هل يؤمن المغاربة بوجود حياة جنسية بعد سن الستين؟ هل يرون أن الجنس يصبح «خارج الخدمة» عند بلوغ هذه السن المتقدمة؟ هل هم مع نظرية قطع أي علاقة حميمية مع بلوغ سن الستين والنوم في غرف منفصلة؟ الجواب سيكون «نعم» بالتأكيد أمام الموروث الثقافي حول الجنس في ذهن المغاربة، ما دامت معادلة الجنس هي «شباب+ فحولة».. طابو تفتحه «المساء» في محاولة لدحض معادلة خاطئة من علماء الاجتماع وأطباء العلاج الجنسي الذين يؤكدون أن لكل عمر قدرته الجنسية، وأن الزوجين يكونان قد تمرسا أكثر على فهم احتياجات كل طرق وأن من حقهما التمتع بالحق الثالث بعد الأكل والشرب. «تش، حْشومة»، هكذا يجيب المغربي عندما يتم الحديث عن الجنس، فما بالك بالحياة الجنسية لأشخاص تجاوزوا الستين؟ فالجميع يعتقدون أن المسنين يكتفون بوضع اليد في اليد، دون أن تكون لهم حياة جنسية، ووحدهم الشباب لهم الحق في ذلك، فشريحة مهمة من المجتمع، خاصة الشباب، تعتقد أن الحياة الجنسية للمرء تنتهي بمجرد حصوله على التقاعد، فلا أحد من الشباب قد يتصور أن أجداده أو حتى والديه بعد بلوغهما سنا معينة، يظلان يعاشران بعضهما البعض معاشرة جنسية. ورغم أن الموضوع يظل من الطابوهات، حتى في بعض الدول الأوربية، فإن كبار السن لهم أيضا حياتهم الجنسية التي يمارسونها، حسب رغباتهم و«قدراتهم»، طبعا. تحكي «خديجة»، التي تزوجت زوج إحدى قريباتها المتوفاة، أن زوجها الكهل (62 سنة) ما يزال محافظا على قدراته الجنسية، مثل الشباب: «لا مانع لديه في أن نمارس الجنس بشكل يومي»، تقول «خديجة»، التي كانت تخشى ألا يشبع زوجها رغباتها الجنسية قبل أن تفاجأ بمحافظته على قدراته الجنسية، قبل أن تضيف: «في بعض الحالات، أشعر أنني لا أستطيع مجاراة وتيرته»!... ورغم أن البعض من كبار السن يواصلون حياتهم الجنسية، رغم انخفاض وتيرة الممارسة الجنسية، فإن «وتيرة الممارسة الجنسية لا تشبه الممارسة الجنسية عند المتزوجين حديثا»، تقول الدكتورة آمال شباش. لكن نسبة العجز الجنسي في صفوف المغاربة، خاصة ممن يتجاوزون سن ال40، تبقى مرتفعة، حيث تصل إلى %56 في الفئة العمرية بين 40 و49، وإلى %71 بين من تفوق أعمارهم 50 عاماً، وبالتالي فإن فئة مهمة من كبار السن يعانون من العجز، مما يساهم في حدوث الخيانة الزوجية في صفوفهم. لكن هذا العجز يختلف حسب الجنسين، فحسب الدكتورة آمال شباش، وهي أول طبيبة عربية متخصصة في علاج المشاكل الجنسية، فإن الرجال، على عكس النساء، يحتفظون بحياتهم الجنسية ويواصلون ممارسة الجنس، لأن الرجال، كما قالت الطبيبة، يشعرون بفحولتهم من خلال الممارسة الجنسية، على عكس المرأة، التي تحصر أنوثتها في الإنجاب. وفي عرف المجتمع المغربي، الذي شهد ارتفاعا في عدد الأشخاص المتقدمين في العمر، خاصة الفئة العمرية من 60 سنة فما فوق، حيث انتقلوا من 833.000 إلى 2.4 مليون بين 1960 و2010، هناك مفاهيم خاطئة حول سن اليأس عند المرأة، كما قالت الباحثة الاجتماعية سمية نعمان جسوس، حيث أكدت أن المجتمع المغربي يعرف انتشار أفكار مفادها أن اللذة الجنسية عند المرأة تموت في سن الأربعين، في حين أن الرجل كلما كبر، فإن قدرته الجنسية تكبر، فحتى لو تزوج الرجل وهو في ال80 من عمره، فإنه يظل قادرا على الإنجاب. لكن المغربيات أصبح لديهن وعي أكبر بحياتهن الجنسية، حيث يخترن استخدام الهرمونات البديلة من أجل تأخير سن اليأس. وحسب مجموعة من الدراسات الدولية، فإن نسبة كبيرة من الأفراد الذين يفوق سنهم ال65، على عكس ما هو شائع، لا يوقفون نشاطهم الجنسي، بل يواصلونه ويكونون راضين عن حياتهم الجنسية مع شريكهم. فمعظم كبار السن يريدون التمتع بحياة جنسية نشطة ومرضية. «لم يؤثر السن على قدرتي الجنسية، والحمد لله، أعتقد أنني حافظت على نفس الوتيرة لنشاطي منذ اليوم الأول لزواجي من زوجتي الأولى»، يقول «محمد»، زوج «خديجة»، التي أكدت أن قدرة زوجها تفوق قدرتها وأنه استطاع الحفاظ على قدرته الجنسية، كما يقول، من خلال النشاط الجنسي المنتظم الذي يساعد في الحفاظ على القدرة الجنسية: «لم أشعر في يوم من الأيام أنني في حاجة إلى مثيرات جنسية، طبيعية كانت أو طبية». وتابع «محمد»، مازحا: «إيوا سولو لمرا»... لكنْ، بالرغم من احتفاظ كبار السن على قدرتهم الجنسية، فإن وتيرة النشاط الجنسي تنقص تدريجيا مع تقدم السن، ويمكن للشخص نفسه أن يلاحظ تباطؤا في الاستجابة، لأن ذلك جزء من الشيخوخة الطبيعية، وهو ما أكدته الدكتورة أمال شباش، في حوارها مع « المساء»، بقولها إن «الجنس مهم في حياة الإنسان ويجب أن تتم مقاسمته مع الشريك، لكن وتيرة الممارسة الجنسية تنقص مع تقدم الأزواج في العمر». قد يتساءل الجميع إن كانت الرغبة الجنسية تستمر لدى كبار السن، أم إنها قد تتغير مع تغيرات الجسم وتغير الأولويات... لكن مجموعة من النساء قد «يحبِسن» هذه الرغبة، لأنهن يعتبرن أن تربية الأبناء صارت هي الأولوية: «أعتقد أن أولوية المرأة هي تربية الأبناء»، تقول «خديجة». هذا الطرح الذي تتبناه «خديجة» ومجموعة من السيدات هو ما يساهم -حسب الدكتورة أمال شباش- في كون أغلبية النساء المغربيات لا يواصلن حياتهن الجنسية بعد بلوغهن سنا معينة. لكن بعض النساء يحرصن على مواصلة حياتهن الجنسية، ف«زهرة»، وقد صارت جدة، سافرت إلى فرنسا من أجل إجراء «قسطرة للرحم»، بعد إصابتها بورم ليفي للمرة الثانية، تفاديا لإجراء استئصال للرحم: «اخترت إجراء قسطرة الرحم، لأنني خفت أن أفقد قدرتي الجنسية بعد استئصال الرحم»، تقول «زهرة». وحسب الخبراء، فإن وتيرة المعاشرة الجنسية تنخفض تدريجيا مع التقدم في السن، حيث إن المسنين ما بين سن ال60 وال71 تكون لديهم وتيرة ما بين 40 و65 في المائة، في حين أنها تنخفض إلى ما بين 10 و20 في المائة لدى الأشخاص ما فوق ال78 سنة. لكن البعض من كبار السن يعانون من العجز، حيث تصل نسبة العجز الجنسي في صفوف المغاربة إلى %56 في الفئة العمرية بين 40 و49، وإلى %71 بين من تفوق أعمارهم 50 عاماً، وبالتالي فإن فئة مهمة من كبار السن يعانون من العجز، مما يساهم في التشجيع على الخيانة الزوجية في صفوف كبار السن. خيانة زوجية تتم من الجانبين. «المساء» اخترقت «الحدائق السرية» للأزواج المغاربة، لتسلط الضوء على حياتهم الجنسية بعد سن الستين، من خلال الملف التالي...