على بعد 25 كيلومترا من مدينة الجديدة، على الطريق الساحلية المفضية إلى الوليدية وآسفي، تطالعك لوحة كبيرة تشير إلى «المحطة الحرارية للجرف الأصفر»، تنعطف يمينا، فتلوح لك محطة مطلة على البحر، على مساحة 60 هكتارا، وما إن تقترب حتى يبدأ رجال الأمن في الاستعداد لاستقبالك، يفحصون الوجوه جيدا ويفتشون السيارات، قبل أن يسمحوا لك بالولوج، بعد أن يتصلوا بالمكلفين بالأمن في الداخل، لكن الهاجس الأمني لا يخف ما إن تتجاوز الحاجز الأول، إذ لا بد أن تعبر الحاجز الكاشف للمواد الممنوعة الهاتف النقال وآلات التصوير.. فالتصوير ممنوع نظرا لحساسية الموقع. المحطة، التي تنتج الكهرباء وتبيعه للمكتب الوطني للكهرباء الذي يتولى النقل والتوزيع، توفر إنتاج كهرباء ب1356 ميغاواط /ساعة، وتتوفر على أربع وحدات تتولى إنتاج الكهرباء بالفحم. الوحدات الأولى والثانية تنتج كل واحدة منهما 330 ميغاواط، بينما تتيح الوحدتان الثالثة والرابعة 348 ميغاواط لكل واحدة منهما.. الوحدات تشتغل بالفحم، ويمكن للوحدتين الأولى والثانية أن تنتجا الكهرباء بالفيول، غير أن ارتفاع سعره دفع الشركة التي تقوم بتدبير المحطة إلى الاستعاضة عنه بالفحم.. المحطة، التي تنتج أكثر من 50 في المائة من الطاقة في المغرب، تم تفويت تدبيرها لمدة 30 سنة، مقابل 263 مليون دولار، إلى شركة الجرف الأصفر للطاقة «جيليك» التي أسست في 1997، حيث تولت التدبير بعد طلب عروض دولي أطلقه المغرب. غير أن هذه الشركة، التي كانت تمتلكها «سي إم إس» الأمريكية و«أ بي بي»، آلت جميع أسهمها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى الشركة الوطنية للطاقة لأبي ظبي. ساهمت شركة الجرف الأصفر للطاقة في تلبية 44 في المائة من الطلب الصافي الوطني للطاقة من الكهرباء في السنة الماضية، ووفرت 50 في المائة من الإنتاج، غير أن الشركة تؤكد أن مستوى تشغيل المحطات وصل خلال العشر سنوات الأخيرة إلى 92 في المائة من طاقتها، وهو من أعلى المعدلات في العالم. في نفس الوقت، يشدد مسؤولو الشركة على أن معدلات التوقفات غير المبرمجة هي من أدنى المعدلات في العالم، حيث جرى خلال الثماني سنوات الأخيرة خفضها من 4.73 في المائة 2003 إلى 2.98 في المائة في 2007، و3.1 في المائة خلال السبعة أشهر الأولى من السنة الجارية. تستورد الشركة 3.6 ملايين طن من الفحم من السوق العالمي، حيث تستهلك المحطة 10000 طن في اليوم، فهي تعتبر أن الفحم هو مصدر الطاقة المهيمن في إنتاج الطاقة بالمغرب بنسبة 59 في المائة في 2007. ويؤكد مسؤولو الشركة أن التكنولوجيا المستعملة في الإنتاج «نظيف»، تساعد على تفادي التلوث عبر إعادة تدوير البقايا بما يتوافق والمعايير الدولية. في نفس الوقت، تعمل الشركة على مراجعة كل وحدة خلال ثماني سنوات من أجل تأمين الاستغلال في احترام للممارسات الصناعية السائدة في المجال. الشركة تتطلع إلى التوسع في مشاريع أخرى لإنتاج الكهرباء في المغرب، غير أنها تراهن أكثر على إضافة وحدتين جديدتين بالمحطة الحرارية للجرف الأصفر، مما سيرفع من القدرة الإنتاجية للشركة، غير أنها تتطلع إلى الوصول إلى اتفاق حول هذا الموضوع مع الحكومة المغربية، التي ترى هامش مخزونها من الكهرباء جد محدود، حسب ما عبرت عنه وزيرة الطاقة أمينة بنخضرا مؤخرا، على اعتبار أن الإنتاج الوطني من الكهرباء يصل إلى 5300 ميغاواط في السنة، بينما يصل الاستهلاك إلى 4800 ميغاواط، مما يقتضي تجاوز التأخر المسجل في الاستثمارات، بما يسمح بإضافة ما بين 700 و800 ميغاواط في السنة، حتى تتأتى الاستجابة للطلب الوطني الذي يتراوح ما بين 7 و9 في المائة.