في بداية تسعينيات القرن الماضي، دخل الخنفوري إلى السجن بعد ارتكابه جريمة قتل وحكم عليه بالإعدام، ففكر بعد ذلك في الهروب من وراء القضبان، ولم يتطلب الأمر منه وقتا طويلا، فقد نجح في الفرار بعد أن قتل أحد زملائه في السجن. واستطاع خارج أسوار السجن أن يكون عصابة إجرامية مهمتها مهاجمة الأعراس وزرع الرهبة في نفوس المواطنين في منطقة الغرب، إذ أصبحت أعراس الزفاف أمرا محرما على كل المتزوجين.. وكبر نشاط العصابة الإجرامي وأصبحت تعترض سبيل المارة، وتوقف حافلات النقل العمومي وتستولي على أغراض المسافرين. وانتهى شريط الرعب بعد القبض على الخنفوري وإيداعه السجن من جديد والحكم عليه بعقوبة الإعدام. حين قتل أحد أصدقائه، لم يكمل الخنفوري، وهذا هو لقبه، فيما أن اسمه المدون في شهادة الميلاد هو عيسى غفار، عامه العشرين، ليجد نفسه خلف القضبان بالسجن المركزي بالقنيطرة. لم يعد يطيق في تسعينيات القرن الماضي المكوث في السجن، وأمامه سنوات عديدة قبل أن يعانق الحرية. ففكر في مغادرة السجن، بحث عن وسيلة للهروب وبالتالي الاستمرار في ارتكابه جرائم أخرى اهتزت لها منطقة الغرب. خطة للهروب وضع المتهم دون أن يحتاج إلى مساعدة أي شخص آخر، خطة للهروب من السجن ثم نفذها ببراعة. كان أمر بقائه في السجن مجرد مسألة وقت فقط، ففي ليلة الهروب، قتل زميله في الزنزانة حتى لا يشي به لدى الحراس، ثم قتل حارس سجن تصدى له وحاول منعه من الفرار، بعد أن وجه إليه طعنة قاتلة وواصل طريقه خارج أسوار السجن رفقة سجين آخر انتهز الفرصة ليفر معه كذلك من السجن. تكوين عصابة إجرامية كون الخنفوري عصابته الإجرامية، وقرر الاستقرار في منطقة الغرب بين مدينتي القنيطرة وسيدي قاسم. كانت جريمته المفضلة هي مهاجمة الأعراس، وترهيب ضيوفها، وبالتالي اغتصاب العرائس، ولم يسلم من جرائمه أحد، ونتيجة لذلك، حرص سكان الغرب، طيلة شهور عديدة، على إقامة حفلات الزواج في ظل تكتم شديد خشية التعرض لهجوم من عصابة الخنفوري. كان غفار عيسى يتعامل بصرامة بالغة مع أفراد عصابته والمتعاونين معه، حيث لم يتردد في قتل بعضهم وقطع ألسنة آخرين، حسب طبيعة الجرم الذي ارتكبوه. من خان يقتل، ومن وشى أو حاول الوشاية، يقطع لسانه ليكون عبرة لباقي أفراد العصابة. وقد اشتهرت هذه العصابة كذلك بإقامة حواجز أمنية مزيفة في الطرق الثانوية بمنطقة الغرب على مدار الساعة، ليلا ونهارا، لسلب المسافرين الذين يمرون منها أموالهم وممتلكاتهم. وقد طال إجرام الخنفوري وعصابته، أيضا، كبار الفلاحين وملاكي الأراضي بالمنطقة، الذين كانوا مضطرين لدفع إتاوات للخنفوري مقابل السماح لهم بإنجاز نشاطاتهم الفلاحية ورعاية مزروعاتهم. القبض على الخنفوري أمام تعدد جرائم الخنفوري، كان لابد لرجال الأمن من تكثيف حملاتهم التمشيطية، والبحث عن هذا المجرم الخطير الذي تمادى في نشر الذعر وإلحاق الأذى بالعديد من المواطنين، وكاد في إحداها أن يسقط في يد الأمن بعد أن نجح دركيان في محاصرته في حقل لقصب السكر، لكنه استطاع أن يتخلص من الدركيين بسهولة بالغة، قتلهما ببرودة دم نادرة، ثم انصرف إلى تدبير شؤون عصابته. ولم تنجح السلطات الأمنية في إلقاء القبض على الخنفوري إلا بعد تحريات كثيرة، إذ تمكن ضابط من إحكام قبضته عليه، برغم محاولة الخنفوري طعن ذلك الضابط. محاكمة الخنفوري
شدت أطوار محاكمة الخنفوري انتباه الرأي العام بالمغرب، واحتفل سكان منطقة الغرب بنهاية كابوس مجرم خطير روع ساكنة المنطقة، وقض مضجعهم طيلة شهور عديدة، ولم يتردد بعد ذلك أعيان ووجهاء المنطقة في نصب خيام للاحتفال بإلقاء القبض على الخنفوري والحكم عليه بالإعدام. هذه المرة أصبح الفرح ممكنا وإقامة الأعراس أمرا ممكنا كذلك، وحق للعرائس أن يفرحن بأعراسهن بعيدا عن شبح الخوف من مجرم كان يعرف بالخنفوري.