قررت إحدى الزوايا الصوفية الجزائرية، التي تتوفر على أتباع لها في المغرب، بمساندة من لجنة الأنساب الشريفة للرابطة الوطنية للشرفاء الأدارسة، رفع دعوى قضائية ضد مؤرخ المملكة المغربية، عبد الوهاب بنمنصور، بسبب اتهاماته لها بالتواطؤ مع الاستعمار الفرنسي، والتجسس على المغرب من داخل الزاوية، من خلال بعض المريدين الذاهبين من المغرب الذين كانوا ينزلون بمقرها في مستغانم. وقالت مصادر من الزاوية العلاوية، رفضت الكشف عن هويتها في تصريحات ل«المساء»، إن قرار رفع دعوى قضائية ضد بنمنصور «جاء بأمر من الشيخ نفسه، سيدي خالد بنتونس»، بعد استنفاد جميع الوسائل لدفع مؤرخ المملكة إلى التراجع عن تلك الاتهامات وتقديم اعتذار رسمي للطريقة. وكشفت المصادر ذاتها أن بنمنصور وبنتونس تربطهما علاقة مصاهرة في الجزائر، باعتبار الأصل الجزائري لبنمنصور، وأن أحد الأقارب المشتركين للاثنين قام بالوساطة بينهما لإقناع مؤرخ المملكة بالاعتذار، لكن الأخير رفض، الأمر الذي دفع الشيخ بنتونس إلى إعطاء أوامره باللجوء إلى القضاء. وجمعت الطريقة عددا من الوثائق والتصريحات الرسمية لمسؤولين فرنسيين، خلال التواجد الفرنسي بالجزائر، للإدلاء بها أمام القضاء من أجل تأكيد براءة الطريقة من التهم المنسوبة إليها في كتاب «أعلام المغرب العربي» لبنمنصور. وتطالب الزاوية العلاوية، من خلال «جمعية الشيخ العلاوي لإحياء التراث الصوفي» الموجود مقرها في المغرب، بالاعتذار الرسمي المكتوب والمسموع، وكتابة التاريخ الحقيقي وإلغاء كتابة التاريخ المصنوع، وتعويض الشرف، مع سحب الكتاب من المطبعة الملكية ومن المكتبات. وقد وجه رئيس جمعية الشيخ العلاوي، زين العابدين بنتونس، شقيق شيخ الزاوية، رسالة إلى العاهل المغربي محمد السادس، يلتمس فيها «رد الاعتبار لطريقتنا الغراء مما نسب إليها من افتراءات مغلوطة ومكذوبة بما صدر في كتاب «أعلام المغرب العربي» الصادر عام 2004 لكاتبه مؤرخ المملكة الأستاذ عبد الوهاب بنمنصور والذي تحدث فيه عن الطريقة العلاوية متهما إياها بالتنسيق مع السلطات الفرنسية في التجسس على المغرب، وبالاتفاق أيضا مع شيخ الطريقة داخل الزاوية بالجزائر، مؤكدا في ذلك أن الطريقة لا زالت تخدم الأنظمة الثورية التقدمية»، وحول أهم الاتهامات المنسوبة إلى بمنصور في كتابه، قال المصدر إن هذا الأخير اتهم الزاوية العلاوية بالتجسس أيضا على المقاومة الريفية في شمال المغرب لحساب نظام فرانكو والسلطات الفرنسية في الجزائر، وعن تأخر إثارة هذه القضية بعد أربع سنوات من طبع كتاب بنمنصور، قال مصدر من الطريقة العلاوية رفض ذكر اسمه إن الزاوية لم تطلع على الكتاب فور صدوره، لكن بعد الاطلاع على ما ورد فيه قررت التحرك، خصوصا وأنها تستعد للاحتفال بمائة عام على تأسيسها في السنة القادمة بالمغرب، وتريد التخلص مما يلطخ سمعتها، مضيفا أن الطريقة معروفة على نطاق واسع بأوروبا، وأن التصوف سيدخل قريبا إلى الجامعات الأوروبية التي أصبحت تبدي اهتماما به، وتتخوف من أن يتم إدراج «الكثير من المغالطات في المقررات الجامعية»، مما سيشكل إساءة إلى الزاوية العلاوية. وقال المصدر إن من شأن ذلك أن يسيء أيضا إلى العلاقات بين الشعبين المغربي والجزائري، مشيرا في ذلك الوقت إلى أن بنمنصور«يعبر عن موقفه الخاص ولا علاقة لما كتب بمواقف الدولة المغربية».