغيب، ولكن هناك وتيرة نسير بها في برنامج العمل، حيث انطلقنا في المشاريع التي كانت مبرمجة للموسم 2011-2012، وحتى مركز اللغات لم يكن مبرمجا وانطلقنا فيه.. فهناك مشاريع كانت متعثرة في المخطط الاستعجالي نحن بصدد تجاوز عثراتها، بل استحدثنا مشاريع، سواء مهيكلة أو مشاريع تربوية، فعند قدومنا لم تكن كلية الآداب، مثلا، تتوفر على أي مسلك للإجازة المهنية، لكنْ وضعنا مشاريع ل13 إجازة مهنية برسم الموسم القادم، منها إجازات مهنية في السياحة والإعلام والصحافة والتنمية والترجمة ومسلك في الاقتصاد المهني وكل ما هو مرتبط بالطاقات المتجددة.. ونحن بصدد فتح مسلك للقانون باللغة الفرنسية ونراهن على أن نطلق في أغلب المسالك من السنة القادمة. - واجهتم مشاكل هذه السنة تجلت في حجم الاحتجاج الذي خرج في الطلبة للشارع وما تم تداوله من احتجاز رئيس الجامعة في ليلة كاملة داخل مبنى الجامعة؟ لقد كان الطلبة يعبرون عن احتجاجهم ولم يكن هناك من احتجاز وتدخلنا كان استجابة للطلبة مبدئيا الأمور كان ينبغي أن تعالج في المؤسسة كلية الآداب تعيش مرحلة انتقالية ومن أبرز صورها فتح باب الترشيحات لمنصب العمادة ، كما أن التواصل لم يكن بشكل محكم كانت لهم فرصة للتعبير عن مطالبهم، مشكل كلية الآداب مشكل جو عام وقدوم الرئيس جعل كل مكون ينتظر الجديد الذي يلامس حاجياته سواء الأساتذة أو الطلبة أو الأطر الإدارية، وقد تم استئناف الدراسة بشكل عادي مباشرة بعد الحوار الذي أجرته رئاسة الجامعة مع الطلبة . -كيف تنظرون إلى تجاوز المرحلة السابقة وتراكماتها في التسيير وما رافقها من ضبابية واختلالات خصوصا في كلية الآداب؟ يمكننا أن نجري التقييم الآن في مرحلة أولية على أساس المحاسبة، بل نحاول، بعد دراسة الجو العم، خلق مناخ جديد للتسيير يكون مؤسساتيا، يعرف احترام الهيآت وتفعيلها واحترام الأدوار التي تقوم بها وفتح عملية التواصل، قبل أن نصل إلى الحوار، لأن التواصل عندما تنعدم فيه الجدية والاستمرارية لا يمكننا أن نصل إلى حوار جاد، ولهذا حاولنا في الجامعة، عموما، وضع جو تواصلي تحترم فيه الهيآت وقراراتها. - لديكم إستراتيجية لخلق مؤسسات في أقاليم جديدة، ما هي معايير خلق هذه المؤسسات؟ وكيف تنظرون إليها في مستقبل الجهوية الموسعة؟ نحن ننظر إلى هذا التأسيس وفق ما تفرضه الجهوية وبالشكل الذي ستكون عليه، فالجامعة تعمل حسب الخريطة التي توجد فيها، لذلك عندما نفكر في وضع مؤسسة عليا للتكنولوجيا تخص مسالك الفلاحة في الفقيه بنصالح، مثلا، فلأننا وجدنا أن الشريك الذي يمكن أن يساعدنا في هذا المشروع هو المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي... وقد تم توقيع عقدة مع هذه المؤسسة العمومية الفلاحية المتخصصة للمساهمة ببرنامجها البيداغوجي وبالتأطير وفي وضع البرنامج العامّ للمسلك، فالبيئة والفضاء الذي توجد فيه مؤسسة يمكنها أن تدعم هذا المشروع وتساعد في إنجاحه، وقد وضعنا كل هذه الاعتبارات في التفكير في تأسيس مدرسة عليا للفلاحة في الفقيه بنصالح.