يشكل ارتفاع الطلب على الكهرباء تحديا كبيرا للمغرب في السنوات المقبلة. وقد ارتفع الطلب على الطاقة عموما خلال السنوات الخمس الأخير بما يناهز 8 في المائة، مما أدى إلى اختلال كبير نظرا لكون الإنتاج لم يتطور إلا بنسبة 5 في المائة. وأمام الصعوبات التي يواجهها إنتاج الكهرباء بسبب ما عرفته أسعار البترول في العالم من ارتفاعات متواصلة بلغت أرقاما قياسية بات الاتجاه نحو مصادر طاقية أخرى ضرورة ملحة. ويبرز الفحم الحجرى كواحد من البدائل الممكنة، خاصة أن الجزء الأكبر من الكهرباء التي يستهلكها المغاربة يساهم في إنتاجها الفحم الحجري. وتشير الإحصائيات المتعلقة بسنة 2007 إلى أن إنتاج الكهرباء انطلاقا من هذه المادة قد أمن نحو 53 في المائة من الاستهلاك، بينما لم توفر الطاقات البديلة سوى 7 في المائة، والفيول والغاز الطبيعي 12 في المائة لكل منهما. وهو ما يعنى أيضا أن المغرب ولأجل تغطية جميع حاجيات الاستهلاك استورد 16 في المائة من مجموع استهلاكه خلال هذه السنة. وحسب توقعات وزارة الطاقة والمعادن فإن استهلاك الكهرباء في المغرب، بفعل النمو الاقتصادي والديموقرافي، مرشح ليرتفع بشدة خلال السنوات القادمة، وتشير هذه التوقعات إلى أنه سيتضاعف 4 مرات في أفق سنة 2030 مقابل 3 أضعاف ونصف للإنتاج. أي أن العجز سيستمر أيضا، وأن الحاجة إلى الاستيراد ستظل قائمة. أمام هذه الوضعية يبدو الفحم الحجري اختيارا مربحا، خاصة أن الاحتياطي العالمي منه قادر على تغطية ما يقارب 200 سنة، وهو اختيار اقتصادي بالرغم من أنه المسؤول عن إنتاج كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكاربون الملوث. ويتوفر المغرب في هذا الإطار على واحدة من أكبر المحطات الحرارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتمثل ما يقارب 25 في المائة من قدرة الانتاج بالمغرب. وتشير الأرقام المتعلقة بالسنة الماضية إلى أن محطة الجرف الأصفر بنواحي آسفي ساهمت بنسبة 50 في المائة من مجموع الإنتاج الوطني من الكهرباء وأمنت 44 في المائة من حجم الاستهلاك. ويصل حجم الواردات السنوية من الفحم الحجري التي يتم تفريغها بالمحطة ما يناهز 3.6 مليون طن سنويا، وتستهلك 10 آلاف طن يوميا. وتسعى شركة الجرف الأصفر للطاقة، وهي فرع شركة أبوظبي للطاقة، لإنتاج طاقة كهربائية فعالة ومحترمة للمعايير البيئية، كما تسعى حسب تصريحات لمسؤول في الشركة أوردتها الزميلة لوبنيون، إلى تحويل المحطة إلى واحدم من أفضل المحطات الحرارية في العالم، خاصة أنها يضيف هذا المسؤول تتوفر على تجهيزات متطورة جدا ومعقدة أيضا. ويرى أنه بالرغم من ذلك فإن معدل التوقفات الاضطرارية في هذه الإجهزة قد تقلصت خلال السنوات الثمانية الأخيرة، حيث بلغ هذا المعدل سنة 2007 نسبة 2.98 في المائة مقابل 4.73 في المائة سنة 2003، وأضاف أن هذه النتائج تمت بفضل برنامج للصيانة الوقائية يسهر على كل دورة منها نحو 750 متعاقد يشتغلون بشكل يومي بمعدل 24 ساعة، إضافة إلى 300 مستخدم قارين. ومن بين الجوانب الأخرى ذات الأهمية بالنسبة لهذه المحطة، وتتعلق بالبيئة، هناك معالجة الرماد الطائر المنبعث نتيجة احتراق الفحم وتوجيهه ليتم استخدامه في صناعة الإسمنت، إضافة إلى معالجة مياه التبريد المستعملة قبل صرفها في البحر. وأمام الإمكانيات التي توفرها هذه المحطة ومحطات أخرى كتلك التي سيتم إنشاؤها بنواحي إقليم جرادة ضرورة أسياسية لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، والنفط بشكل خاص، وكانت أمينة بنخضراء وزيرة الطاقة والمعادن قد أفادت أن المغرب قرر استثمار 73 مليار درهم في قطاع الطاقة لتنويع مصادر إنتاج الطاقة ومواجهة ارتفاع الأسعار في السوق الدولية.