هدد أزيد من 200 عامل يشتغلون في نقل بضائع المسافرين في ميناء طنجة المدينة بالانتحار، بعدما تماطلت السلطات المحلية في حل مشكلتهم التي دامت لما يقارب سنتين. ورفع المحتجون، خلال ندوة عقدوها مؤخرا في طنجة، أكفانا وحبالا قالوا إنها أصبحت حلهم الأخير، بعد «الوعود الكاذبة للسلطات المحلية، التي كانت في كل مرة تعد بحل مشكلة العمال لكنها تتماطل»، وفق تعبير المحتجين، وهو ما تسبب في استياء كبير لهؤلاء العمال، الذين هدد بعضهم بحرق أنفسهم، لأنهم كما يقولون لم يعودوا يوفرون حتى مصروفهم اليومي. وكان اثنان من العمال قد أقدما على محاولتي انتحار في السابق، غادر أحدهما الحياة فعلا، بينما تناول الثاني حبوبا قوية جعلته في حالة حرجة، في الوقت الذي أصيب ثالث باضطرابات نفسية وعقلية. ووجه العمال الغاضبون انتقادات لاذعة لوالي طنجة، محمد حصاد، الذي اتهموه بعدم تنفيذ أوامر ملكية، على إثر رفعهم رسالة إلى الملك محمد السادس، الذي أمر بإرجاعهم إلى عملهم، لكن السلطات تماطلت في ذلك. وردد المحتجون شعارات تندد بتعامل السلطات معهم و«كأنهم متسولون»، على حد تعبيرهم، وطالبوا بعودتهم فورا إلى العمل في ميناء طنجة المتوسط. وقرر العمال تنظيم وقفات احتجاجية متواصلة في ميناء طنجة المتوسط، كما هددوا بتنظيم أشكال احتجاجية أخرى، في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم. وقضى أغلب هؤلاء العمال سنوات طويلة في العمل في ميناء طنجة المدينة، غير أنه تم الاستغناء عنهم بشكل مفاجئ عندما بدأ تحويل أغلب أنشطة هذا الميناء نحو ميناء طنجة المتوسط. وكانت قضية عمال نقل البضائع والكتاب العموميين في ميناء طنجة تتجه إلى ما يشبه الانفراج، بعدما قبلوا بمناقشة البدائل التي اقترحتها عليهم السلطات المحلية لحل لمشكلتهم، غير أن هذا الانفراج سرعان منا تلبد بأجواء التشاؤم، بسبب ما أسماه العمال تماطل السلطات في تنفيذ وعودها. وكانت السلطات المحلية قد اقترحت على هؤلاء العمال مجموعة من المقترحات التي قالوا إنهم يقبلونها شكلا ويرفضونها مضمونا، من بينها إيجاد مهن بديلة، كالاشتغال في شركات أمن خاص أو منحهم رخص نقل «لاكريمات»، غير أن هذه الحلول، حسب العمال، سرعان ما أثبت فشلها، خصوصا أن خطوط النقل التي منحت لبعضهم من أجل الاستفادة منها لا تعمل وكاسدة، وسبق لمعطلين أن أعادوها إلى السلطات، لعدم جدواها. كما اقترحت السلطات على العمال تعويضا ماديا قدره 60 ألف درهم، وهو الاقتراح الذي حظي بقبول بعض العمال ورفضه آخرون. غير أن العمال اتفقوا، خلال اللقاء الذي نظموه أول أمس في مقر غرفة الصناعة والتجارة والخدمات، على رفض المبالغ المالية المعروضة وقالوا إن أي حل غير عودتهم إلى ميناء طنجة المتوسط لن يقبلوا به. من جهة أخرى، وصف عمال الميناء، في بيان لهم توصلت «المساء» بنسخة منه، اليوم الذي أعلن فيه عن تحويل أنشطة ميناء طنجة إلى الميناء المتوسطي ب«اليوم الأسود»، وقال عمال نقل البضائع إنه على إثر تنقيل 80 في المائة من الملاحية البحرية إلى الميناء المتوسطي، أصبح معظمهم لا يستطيعون تحصيل قوتهم اليومي. وحمَّل العمال، في نفس البيان، مسؤولية تشردهم لجميع مسؤولي ميناء طنجة ولكل من ساهم في إقصائهم وعدم ترحيلهم إلى ميناء طنجة المتوسط. يذكر أن والي جهة طنجة كان قد أكد، في وقت سابق، أن عمال ميناء طنجة المدينة ليس لهم مكان داخل الميناء المتوسطي، مشيرا في نفس الوقت إلى أنه يبحث عنه حلول من شأنها أن ترضي العمال المتضررين.