كان مقررا أن تواصل قوات الحلف الأطلسي عملياتها العسكرية في ليبيا، اعتبارا من يوم أمس الثلاثاء، من دون الجيش الأمريكي، الذي سحب مقاتلاته المشاركة في الحملة الدولية. وكان يفترض أن يسري هذا الانسحاب منذ نهاية الأسبوع الماضي، لكن واشنطن وافقت على طلب الحلف بشن ضربات في ليبيا حتى مساء الاثنين بسبب «سوء الأحوال الجوية مؤخراً». ومن الآن فصاعداً، لن يقدم الجيش الأمريكي سوى طائرات تموين في الجو والقيام بمهمات تشويش ومراقبة. وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية رفع العقوبات عن وزير الخارجية الليبي السابق، موسى كوسا، على أمل أن يشجع ذلك مسؤولين آخرين في نظام معمر القذافي على الانشقاق. في غضون ذلك، يتوقع أن يستمع المحققون الاسكتلنديون في الأيام المقبلة لإفادة كوسا، المشتبه بتورطه في اعتداء لوكربي الذي خلف 270 قتيلاً في 1988. من جهة أخرى، أبلغ رئيس الوزراء المالطي، لورانس جونزي، نائب وزير الخارجية الليبي، عبد العاطي العبيدي، أول أمس الاثنين، أنه يجب على معمر القذافي وعائلته أن يتخلوا عن السلطة. شروط تعجيزية قال متحدث باسم الحكومة الليبية إنها مستعدة لإجراء انتخابات وإصلاح نظامها السياسي، لكن شعبها هو وحده الذي يمكنه أن يقرر هل يبقى الزعيم معمر القذافي في الحكم أم لا. وقال موسى إبراهيم حينما سئل عن مضمون المفاوضات مع الغرب: «يمكن أن نتخذ أي نظام سياسي، أي تغييرات، دستور، انتخابات أو أي شيء، لكن القائد يجب أن يقود هذا إلى الأمام، هذا هو إيماننا». وأضاف قوله «من أنتم لتقرروا ما يجب على الليبيين فعله؟ لماذا لا يقولون (القوى الغربية).. نحن نريد أن يقرر الشعب الليبي هل ينبغي أن يبقى الزعيم الليبي أم يذهب وأن يقرر هل يتخذ نظاما سياسيا مختلفا أم لا». وقال المتحدث «لا أحد يجوز له أن يأتي إلى ليبيا ويقول.. لا بد أن تفقدوا قائدكم أو نظامكم أو حكومتكم. من أنتم لتقولوا هذا؟»، وأضاف أن ليبيا تأسف لقرار إيطاليا مساندة الثوار. وقال إنه لا يمكن فرض شروط على ليبيا من الخارج، حتى إذا كانت البلاد مستعدة لمناقشة مقترحات ترمي إلى تحقيق مزيد من الديمقراطية والشفافية وحرية الصحافة وقوانين مكافحة الفساد. وقال: «لا تقرروا مستقبلنا من الخارج، ولكن أعطونا اقتراحا للتغيير من الداخل». وأضاف قوله «القائد ليس له منصب رسمي ليتنحى عنه. إن له قيمة رمزية لدى الشعب الليبي. وأما كيف تحكم ليبيا، فهذا أمر آخر، ونوع النظام السياسي الذي يتم تنفيذه في البلاد أيضا أمر آخر. هذا سؤال يمكننا الحديث بشأنه». واتهم بعض الزعماء الغربيين بمحاولة الإطاحة بالقذافي بدافع المصلحة الشخصية أو لتحقيق مكاسب اقتصادية. وقال: «نحن نعلم أن بعض السياسيين في الحكم في الغرب توجد بينهم وبين القائد مشكلة شخصية، وآخرون لهم مصالح اقتصادية يعتقدون أنها ستتحقق بشكل أفضل إذا انهارت الحكومة.» ونفى مزاعم بأن القوات الحكومية تورطت في هجمات على المدنيين، وأضاف أن ليبيا تأسف لقرار ليبيا مساندة الثوار. وقال: «أؤكد لكم أننا لا نهاجم أي مدنيين ولم يحدث قط في هذه الأزمة أن هاجمنا أي مدنيين، وما كان لي أن أقف وأتحدث باسم حكومة تقتل المدنيين. من تحسبوننا هل نحن وحوش؟ رامسفيلد ينتقد غموض العمليات في ليبيا أكد وزير الدفاع الأمريكي السابق، دونالد رامسفيلد، في حوار أجرته معه مجلة ألمانية حول الوضع القائم في ليبيا، أن الوقت وحده هو من سيحدد مدى نجاح التحالف في قيادة العمليات الدائرة في ليبيا الآن، خصوصاً بعدما نقل أوباما القيادة إلى حلف شمال الأطلسي الناتو. ورداً على تساؤل المجلة بشأن ما إذا كان خلفه في الوزارة، روبرت غيتس، يوافق على التصريح الذي أكد من خلاله على أن ليبيا لا تمثل مصلحة حيوية بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة، قال رامسفيلد إنه لن يعلق على هذا التصريح، وإن أكد أنه يرى أن الأجزاء التي يجب الاهتمام بها في تلك المنطقة هي إيران، حيث الرغبة الشديدة في منح المجتمع مساحة أكبر من التحرر، وكذلك سوريا، حيث توجد الرغبة نفسها لدى الشعب هناك. وأوضح رامسفيلد أن هاتين الدولتين تقومان بتمويل حزب الله والمنظمات «الإرهابية» الأخرى، وأنهما تضرّان بالجهود التي تبذلها واشنطن في أفغانستان، ولطالما لعبتا دوراً ضاراً للغاية في العراق. وتحدث رامسفيلد كذلك عن دول كبرى مهمة أخرى في المنطقة، مثل مصر والسعودية، رغم ما تقوم به بلاده الآن في ليبيا. وحول واقعية الوعد الذي قطعه أوباما على نفسه بأن تكون مشاركة بلاده في العمليات الدائرة في ليبيا على المدى القصير وبدون إقحام قوات برية، قال رامسفيلد إنه من الصعب على أي شخص خارج الحكومة أن يعلِّق على تفاصيل من هذا النوع. وأوضح، في السياق نفسه كذلك، أن هناك أعمالا علنية، ثم تليها بعد ذلك أعمال سرية. سيف الإسلام لا يشعر بالخيانة
قال سيف الإسلام القذافي: إنه لا يشعر هو ووالده بالخيانة بعد لجوء موسى كوسا، وزير الخارجية الليبي السابق، إلى بريطانيا الأسبوع الماضي. وأضاف سيف الإسلام القذافي، في تصريحات خاصة لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، بثتها صباح أمس الثلاثاء، إن كوسا توجه إلى لندن لأسباب صحية «كونه رجلا متقدما في السن ومريضًا، ويحتاج إلى العلاج». جاءت هذه التصريحات بينما أعلن محققون اسكتلنديون اعتزامهم استجواب كوسا بشأن تفجير طائرة شركة «بان أمريكان» البوينغ الضخمة فوق بلدة لوكربي في اسكتلندا عام 1988. وحول الأسرار التي قد يفصح عنها كوسا في ما يتعلق بقضية تفجير طائرة شركة «بان أمريكان» البوينغ الضخمة فوق بلدة لوكربي في اسكتلندا عام 1988، قال سيف الإسلام «البريطانيون والأمريكيون يعلمون كل شيء عن قضية لوكربى، ولم يعد هناك أي أسرار في هذه القضية». ووجه سيف الإسلام اتهاما لكوسا بتلفيق معلومات عن نظام والده للحصول على حق اللجوء في بريطانيا، وأضاف قائلا: «المعلومات التي أفصح عنها كوسا للحكومة البريطانية من نسج خياله، وقام بذلك حتى يحظى بحصانة بريطانيا». وسخر سيف الإسلام مما يتردد في الغرب عن أن انشقاق كوسا يعد بداية انهيار نظام والده، وقال: «سنرى».
وساطة أمريكية لترتيب نقل السلطة في اليمن ارتفعت حصيلة القتلى في المواجهات الدائرة بين معارضين للرئيس اليمني، علي عبد الله صالح وقوات الأمن إلى 14 قتيلاً، أول أمس الاثنين، سقطوا في مدينتي تعز والحديدة. وبينما قال مسؤولون في اليمن إن واشنطن دخلت بقوة على خط الأزمة في البلاد، من خلال المساعدة في وساطة تهدف إلى ترتيب انتقال السلطة، دعت قيادات معارضة المجتمع الدولي للتدخل ووقف إراقة الدماء. وقال مسؤولون يمنيون إن الدور الأمريكي بدأ بقوة من خلال السعي إلى إيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية، يقوم على نقل السلطة، مشيرين إلى أن النقاش ما زال يدور حول بعض النقاط، بينها تحديد موعد تنازل الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة. كما ذكر المسؤولون أن توقيت انتقال السلطة في اليمن «أمر حساس»، لأن الهدف منه «تجنّب دخول اليمن في ظروف تزيد من اضطراب الوضع الداخلي أو تعطيل جهود صنعاء في مكافحة الإرهاب»، في ظل الوجود القوي لعناصر تنظيم القاعدة في البلاد. وكان صالح قد عرض، مؤخراً، التنازل عن السلطة في مهلة أقصاها نهاية العام الجاري، بعد إجراء انتخابات وإصلاحات دستورية، لكن المعارضة، التي تعمل تحت مظلة تجمع أحزاب «المشترك» رفضت ذلك، ودعت الرئيس إلى التنحي الفوري. بالمقابل، قال محمد قحطان، الناطق الرسمي باسم أحزاب اللقاء «المشترك»، إن على المجتمع الدولي التدخل لمساعدة اليمنيين على «وقف قيام نظام صالح بإراقة دماء اليمنيين الأبرياء والمتظاهرين السلميين». وأضاف قحطان: «صالح يقتل الناس دون خوف من أحد ولا يجب أن يبقى المجتمع الدولي مكتوف الأيدي.. قناصة صالح يتصيدون الناس العزل في تعز والحديدة.. يبدو أن كرسي الرئاسة أغلى من دماء الشعب اليمني». ميدانياً، حاصرت الدبابات مقر المحافظة في مدينة تعز، حيث تم نشر أكثر من 20 دبابة وعربة مدرعة حول المقر، الذي يعتبر أهم المباني الحكومية في المدينة، التي شهدت شوارعها، يوم الاثنين، تظاهرات ضمت ما يزيد على 90 ألف متظاهر. وقال مسؤول حكومي إن نشر العربات المدرعة جاء نتيجة ما وصفه بالعصيان المدني الكامل في المدينة، وأغلقت كافة المقار الحكومية، مشيراً إلى أن قوات الأمن أطلقت النار رداً على الآلاف من المحتجين الذين حاصروا مبنى المحافظة. وأفاد شهود عيان بأن نحو 90 ألف متظاهر كانوا يحتشدون صباح الاثنين في تعز، مشيرين إلى أن قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري بادرت بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. وفي الحديدة، أطلق قناصة النار على حشود المحتجين، مما أدى إلى إصابة 20 شخصاً بالرصاص الحي، وفق ما نقله شهود عيان قالوا إن من أطلق النار هم رجال يرتدون الزي المدني. وقال مسؤول حكومي رفيع المستوى في الحديدة إن المتظاهرين حاولوا الوصول إلى القصر الجمهوري في المدينة، وهو ما سبب إطلاق النار، مشيراً إلى أن هذا الأمر تم بدافع حماية الأملاك الحكومية من السرقة. يشار إلى أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي كانوا قد ذكروا، في البيان الختامي لاجتماعهم في الرياض الأحد الماضي، أنهم بصدد إجراء اتصالات بين أطراف الصراع في اليمن. ودعا الوزراء «الأطراف المعنية في اليمن إلى تغليب المصلحة الوطنية والمسارعة بالعودة إلى طاولة الحوار الوطني من أجل الاتفاق على الأهداف الوطنية والإصلاحات المطلوبة، وصولاً إلى اتفاق شامل يعيد السلم الاجتماعي العام ويحقق للشعب اليمني ما يتطلع إليه من إصلاح». واختتم البيان بالقول إن دول المجلس اتفقت على إجراء اتصالات مع الحكومة والمعارضة اليمنية، من خلال أفكار لتجاوز الوضع الراهن. وقد رحبت الحكومة اليمنية، أول أمس الاثنين، بالدعوة. وقال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، أبو بكر القربي، إن بلاده مستعدة «لبحث أي أفكار يقدمها الأشقاء في دول مجلس التعاون لتجاوز الوضع الراهن».