أوصى مجلس إدارة مكتب التسويق والتصدير، الذي انعقد في الأسبوع الماضي، بوضع الآليات التمويلية الضرورية و العاجلة من أجل إنجاح مشاريع التجميع. تلك توصية حاسمة، حسب مصدر مطلع، من أجل التقدم في مسار بلورة العقد البرنامج الذي يفترض أن يربط السلطات العمومية بمكتب التسويق والتصدير، على اعتبار أن توفير التمويلات الضرورية سيخول للمكتب إتاحة المدخلات الضرورية للفلاحين الصغار والمتوسطين الذي يعتبرون هدفا للتجميع الذي تتولاه تلك المؤسسة. لكن يبدو أن مصدر التمويل لم يحسم بعد، ففي الوقت الذي يعتبر البعض أنه يتوجب على المكتب أن يضطلع بدور تمويل مدخلات الفلاحين طبقا لاتفاقيات التجميع، التي أبرمها المكتب مع الحكومة، يذهب البعض إلى أنه ليس من مهام المكتب مواكبة الفلاحين عند الإنتاج، فهو يتدخل ابتداء من اللحظة التي يشرع فيها في إعداد المنتوج للتسويق انطلاقا من محطات التلفيف، حيث يميل القائلون بهذا الرأي إلى اعتبار أن مواكبة الفلاحين في مرحلة الإنتاج، هو من اختصاص الأبناك. الذين يدفعون في اتجاه عدم توفير التمويلات للفلاحين في مرحلة الإنتاج، يستحضرون سوابق في تاريخ مكتب التسويق والتصدير، حيث واكب فلاحين لم يفوا بما في ذمتهم تجاهه، مما دفع المؤسسة في السنتين الأخيرتين إلى العمل على استرداد حقوقها تنفيذا لما أوصى به تقرير للمفتشية العامة للمالية، غير أن الذين يحثون على ضرورة تمويل المدخلات في مرحلة الإنتاج، يؤكدون على أن ذلك يجد مسوغه في كون المكتب التزم بمواكبة الفلاحين المعنيين بالدعامة الثانية للمخطط الأخضر، بل إن ذلك يمليه، في تصورهم، كون المكتب وقع اتفاقيات مع الدولة تتضمن، من بين بنودها، توفير المدخلات للفلاحين. تلك اتفاقيات شجعت المكتب على إبرام اتفاقيات مع الفلاحين المجمعين من أجل تمويل المدخلات عند الإنتاج. البعض يتجاوز مشكل التمويل، الذي سيفضي حسم مصدره إلى تحديد مستقبل دور المكتب، إلى التساؤل حول مستقبل المكتب الذي لا ينافس المجموعات التصديرية الخاصة، فهاته المؤسسة التي كانت موضوع تقرير للمفتشية العامة للمالية ويزورها حاليا قضاة من المجلس الأعلى للحسابات، والتي قد تحل بها لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، وضعت مخططا استراتيجيا ومخطط عمل وبلورت برنامجا معلوماتيا وآليات للحكامة الجيدة، لكنها مازالت تفتقر إلى عقد برنامج مع السلطات العمومية يوضح لها الرؤية والدور الذي تسعى إلى لعبه في مواكبة الفلاحين الذين تستهدفهم الدعامة الثانية للمخطط الأخضر. فما السر وراء منع التمويل عنها؟ لكن ثمة من يرى أن لعب المكتب الدور المنوط به في مواكبة الفلاحين الصغار والمتوسطين، رهين بحل مشكل سلطة الوصاية، فهذا الرأي يعتبر أنه يفترض في الحكومة و لجنة الاستراتيجية، التي يرأسها الوزير الأول، أن تحسم في ذلك الأمر، فهو يشير إلى أنه في الوقت الذي يوجد ثمة من لا يرى ضيرا في استمرار وزارة التجارة الخارجية كسلطة وصاية مادامت مهمة المكتب التسويق، يعتبر رأي آخر أن المعطيات الحالية تستوجب نقل الوصاية إلى وزارة الفلاحة، مبررهم في ذلك كون المكتب يعمل ضمن الدعامة الثانية للمخطط الأخضر، ثم إنه يمكن للوزارة أن تحل مشكل التمويل سواء عبر تدخلات مباشرة للمكتب أو القرض الفلاحي.