ينكب القرض الفلاحي في الأيام الأخيرة على إيجاد الصيغة الملائمة لتمويل الفلاحين الذين يرتبطون بعقود للتجميع مع مكتب التسويق والتصدير. ويأتي الانخراط في هاته الإمكانية التي يفترض، حسب مصدر مطلع، أن تفضي إلى إبرام عقد التمويل بين القرض الفلاحي ومكتب التسويق والتصدير، بعد الاجتماع الذي عقد في بداية الأسبوع المنصرم بين مسؤولين من وكالة التنمية الفلاحية ومكتب التسويق والتصدير والقرض الفلاحي من أجل بحث الأسباب التي تدفع إلى تعثر مكتب التسويق والتصدير في الوفاء بالتزاماته تجاه بعض الفلاحين في بعض المناطق، خاصة أن المكتب يعمل على تجميع الفلاحين الذين تشملهم الدعامة الثانية للمخطط الأخضر. وطرح التساؤل خلال اللقاء حول ما إذا كان التعثر ناجما عن افتقاد الصندوق للتمويل أم له علاقة بعوامل أخرى، وتبدى للمشاركين في الاجتماع، حسب مصدر مطلع، أن المشكل الذي يعاني منه الصندوق يتمثل في عدم توفر التمويل لمدخلات الفلاحين المجمعين، علما أن الاتفاقيات التي أبرمت مع الفلاحين المجمعين كانت تتوقع أن يتولى الصندوق تمويل المدخلات. غير أنه تجلى في الآونة الأخيرة أن المكتب لم يعد بمقدوره توفير التمويل للفلاحين، حيث قام بذلك بصفة استثنائية في مواكبة بعض المشاريع في إطار التجميع، رغم أنه ليس من صميم عمله تمويل المدخلات، فالمكتب يسعى إلى أن يضطلع بدور تثمين المنتوج والخدمات اللوجستيكية والنقل والتصدير والتسويق واسترداد المداخيل. وإذا ما ارتأى القرض الفلاحي تمويل مدخلات الفلاحين المجمعين من قبل مكتب التسويق والتصدير، فسيتم ذلك عبر «تمويل الفلاح» الذي يتولى مواكبة الدعامة الثانية من المخطط الأخضر، علما أن المكتب يروم في إطار رؤيته الجديدة تجميع الفلاحين الصغار والمتوسطين في المناطق التي لا يشملها حضور المجموعات التصديرية الكبرى الخاصة . وكان مجلس إدارة مكتب التسويق والتصدير الأخير، أوصى بوضع الآليات التمويلية الضرورية والعاجلة من أجل إنجاح مشاريع التجميع، على اعتبار أن توفير تلك التمويلات سيتيح المدخلات الضرورية للفلاحين الصغار والمتوسطين الذين تستهدفهم تلك المؤسسة بعملية التجميع. ويعتبر مشكل التمويل مثار نقاش عند الحديث عن دور مكتب التسويق والتصدير، فهناك من اعتبر أن المكتب يتولى تمويل مدخلات الفلاحين طبقا لاتفاقيات التجميع، ويرى البعض الآخر أنه ليس للمكتب أن يضطلع بذلك الدور، فهو يفترض فيه أن يتدخل في مرحلة التسويق انطلاقا من محطات التلفيف، حيث يعتبر المدافعون عن هذا التصور أن مواكبة الفلاحين في مرحلة الإنتاج يندرج ضمن اختصاص الأبناك. الذين يدفعون في اتجاه عدم توفير التمويلات للفلاحين في مرحلة الإنتاج، يستحضرون سوابق في تاريخ مكتب التسويق والتصدير، حيث واكب فلاحين لم يفوا بما في ذمتهم تجاهه، مما دفع المؤسسة في السنتين الأخيرتين إلى العمل على استرداد حقوقها تنفيذا لما أوصى به تقرير للمفتشية العامة للمالية، غير أن الذين يحثون على ضرورة تمويل المدخلات في مرحلة الإنتاج، يؤكدون على أن ذلك يجد مسوغه في كون المكتب التزم بمواكبة الفلاحين المعنيين بالدعامة الثانية للمخطط الأخضر، بل إن ذلك يمليه، في تصورهم، كون المكتب وقع اتفاقيات مع الدولة تتضمن، من بين بنودها، توفير المدخلات للفلاحين. تلك اتفاقيات شجعت المكتب على إبرام اتفاقيات مع الفلاحين المجمعين من أجل تمويل المدخلات عند الإنتاج. لكن المكتب يحاول أن ينأى بنفسه عن هذا المنحى، حيث يعول على تدخل القرض الفلاحي عبر تمويل الفلاح من أجل تمويل المدخلات. ويسعى مكتب التسويق والتصدير الذي تحول إلى شركة مجهولة الاسم تملك الدولة المغربية أغلبية رأسمالها، إلى العودة إلى الواجهة، بعد أن تراجع دوره بعد التحرير في سنة 1986، الذي نشأت على إثره مجموعات تصديرية خاصة، فقد تشكلت قبل خمس سنوات لجنة وزارية طالبت بتصفية ممتلكات المكتب وبلورة استراتيجية جديدة توافق التوجه الرامي إلى مواكبة الفلاح الصغير والمناطق التي تعاني من نوع من الهشاشة، في نفس الوقت أنجزت المفتشية العامة للمالية تقريرا وقف على العديد من الاختلالات في تدبير المكتب وطالب باسترداد حقوقه، غير أن تفعيل دور المكتب يظل رهينا بمنحه رؤية واضحة عبر العقد البرنامج وترسيخ الآليات التمويلية التي تخول له مواكبة الفلاحين المجمعين.