تعيش طنجة أجواء «إشاعات» خطيرة، تتعلق بترخيصات يمكن أن تكون قد وقع عليها العمدة الحالي، في ظل أحاديث عن اقتراب رحيله من منصب العمدية، بعد أن فقد بشكل نهائي الأغلبية التي ساندته قبل بضعة أشهر للوصول إلى هذا المنصب. وفي الوقت الذي تتناسل إشاعات عن سماسرة يجمعون «صفقات العقار» للتوقيع عليها من طرف العمدة، فإن هناك بالمقابل حقائق دامغة حول توقيع فؤاد العماري على تراخيص تخص العقار بشكل غير قانوني، في ظل صمت مريب للسلطات، وعلى رأسهم والي طنجة محمد حصاد. ويبدو أن عمدة المدينة أصبح مطالبا بالتدخل بشكل عاجل للكشف عن الحقيقة فيما يخص التوقيعات، التي منحها لجهات معينة في مجال العقار والمقاهي، وفي حالة رفضه فإن سلطات طنجة ووزارة الداخلية ستكون مطالبة بالتدخل وفتح تحقيقي فيما يجري. وكان مقربون من العمدة قاموا بعملية خطيرة قبل أيام، وذلك عندما بادروا إلى شراء كل الأعداد الموجودة في الأكشاك من صحيفة «الاتحاد الاشتراكي»، التي أشارت إلى عدد من الرخص غير القانونية التي وقعها العمدة خارج القانون. وفي الوقت الذي كان على العماري أن يواجه سكان طنجة بالحقيقة، فإنه فضل الصمت والانزواء لربح الوقت، وهو تصرف قد تكون نهايته سيئة. وكان العمدة وقع من قبل على تراخيص من دون موافقة الوكالة الحضرية، وسرت «إشاعات» عن موافقة الوالي على تصرفاته، في الوقت الذي كان بادر من قبل إلى لقاء منعشين عقاريين يتابعهم القانون، ووعدهم بإسقاط المتابعة عنهم في حال التزامهم بالمساهمة في مشاريع معينة. كما منح العمدة، مؤخرا، رخصة تجارية أسفل عمارة في منطقة خليج طنجة من أجل إقامة طنف تابع لمقهى، علما أن المجلس السابق رفض منح ذلك الترخيص بسبب مخالفته للقوانين. وقالت مصادر مطلعة ل«المساء» إن منح تلك الرخصة يتطلب فتح تحقيق جدي وعاجل فيما يجري داخل مجلس المدينة، وأن العمدة نفسه مطالب بتوضيح ما يلاك حوله، سواء من خلال عقد ندوة صحافية والإدلاء بوثائق ومعلومات، أو عبر إصدار بيان مفصل عن جميع الرخص التي وقعها أو التي رفض التوقيع عليها، وذلك من أجل عدم ترك الرأي العام فريسة ل«الإشاعات». من جهتهم كشف أعضاء من مجلس المدينة معلومات خطيرة عن تهديدات وضغوطات تعرضوا لها من أجل مساندة الأغلبية السابقة، التي أوصلت فؤاد العماري إلى منصب عمدية طنجة، بعد الاستقالة الغريبة للعمدة السابق سمير عبد المولى. وقال أعضاء بالمجلس ورؤساء مقاطعات وقياديون جهويون في الأحزاب إن تهديدات مورست ضدهم، وإن الشرطة اقتحمت على بعضهم المنازل لإرغامهم على مساندة فؤاد العماري، وإن أشخاصا أدينوا بالسجن ثم تمت تبرئتهم وفقا لشروط، من بينها ضرورة مساندة العماري للوصول للعمدية. وكان المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، محمد بوهريز، أدين ابتدائيا بالسجن ستة أشهر وبالحرمان من الترشح وبغرامة مالية، بتهمة شراء أصوات انتخابية بناء على تنصتات هاتفية، قبل أن تتم تبرئته بعدما أعلن «توبته» ودخل في التحالف المناصر للعمدة الحالي. من جهته، عبد الحميد أبرشان، رئيس المجلس الإقليمي لعمالة طنجة أصيلة وعضو سابق بحزب الاتحاد الدستوري، قال إنه تعرض شخصيا لتهديدات من أجل تشكيل أغلبية تضمن وصول العماري إلى منصبه. وقال بالحرف «لا يمكنكم أن تتصوروا حجم التهديدات التي تعرضنا لها، وكلها تهديدات من أجل أن نساند العمدة الحالي فؤاد العماري، ونحن نعلنها وندينها على الملأ». أما يوسف بنجلون، رئيس مقاطعة طنجة، فقال إن هناك إرهابا سياسيا في طنجة لا يمكن السكوت عليه، وأن ما جرى لم يسبق له أن تم سواء في طنجة أو في المغرب بشكل عام، مضيفا أن هناك اليوم شريحتين من المغاربة، مغربي حلال ومغربي حرام، ومغربي عليه خط أحمر ومغربي عليه خط أخضر». وأشار بنجلون إلى أن الملك محمد السادس قام بمبادرة تاريخية عبر الإعلان عن إصلاحات دستورية كبيرة، في الوقت الذي يقوم قادة بلدان آخرون بقصف شعوبهم بالطائرات، ووجه اللوم لحزب الأصالة والمعاصرة بأنه الوحيد الذي لا يريد أن يفهم مغزى المبادرة الملكية. من جانبه، فجر سمير بروحو، الكاتب الجهوي لحزب الحركة الشعبية ورئيس مقاطعة السواني، مفاجأة من عيار ثقيل حين اتهم مباشرة عمدة طنجة فؤاد العماري بأنه هدده بإدخاله السجن إذا رفض حضور دورة الحساب الإداري هو وأعضاء حزبه. وقال بروحو في افتتاح دورة الحساب الإداري الأخيرة التي لم تكتمل، إن العمدة هدده أمام الملأ بإدخاله السجن، وأنه أبلغ ذلك شخصيا لوالي المدينة محمد حصاد خلال لقائه به مؤخرا، مضيفا أنه أبلغ الوالي أنه لا يعقل إطلاقا أن يتولى عمدية طنجة شخص يهدد معارضيه السياسيين بالسجن.