انتهى نزاع بسيط بين أخوين بجريمة قتل، كان المشهد أليما، اهتزت له مشاعر عائلة بأكملها، كان الوالد يكفكف دموعه وهو يشاهد ابنيه ينزفان دما، ولم يتوقع أن ينتهي الأمر بموت الشقيق الأكبر ودخول الأخ الأصغر إلى السجن وفي قلبه غصة وجرح كبير لم يندمل، واللحظة لم تكن سوى مناسبة للدموع.. جنازة وتحقيق أمني ونهاية حزينة جدا لملاسنات أخوية، وأمام هذا الوضع المأساوي قام الوالد بتقديم تنازل عن الدعوى المدنية. مباشرة بعد إخباره بنشوب صراع بين ابنيه الشابين، هرع الوالد إلى مسرح الحادث لمعاينة الوقائع ووضع حدّ لمثل هذه المشادات والتشابكات التي غالبا ما يشتعل فتيل نيرانها بين الأشقاء في عزّ المراهقة والشباب، لكنها لا تلبث أن تنطفئ بمجرد تدخل أحد الوالدين، أو أحد الأقارب من الأسرة أو العائلة لردع المعتدي وتهدئة المعتدى عليه. وصل الوالد إلى عين المكان، صباح يوم الأحد 6 فبراير الجاري، وكاد يغمى عليه من شدة هول المشهد ولم يصدق ما حدث، حيث كان ابناه الشقيقان ملقيين على الأرض والدماء تنزف من جسديهما، الابن الأكبر «عزيز» كان في غيبوبة غارقا في بركة دم بسبب نزيف في الصدر جهة القلب، والابن الأخر الذي يصغره بسنة واحدة «عمر» يئن من شدة الآلام بسبب جرح في الرأس نزف دماء غطت وجهه دون أن يفقد وعيه... إسعاف وإنقاذ ووفاة كان أول عمل قام به الأب، قبل البحث عن الأسباب التي أدت إلى وقوع المشهد المأساوي الذي كان أمامه، هو طلب النجدة والمناداة على سيارة الإسعاف التي قدمت بعد بضع دقائق لتنقل الشقيقين إلى مستعجلات مستشفى الفارابي بوجدة، حيث أدخل الابن الأكبر «عزيز» إلى قاعة العناية المركزة نتيجة حالته الحرجة جراء الطعنة في القلب، فيما أعطيت الإسعافات الأولية لشقيقه «عمر» الذي استرجع كامل وعيه بعد الضربة التي تلقاها على مستوى رأسه بواسطة قضيب حديدي وشرع يبحث عن شقيقه ويسأل عن سلامته... مباشرة بعد إخبارها بالحادث، التحقت عناصر مصلحة الشرطة القضائية التابعة لولاية أمن وجدة، بمسرح الحادث لمباشرة تحرياتها وفتح تحقيق في ظروفه وملابساته، والإحاطة بجميع الوقائع بهدف استجلاء الحقيقة، ثم انتقلت إلى مستشفى الفارابي حيث تم إخبارها بوفاة الشقيق الأكبر متأثرا بنزيف دموي بسبب جرح غائر نتيجة طعنة قاتلة تلقاها بواسطة مفك البراغي «تورنوفيس» في الجهة اليسرى من صدره اخترقت القلب ومزقت شرايينه. وبعد تلقيه الإسعافات الأولية، اقتادت عناصر الشرطة القضائية «عمر» إلى مصلحتها بولاية أمن وجدة من أجل استكمال البحث في النازلة التي تحولت من الضرب والجرح بين الشقيقين إلى جريمة قتل... كان جسد عمر يرتجف من شدة الآلام لبرودة ذلك اليوم من شهر فبراير، وقلّة النوم بعد أن ظل طيلة الليل يقظا بحكم عمله في الحراسة الليلية، ولم يستوعب بعد كيف تسارعت الأحداث والوقائع وكيف نشب الصراع مع أخيه، وكيف وجد نفسه داخل سيارة الشرطة محاطا بعناصر الأمن. كان فكره مشتتا ولم تكن له القدرة على التركيز ليتذكر ما وقع، وحاول استرجاع شريط ذلك الصباح المشؤوم والمؤلم... عناد شقيقين اعتاد «عمر» بعد الانتهاء من عمله كحارس ليلي لإحدى الشركات الخلود صباحا إلى النوم والراحة بمنزل خاله العامل بديار المهجر، حيث كان يقيم فيه لوحده ويعمل في الوقت ذاته على حراسته وحماية ممتلكاته بعدما ائتمنه خاله عليها. صباح يوم الأحد دقّ شقيقه عزيز الباب وكان مرفوقا بشقيقهم الأصغر، وكان عمر قد دخل في نومه عميق بعد ليلة بيضاء، ورفض أن يفتح الباب لشقيقه عزيز بحجة أن ليس لهما ما يفعلونه في المنزل إضافة إلى أنه في حاجة إلى النوم حتى يسترد قواه لاستئناف عمله الليلي، لكن بعد إلحاح شقيقه واستمراره في الطّرق، فتح الباب ومنعه من الدخول الأمر الذي أثار غضبه ودخلا في مشادة كلامية غادر على إثرها عمر المكان، ليعود بعد فترة على أساس أن يبحث عن حذاء رياضي. دخل الشقيقان، مرة ثانية، في مشادة كلامية تحولت إلى صراع تسلح فيه عزيز بقضيب حديدي ووجه لشقيقه ضربة قوية في الرأس، دفعت هذا الأخير إلى ولوج المرأب للبحث عن أي أداة للدفاع بها عن نفسه وإرهاب شقيقه المعتدي، فلم يجد إلا مفك البراغي (تورنوفيس) وأخذ يلوح به، في لحظة فقد فيها التركيز بسبب قلة النوم وتعب الاشتغال بالليل، وأصاب شقيقه عمر في مقتل، ليسقط الأخوان على الأرض مضرجين في دمائهما، وتفقد الأسرة اثنين من أبنائها، وفاة الابن الأكبر ورحيله إلى مثواه الأخير وذهاب شقيقه إلى السجن حاملا معه عبئا ثقيلا قد لا يتخلص منه إلى أن يلحق به . جريمة قتل وصدمة أسرة حادث مأساوي ومؤلم شهده حي لازاري بمدينة وجدة، صباح يوم الأحد 6 فبراير2011، تمثل في جريمة قتل ذهب ضحيتها شاب في الخامسة والعشرين من عمره على يد شقيقه الشاب الأصغر منه بسنة واحدة، بعد أن وجه له طعنة قاتلة بواسطة مفك البراغي خلال مشاجرة مجانية بينهما غاب فيها العقل وحضرت الغريزة، وكانت صدمة للأسرة التي فجعت بفقدان ابنيها اللذين، يؤكد والدهما أنه أحسن تربيتهما ولم يكن في نية أحدهما قتل الآخر. وأحالت عناصر مصلحة الشرطة القضائية التابعة لولاية أمن وجدة، صباح يوم الأربعاء 9 فبراير الجاري، الجاني بعد استكمال البحث معه، على استئنافية وجدة، بتهمة الضرب والجرح العمدين المؤديين للوفاة دون نية إحداثها، فيما قام الأب بتقديم تنازل عن الدعوى المدنية.