شوهد الجنرال حسني بنسليمان، القائد العام للدرك الملكي، نهاية الأسبوع الماضي بمطار محمد الخامس حوالي الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال وهو يقلع على متن طائرة متوجهة إلى زيورخ السويسرية. ولم تمنع مذكرات التوقيف التي أصدرها القاضي الفرنسي باتريك رامييل في حق خمسة مسؤولين أمنيين مغاربة، على خلفية التحقيق في اغتيال المهدي بنبركة، الجنرال حسني بنسليمان، قائد الدرك الملكي، من مغادرة التراب الوطني أكثر من مرة، آخرها توجهه نهاية الأسبوع الماضي إلى مدينة زيورخ السويسرية قصد قضاء عطلته الصيفية، وقبلها ترؤسه الوفد المغربي الذي شارك في الألعاب الأولمبية المقامة بالصين، علما بأن هذين البلدين عضوان بالأنتربول، وهما ملزمان بتنفيذ طلبات التوقيف التي تتوصل بها هذه المنظمة الدولية. مصادر قضائية مطلعة أوضحت أن الجنرال بنسليمان لم يكن بإمكانه السفر إلى هذين البلدين ما لم يكن على علم بأن طلب التوقيف الذي أصدره القاضي الفرنسي المكلف بملف بنبركة قد سحب بناء على صفقة تمت بين الرباط وقصر الإليزيه بعد الزيارة التي قام بها ساركوزي للمغرب في أكتوبر الماضي. وحسب المصادر ذاتها، فإن الاحتمال الوحيد الذي يفسر تردد بنسليمان في الآونة الأخيرة على عدد من الدول الأوربية، هو سحب القاضي الفرنسي لمذكرات التوقيف بناء على مساع بذلتها جهات عليا بالمغرب. ونفى البشير بنبركة، نجل الزعيم الاتحادي الراحل، أن يكون القاضي الفرنسي المكلف بالملف قد سحب مذكرات التوقيف، وأشار، في تصريح ل«المساء»، إلى أن سفر بنسليمان إلى هذه الدول الأعضاء بالأنتربول رهين بمدى إرادتها تطبيق القرارات الصادرة عن هذه المنظمة الدولية، مضيفا في السياق ذاته أنه سبق للقضاء الفرنسي أن أصدر حكما غيابيا يقضي بإعدام الجنرال أوفقير، ورغم ذلك لم يتم إيقافه لتنفيذ هذا الحكم عندما كان يتردد على فرنسا في عدة مناسبات. وأشار نجل بنبركة إلى أن القاضي الفرنسي يواصل مجهوداته لفك شفرات لغز اختفاء واغتيال والده بشكل عادي، وأنه يرتقب أن يعرف الملف مستجدات مباشرة بعد انتهاء العطلة القضائية. وأوضح البشير أن سفر بنسليمان دون أن يعترض سبيله أي عائق، كما حدث مع مسؤول جزائري يشتبه في ضلوعه في حادث اغتيال معارض جزائري بفرنسا، يعود بالأساس إلى إرادة الدولة التي تربطها علاقات بالمنظمة الجنائية الدولية التي تتعامل مع مثل هذه القضايا بحساسية سياسية خاصة، مضيفا أن مسألة توقيفه من عدمها تبقى متوقفة على تلك الدول ومدى التزامها بتنفيذ قرارات الأنتربول. وكان القاضي الفرنسي باتريك رامييل قد أصدر في أكتوبر الماضي خمس مذكرات توقيف دولية بحق خمسة مسؤولين مغاربة، بينهم جنرالان ومسؤولون أمنيون، إلا أنها لم ترسل إلى الأشخاص المعنيين. وشملت مذكرات الاعتقال قائد الدرك الملكي الجنرال حسني بنسليمان، والمدير السابق للمديرية العامة للدراسات والمستندات «لادجيد» الجنرال عبد الحق القادري، الذي شغل في وقت لاحق منصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قبل أن يحال على التقاعد، إلى جانب ميلود التونسي المعروف باسم العربي الشتوكي، أحد عناصر المجموعة المغربية التي يعتقد أنها خطفت المهدي بنبركة، إضافة إلى بوبكر حسوني، العامل في «كاب-1» إحدى وحدات أجهزة الاستخبارات المغربية، وعبد الحق العشعاشي العنصر أيضا في «كاب-1». يذكر أن وزير العدل المغربي عبد الواحد الراضي سبق له أن صرح، عقب تعميم وسائل الإعلام لقرار القاضي الفرنسي، بأن وزارته «لم تتلق شيئا» بشأن مذكرات توقيف أصدرها قضاة فرنسيون مكلفون بالتحقيق في قضية المهدي بنبركة.