في تطور جديد للأزمة التي تعيشها الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الذراع النقابية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بسبب الصراع القائم بين جناحي عبد الرحمان العزوزي، وعبد الحميد الفاتحي المتنافسين على منصب الكاتب العام، دعا المجلس الوطني للنقابة الديمقراطية للتخطيط، الذي انعقد مؤخرا، إلى التشبث بالشرعية الديمقراطية كمرجع أساسي لحسم الاختلاف داخل الفيدرالية، وإلى التزام الجميع بمبادئ الفيدرالية ك»خيار حداثي ديمقراطي حر، مستقل عن أي تأثير حزبي أو تيار آخر». وتأتي دعوة المجلس الوطني للنقابة الديمقراطية للتخطيط، المحسوبة على تيار الفاتحي، رئيس الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين، إلى التشبث بالشرعية الديمقراطية أياما قلائل عن اجتماع تنسيقي ينتظر عقده يوم الأحد القادم للكتاب العامين للاتحادات المحلية، للبحث عن مخرج للأزمة التي تعيشها النقابة منذ مؤتمرها الثالث، الذي انعقد أيام 25 و26 27 نونبر الماضي. مصادر قيادية في الفيدرالية أبدت استغرابها من الدعوة الصادرة عن المجلس الوطني للنقابة الديمقراطية للتخطيط في هذه المرحلة من الصراع الدائر حول الكتابة العامة، وقالت: «ما يثير الاستغراب هو أن أصحاب هذه الدعوة لم يبدوا تشبثهم وحرصهم على اعتماد الآلية الديمقراطية في المراحل السابقة للتحضير للمؤتمر الثالث، والتي استندت إلى آلية التوافق، وشهدت عملية انفتاح على الحساسيات السياسية والمرأة والأقاليم الجنوبية، والمؤطرين في الأقاليم». واعتبرت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن الآلية الديمقراطية لا يتعين التعامل معها بانتقائية وبشكل تجزيئي، وأن الاحتكام إلى صناديق الاقتراع يتعين أن يتم في جميع مراحل المؤتمر لا أن يقتصر على انتخاب الكاتب العام وأعضاء المكتب المركزي، مشيرة في حديثها إلى «المساء» إلى أن العديد من المناضلين في المجلس الوطني الفيدرالي وقطاعات وطنية واتحادات محلية، يدعون في حال عدم التوصل إلى التوافق إلى عقد مؤتمر استثنائي يخصص لتعديل القانون الأساسي للفيدرالية، وانتخاب الكاتب العام والمكتب المركزي مباشرة من المؤتمر وبالاقتراع السري، كحل لإخراج المركزية من عنق الزجاجة وتفادي خطر الانشقاق. وفيما تتحدث المصادر عن مؤشرات للتحول في موقف إدريس لشكر، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، المتهم بالوقوف وراء الأزمة التي تعرفها الفيدرالية، من خلال تفضيله آلية التوافق، تتداول داخل النقابة الوطنية للتعليم التابعة للفيدرالية أخبار عن تفضيل الكثير من أعضائها أن يتقدم كاتبها العام عبد العزيز إيوي بترشيح نفسه للكتابة العامة بدل الفاتحي، بالنظر إلى وزن نقابته مقارنة بباقي القطاعات النقابية. إلى ذلك، علمت «المساء» أن كلا من الحبيب المالكي، عضو المكتب السياسي، وفتح الله ولعلو، نائب الكاتب الأول لحزب المهدي بنبركة، والطيب منشد، مؤسس الفيدرالية، وعدد من المسؤولين النقابيين القدامى، باشروا خلال الأيام الماضية مساعي حميدة لإيجاد أرضية متوافق عليها بين التيارين المتصارعين على منصب الكاتب العام للنقابة. ووفقا لمصدر قيادي في الفيدرالية، فإن تلك المساعي لم تسفر إلى حد الآن عن أي اختراق في جدار الأزمة التي تعرفها النقابة، وهو نفس المآل الذي لقيته مساعي أحزاب أخرى من قبيل الحزب الاشتراكي الموحد، الذي أكدت قيادته على «ضرورة الحفاظ على الوحدة والتوافق لخدمة الطبقة العاملة». جدير ذكره أن الأزمة الخانقة التي تعيشها الفيدرالية، التي وصلت حدتها إلى درجة التشابك بالأيدي وتبادل القذف بالكراسي، انفجرت بعد فشل المجلس الوطني مرات متتالية الشهر الماضي في التوافق حول الكاتب العام الوطني. وبالرغم من التطمينات التي يحاول قياديون هنا وهناك بعثها إلى أعضاء ال«فدش»، فإن استمرار الأزمة وعدم انتخاب كاتب عام حتى الوقت الحاضر يجعلانهم أكثر تخوفا على وحدة النقابة أكثر من أي وقت سابق، علما أن جراح الانشقاق التاريخي عام 2001 وانشطار المنظمة عن «ك د ش» ما يزال عالقا بأذهانهم.