تسجل سنويا في المغرب أزيد من 2036 حالة إصابة بالتسمم عن طريق الأدوية المعلن عنها رسميا، في حين أن العدد أكثر من ذلك بكثير، حسب مصادر طبية مطلعة، بسبب الاستعمال السيء لهذه الأدوية، إما عبر تناول دواء غير مناسب أو جرعة زائدة، مما يؤثر سلبا على صحة المريض، بل يتسبب أحيانا في وفاته بسبب المضاعفات الناتجة عن ذلك. وتم الإعلان عن هذا الرقم خلال ندوة صحفية نظمت الأربعاء الماضي بالدار البيضاء، أعطت الضوء الأخضر لانطلاق حملة وطنية تحسيسية حول كيفية الاستعمال الرشيد للأدوية تحت شعار "كلنا معا من أجل استعمال أمثل للدواء" التي ستنطلق بمعظم الصيدليات ابتداء من بعد غد الاثنين. و قد دعت إلى هذه الحملة مختبرات "إيبرما"، بتعاون مع مركز محاربة التسمم واليقظة الدوائية بالمغرب، إلى جانب شركاء آخرين ومتخصصين في القطاع الطبي. ويهدف الانخراط في هذا المشروع، الذي حدده الفاعلون من هذه الشراكة الأولى من نوعها بالمغرب، إلى مساعدة المغاربة على استعمال أمثل لما تم تحقيقه من تقدم على صعيد التخصصات الصيدلية، إذ على الرغم من أن الدواء منتوج كغيره، وأنه عامل ضروري لتطوير جودة حياة المريض، فإنه بالمقابل يشكل عامل خطر على صحة الإنسان عندما يتم استخدامه بطريقة غير جيدة، ومن هنا ولدت فكرة الحاجة إلى مكافحة جميع أشكال سوء استخدامه، وخصوصا حالات التسمم الدوائي. وأكد شركاء في البرنامج، في الندوة الصحفية نفسها، أن الحملة تهدف إلى تربية المرضى وتلقينهم الممارسات الجيدة إزاء الأدوية مما يمكن من إنقاذ حياتهم. وكذلك من "أجل تدبير أفضل لصحة كل مواطن، سواء كان مريضا أو معافى. إذ يفترض أن يكون أكثر اطلاعا. فدورنا هو وضع رهن إشارته معلومات صحيحة تخول له الاستعمال الأمثل للدواء. ومن هذا المنطلق، فإن الفاعلين في مجال صناعة الدواء صيادلة، أطباء، مسؤولين حكوميين، جمعيات المرضى، الشركات العلمية، مدعوون للانخراط في هذه المبادرة التي تسهم في تطوير الوضعية الصحية للمواطنين" يقول شركاء هذا البرنامج. وأكدت البروفيسور رشيدة السليماني بن الشيخ، مديرة مركز محاربة التسمم واليقظة الدوائية بالرباط، ل"المساء" أن حالات التسمم عن طريق الأدوية التي سجلت برسم 2009، والتي بلغت 2036 حالة، تبقى "رقما ضئيلا جدا مقارنة مع ما يسجل من حالات تسمم لها صلة مباشرة بالاستعمال السيء للأدوية، فالدواء مادة موجهة للوقاية أو علاج مرض ما واستعماله ينطوي على مخاطر، فسوء استعماله يمكن أن يتسبب في آثار صحية ضارة جدا"، مضيفة أن كل الأدوية يمكن أن تشكل خطرا على صحة الإنسان على اختلافها إن هي استعملت بطريقة خاطئة، كأن يستعمل دواء الكبار لطفل صغير أو شيء من هذا القبيل، فالدواء ليس مادة تافهة، فهي مسلمة لمريض من أجل غرض دقيق و أجل محدد وجرعة محددة ومرض معين وفئة عمرية معينة كذلك. لذلك يستوجب أخذه بحذر كبير". وتتعلق سلسلة الحملات التحسيسية بتعميم نشرات وبيانات بالعربية والفرنسية في معظم الصيدليات على الصعيد الوطني لتعميم المعلومات بشأن الأدوية لفائدة عدد أكبر من المستهلكين بهدف تعزيز تبني واعتماد سلوك مسؤول وواضح إزاء استعمال الأدوية. وأكد عبد الإله لحلو، المدير العام لشركة الأدوية "إبيرما"، أن البيانات تشتمل على سبع توصيات بسيطة ومفهومة تتعلق بالقواعد الجيدة لاستعمال الأدوية واقتناء الأدوية من الصيدلية فقط وعن طريق استشارة طبية، والتأكد من تاريخ صلاحية الدواء قبل استعماله، والاحتفاظ بالأدوية في أماكن معتدلة الحرارة وفي علبتها الأصلية لأنها تضم معلومات هامة.