سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصادر استخباراتية غربية تتحدث عن تحويل مبارك لثروته الضخمة إلى حسابات خارج مصر المجلس العسكري بمصر يتعهد بنقل السلطة إلى حكومة مدنية بعد المرحلة الإنتقالية
يبدو أن أيام الفرح بانتصار الثورة المصرية وبالإطاحة بنظام الرئيس المصري، حسني مبارك، ما لبثت أن بدأت لتنتهي على عجل، خاصة بعد حالة الترقب والحذر التي سادت أوساط المتظاهرين إثر البيان الرابع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية والذي احتفظ بحكومة شفيق، التي عينها مبارك، ولم يصرح حتى الآن بمصير هذا الأخير. وكان الآلاف انضموا إلى المعتصمين في ميدان التحرير، يوم أمس الأحد، بعد محاولة الجيش إخلاء الساحة من المتظاهرين وتفكيك الخيم التي نصبها المعتصمون خلال الأسابيع الماضية في الميدان. وحدث تدافع بين المعتصمين وعناصر الشرطة العسكرية التي تسعى إلى إعادة السير إلى الميدان وإزالة ما تبقى من خيم. وشكل الجنود طوابيرَ وطوقوا المحتجين في الوقت الذي بدأت فيه حركة السيارات تعود إلى الميدان لأول مرة منذ أكثر من أسبوعين. وهتف المحتجون، الذين تعهدوا بالبقاء في الميدان إلى حين ضمان تنفيذ المجلس الأعلى للقوات المسلحة طلباتهم، «سلمية سلمية» أثناء تحرك الجنود الذين قاومهم البعض. وأخبر قائد الشرطة العسكرية محمد ابراهيم مصطفى المحتجين والصحفيين بأنه لم يعد مرغوبا في وجود المحتجين في الميدان بعد الآن. وهتف بعض المتظاهرين المحتجين على الخطوة «سلميَّة، سلميَّة»، بينما أصرَّ الجيش على إعادة حركة المواصلات في الميدان إلى ما كانت عليه قبل بدء الاحتجاجات ضد نظام مبارك في الخامس والعشرين من الشهر المنصرم. البيان رقم 4 وجاء هذا التطور، بعد يوم واحد على إصدار المجلس العسكري الأعلى المكلَّف بإدارة شؤون البلاد بيانه رقم 4، والذي تعهد فيه بالإشراف على مرحلة انتقالية تضمن انتقال السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة من قبل الشعب. وأكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، في بيانه الرابع، التزامه بكافة ما ورد في البيانات السابقة. وطلب المجلس من الحكومة الحالية تسيير الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وقد تعهَّد البيان أيضا باحترام كافة الاتفاقيات الدولية الموقعة من قبل الحكومات السابقة، قائلا: «إن مصر ستبقى ملتزمة بكل المعاهدات الإقليمية والدولية»، وذلك في إشارة إلى الالتزام باتفاقية «كامب ديفيد» للسلام مع إسرائيل. وجاء في البيان، الذي تلاه المتحدث باسم المجلس، أن «الحكومة الحالية ستبقى في مكانها مؤقتا لتصريف الأعمال حتى يتم تشكيل حكومة جديدة». ولفت البيان إلى أن المجلس «يتطلع إلى الانتقال السلمي للسلطة، والذي يسمح بتولي سلطة مدنية منتخبة لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة». واعتبر المراقبون البيان الأخير للمجلس بمثابة رسالة تطمين للمصريين وللخارج بأن الجيش لا يعتزم الاستمرار في الإمساك بالحكم، بل ينوي نقل السلطات إلى حكومة مدنية ديمقراطية منتخبة. وكان هذا هو المطلب الأساسي للثورة التي أسقطت نظام مبارك بعد 18 يوما من الاحتجاجات التي بدأت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي. ترحيب أمريكي وقد رحَّب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإعلان المجلس العسكري المصري الالتزام بالخيار الديمقراطي في البلاد وباحترام المعاهدات الدولية التي أبرمتها الحكومات السابقة. وقال أوباما إنه أجرى اتصالات بزعماء كل من بريطانيا والأردن وتركيا، وبحث معهم آخر التطورات على الساحة المصرية. وذكر الرئيس الأمريكي أنه عبَّر للزعماء الذين تحدث إليهم عن ثقته في أن تعزيز الديمقراطية في مصر يجلب الاستقرار إلى المنطقة بدل أن يقوِّضه. وأضاف قائلا: «إن الولاياتالمتحدة ملتزمة بتقديم الدعم الضروري الذي يطلبه الشعب المصري من أجل التحول إلى الديمقراطية». «مجلس أمناء» في غضون ذلك، قرر قادة الاحتجاجات، التي أدت إلى تنحي مبارك عن السلطة يوم الجمعة الأخير، تشكيل مجلس أمناء تُناط به مهمة «الدفاع عن الثورة والتفاوض مع المجلس العسكري الأعلى الحاكم». وصرح خالد عبد القادر عودة، أحد النشطاء، بأن «الهدف من تشكيل مجلس الأمناء هو إجراء حوار مع المجلس العسكري ودفع الثورة إلى الأمام خلال المرحلة الانتقالية». وأضاف عودة قائلا: «ستكون للمجلس سلطة الدعوة إلى خروج التظاهرات أو إلغائها طبقا لما يقتضيه الوضع». وقال عودة: «سوف يدعو المجلس إلى تظاهرات كبرى للاحتفال بنجاح الثورة يوم الجمعة المقبل». وكشف عودة أن المجلس يضم عشرين عضوا، بمن فيهم قادة الاحتجاجات وشخصيات مرموقة وزعماء من كافة الأطياف السياسية في البلاد. وفي بيان صدر باسم جماهير ثورة ال25 من يناير في مصر، أكد النشطاء استمرار الثورة حتى تتم الاستجابة لكل قرارات الثورة، وفي مقدمتها: - الإلغاء الفوري لحالة الطوارئ. - الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين. - إلغاء الدستور الحالي وتعديلاته. - حل مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية. - إنشاء مجلس حكم رئاسي انتقالي يضم خمسة أعضاء شخصية عسكرية وأربعة رموز مدنية، على ألا يحق لأي عضو منهم الترشح لأول انتخابات رئاسية قادمة. - تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تهيئ لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، وفي مدة لا تزيد على تسعة أشهر، ولا يجوز لأعضائها الترشح لأول انتخابات رئاسية أو برلمانية. - تشكيل جمعية تأسيسية لسن دستور ديمقراطي جديد. - إطلاق حرية تكوين أحزاب على أسس مدنية وديمقراطية وسلمية. - إطلاق حرية الإعلام وتداول المعلومات. - إطلاق حرية التنظيم النقابي وتكوين منظمات المجتمع المدني. - إلغاء كافة المحاكم العسكرية والاستثنائية، وكل الأحكام التي صدرت في حق مدنيين من خلال هذه المحاكم. منع من السفر من جهة أخرى، قرر النائب العام المصري، عبد المجيد محمود، أول أمس السبت، منع شخصيات بارزة من نظام مبارك من مغادرة البلاد. ومن أبرز تلك الشخصيات أحمد نظيف، رئيس الوزراء السابق، وأنس الفقي، وزير الإعلام. وأفادت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» بأن الفقي كان قد اتصل -عقب تنحي مبارك- برئيس الوزراء أحمد شفيق، وأبلغه بأنه يريد الاستقاله، فرد عليه رئيس الحكومة قائلا إنه سيضع هذا الأمر في الحسبان، ولكن عليه الانتظار إلى صباح الأحد (أمس). ونفى الفقي أن يكون موضوعا قيد الإقامة الجبرية، قائلا إنه موجود في منزله. وأضاف أنه حاول أول أمس السبت السفر إلى العاصمة البريطانية لندن للالتحاق بأسرته، لكنه فوجئ بأنه ممنوع من السفر. وأكد بيان صادر عن النائب العام أن القرار اتخذ في حق رموز النظام السابق في ضوء البلاغات المقدَّمة في حقهم وفي حق بعض المسؤولين الحاليين والسابقين. كما قرر النائب العام أيضا التحفظ على أموال حبيب العادلى، وزير الداخلية السابق، وأفراد أسرته ومنع التصرف فيها، وذلك بسبب ما ورد من بلاغات عن تحويل ما يزيد على أربعة ملايين جنيه مصري إلى حسابه الشخصي من إحدى شركات المقاولات. وأضاف البيان أن هنالك جهودا جارية لتحديد جلسة أمام محكمة جنايات العاصمة القاهرة للنظر في تأييد قرار التحفظ على أموال العادلي. يُذكر أن النائب العام كان قد أصدر في الثالث من الشهر الجاري قرارا يقضي بمنع سفر كل من العادلي وأحمد عز، رجل الأعمال الملقب ب«إمبراطور الحديد» والمسؤول البارز السابق في الحزب الحاكم، والذي كان يُعتبر الرجل الثالث في نظام مبارك. كما صدرت قرارات مماثلة ضد وزير الإسكان، محمد المغربي، والسياحة، زهير جرانة، والتجارة، رشيد محمد رشيد. ونقلت مصادر إعلامية عن سلطات مطار القاهرة تأكيدها أنها تلقت أول أمس السبت تعليمات رسمية بمنع سفر القيادات والمسؤولين السابقين إلى خارج البلاد، إلا بموافقات من السلطات المختصة. الإخوان المسلمون من جهتها، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين أنها لا تسعى إلى السلطة، وأشادت بجهود المجلس العسكري الحاكم لانتقال السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة. وقالت الجماعة في بيان لها أول أمس السبت: «نحن لا نسعى إلى مكاسب شخصية، ولهذا لن ننافس على منصب الرئاسة أو للحصول على أغلبية داخل البرلمان، بل سنقوم بخدمة الجماهير». وأضاف البيان قائلا: «نحن نساند ونقدِّر جهود المجلس العسكري الأعلى في سعيه إلى إجراء انتقال سلمي للسلطة وتشكيل حكومة مدنية توافقا مع رغبة الجماهير». مبارك استغل أيامه الأخيرة لتأمين ثروته على صعيد آخر، قالت مصادر استخبارية غربية إن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك استغل أيام الاحتجاجات الثمانية عشر التي أسقطته لتحويل ثروته الضخمة إلى حسابات خارجية يستحيل تتبعها. وقالت «ديلي تلغراف» إن مبارك متهم بجمع ثروة تقدر بنحو 5 مليارات دولار -رغم أن البعض يرى أنها يمكن أن تبلغ أكثر من 65 مليار دولار- خلال فترة حكمه التي دامت ثلاثين سنة. وهناك من زعم بأن ثروته موزعة في بنوك أجنبية واستثمارات وسبائك ذهب وممتلكات في لندن ونيويورك وباريس وبيفرلي هيلز. وعندما علم بقرب سقوطه، حاول وضع ثروته بعيدا عن التحقيقات المحتملة. وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات السويسرية أعلنت يوم الجمعة الماضية أنها جمدت أي أصول يحتمل أن يكون مبارك وأفراد أسرته قد وضعوها في بنوكها، وأن الضغط يزداد على بريطانيا لتحذو نفس الحذو. ويذكر أن مبارك كانت له اتصالات قوية بلندن، ويُعتقد أن هناك ملايين الدولارات مخبأة في بريطانيا. وقال مصدر استخباري غربي كبير: «نحن على علم ببعض المحادثات العاجلة داخل محيط أسرة مبارك عن كيفية إنقاذ هذه الأصول. ونعتقد أن مستشاريهم الماليين نقلوا بعض المال إلى الخارج». ويشار إلى أنه خلال احتجاجات الأسبوع الماضي قدم نائب وزير الخارجية السابق إبراهيم يسري وعشرون محاميا التماسا إلى النائب العام لمحاكمة مبارك وأسرته لسرقة أموال الدولة.