جمهورية غانا الدولة 46... والبقية تأتي بعد حين    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم..    هل يمكن مع البام أن نمضي إلى الأمام؟    "التقدم والاشتراكية" يدعو إلى نقاش عمومي حول مدونة الأسرة بعيدا عن التضليل والتحوير    تأجيل محاكمة طلبة الطب بالرباط إلى 22 يناير    السكوري: الحكومة مستعدة للقيام بتعديلات جوهرية في قانون الإضراب    شركة "ريان إير" تطلق خطا جويا جديدا يربط بين مدريد والداخلة    أسعار النفط تواصل خسائرها وسط ارتفاع مخزونات الوقود الأمريكية    إنتاج الحوامض بحوض ملوية يتجاوز 192 ألف طن في 2024-2025    طوفان الأقصى: أوهام الصهيونية    "كارفور" تُغلق أبوابها في عُمان نتيجة حملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل    لامين يامال يفضل نيمار على ميسي    الكوكب يتجاوز رجاء بني ملال وينتزع الصدارة والمولودية ينتفض برباعية في شباك خنيفرة    إصابة جديدة تبعد الدولي المغربي أشرف داري عن الملاعب    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    533 عاماً على سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام فى الأندلس    وفد عن مجلس الشيوخ الفرنسي ينوه بالزخم التنموي بالداخلة لؤلؤة الصحراء المغربية    بعد إلغاء اجتماع لجنة العدل والتشريع لمجلس النواب الذي كان مخصصا لمناقشة إصلاح مدونة الأسرة    المغرب إلى نصف النهائي في"دوري الملوك"    تعيين مهدي بنعطية مديرًا رياضيًا لأولمبيك مارسيليا    الكأس الممتازة الاسبانية: برشلونة يتأهل للنهائي بعد فوزه على بلباو (2-0)    كأس الرابطة الانجليزية: توتنهام يفوز في ذهاب نصف النهاية على ليفربول (1-0)    مشروع قانون الإضراب.. السكوري: الحكومة مستعدة للقيام ب "تعديلات جوهرية" استجابة لمطالب الشغيلة    حصيلة حرائق لوس أنجليس ترتفع إلى خمسة قتلى    كيوسك الأربعاء | هيئات سيارات الأجرة تدعو لمناظرة وطنية للحسم في جدل تطبيقات النقل    المنصوري تشرف على توقيع اتفاقيات لتأهيل مدن عمالة المضيق الفنيدق    الذهب يتراجع بعد أن وصل لأعلى مستوياته في نحو أربعة أسابيع    الريف يتوشح بالأبيض.. تساقطات ثلجية مهمة تعلو مرتفعات الحسيمة    طنجة: ثلاث سنوات حبسا لطبيب وشريكه يتاجران في أدوية باهظة الثمن للمرضى    ترامب يقف أمام نعش الراحل كارتر    جيش إسرائيل يفتك بأسرة في غزة    الشرطة بطنجة تُطيح ب'الشرطي المزيف' المتورط في سلسلة سرقات واعتداءات    قريباً شرطة النظافة بشوارع العاصمة الإقتصادية    هجوم على قصر نجامينا يخلّف قتلى    لقاء يجمع مسؤولين لاتخاذ تدابير لمنع انتشار "بوحمرون" في مدارس الحسيمة    ناسا تعدل خططها لجلب عينات صخرية من المريخ    "الضحى" و"مجموعة CMGP" يهيمنان على تداولات البورصة    السجن المحلي لطنجة يتصدر وطنيا.. رصد 23 حالة إصابة بداء "بوحمرون"    "الباسبور" المغربي يمكن المغاربة من دخول 73 دولة بدون "فيزا"    ديديه ديشان يؤكد نهاية مشواره التدريبي مع المنتخب الفرنسي بعد مونديال 2026    الإعفاءات الجزئية لفائدة المقاولات المدينة: فتح استثنائي لقباضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يومي السبت والأحد    استعدادات لميلاد مؤسسة عبد الله اشبابو للفكر والثقافة بمدينة طنجة    "عجل السامري" الكندي: تأملات فلسفية في استقالة ترودو    ترامب ينشر خريطة جديدة للولايات المتحدة تضم كند    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    عامل إقليم السمارة يشيد بأهمية النسخة الثامنة لمهرجان الكوميديا الحسانية    مولاي إبراهيم الشريف: مهرجان مسرح الطفل بالسمارة يعزز بناء جيل مثقف    بنسعيد: الدعم الاستثنائي للصحافة بلغ 325 مليون درهم خلال سنة 2024    منظة الصحة العالمية توضح بشأن مخاطر انتشار الفيروسات التنفسية    نجم موسيقى الستينيات "بيتر يارو" يرحل عن 86 عاما    "الصدفة" تكشف عن صنف من الورق العتيق شديد الندرة    أوجار يدعو الوزراء إلى النزول للشارع ويتحدث عن نخبة اقتصادية "بورجوازية" ترتكب جريمة في حق الوطن    مواجهة تفشي بوحمرون يجمع مسؤولي الصحة والتعليم بالحسيمة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صواريخ إيران وإغلاق هرمز
نشر في المساء يوم 09 - 08 - 2008

توقع الكثير من المراقبين العرب أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد قد حمل إلى المسؤولين الإيرانيين أثناء زيارته لطهران مطلع هذا الأسبوع عرضا أوروبيا لحل أزمة البرنامج النووي المتفاقمة ووصول المفاوضات حولها إلى طريق مسدود. وربما لم يخطر في بال هؤلاء، أن الرئيس الأسد الحليف الأول لطهران في المنطقة العربية، قام بزيارته هذه من أجل تنسيق المواقف في حال نشوب حرب جديدة في المنطقة تشنها إسرائيل بضوء أخضر أمريكي، لتدمير المفاعلات وأجهزة التخصيب الإيرانية. مؤشرات «الحرب الثالثة» في الخليج بضفتيه، تتبلور بشكل متسارع، وتزداد سخونة، يوما بعد يوم، فمفاوضات الفرصة الأخيرة التي انعقدت في جنيف قبل أسبوعين بمشاركة وفد إيراني برئاسة سعيد جليلي، وآخر أوروبي بقيادة خافيير سولانا المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وبحضور وليم بارنز وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للمرة الأولى، هذه المفاوضات لم تحقق أي تقدم، وأجلت إيران تقديم ردها على رزمة الحوافز المغرية التي قدمها الغربيون لها مقابل وقفها عمليات التخصيب.
القيادة الإيرانية لم تخضع للتهديدات الغربية وتقدم ردها على الحوافز هذه في غضون أسبوعين، وهي مهلة انتهت، وقام أكثر من مسؤول أوروبي بالاتصال بقيادتها مستجديا هذا الرد، من بينهم سولانا نفسه، الذي ظفر بوعد بتقديم رد إيراني مكتوب اليوم، من المتوقع ألا يختلف كثيرا عن الردود السابقة أي المماطلة وكسب المزيد من الوقت.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو ليس ما إذا كانت هناك حرب ضد إيران أم لا، وإنما متى ستتوجه القاذفات الإسرائيلية أولا، والأمريكية لاحقا، لقصف المواقع النووية الإيرانية المستهدفة، ونوعية السلاح المستخدم وهل هو تقليدي أم نووي.
جون بولتون مندوب أمريكا السابق في الأمم المتحدة، وأحد أبرز صقور المحافظين الجدد، توقع هذه الحرب في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، أي بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية الرئاسية حتى لا تؤثر على مجرياتها لصالح هذا المرشح أو ذاك، ولكن هناك من يقول إن أوارها قد يشتعل قبل ذلك.
المسؤولون الإسرائيليون الذين يستعجلون هذه الضربة، مثلما استعجلوا الحرب على العراق، في حال حجيج متواصل إلى واشنطن هذه الأيام للتحضير للحرب، وإقناع المتشككين داخل الإدارة بضرورتها. ففي الأسابيع الأربعة الأخيرة زار واشنطن كل من إيهود باراك وزير الدفاع، وغابي أشكنازي رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وأخيرا شاؤول موفاز الجنرال السابق ووزير المواصلات الحالي، ورئيس لجنة التنسيق الإسرائيلية مع أمريكا بشأن الملف النووي الإيراني.
الجنرال موفاز أحد ابرز المرشحين لخلافة إيهود أولمرت في رئاسة حزب (كاديما) ورئاسة الوزارة بالتالي، كرر قبل يومين في واشنطن تهديداته بضربة إسرائيلية لإيران، وقال بالحرف الواحد «نحن الآن في سباق مع الزمن.. والزمن هو الكاسب الأكبر»، وأضاف: «لا بد من التحرك بسرعة لأن إسرائيل لا يمكن أن تقبل بإيران قوة نووية».
الصحف الإسرائيلية رأت في حضور مسؤول أمريكي لمفاوضات جنيف الأخيرة بين الأوروبيين والإيرانيين بأنه أراد أن يقول لحلفائه الغربيين إن واشنطن استنفدت كل احتمالات الحلول السلمية لهذا الملف الشائك، ولا لوم عليها إذا ما لجأت إلى الخيار العسكري كعلاج أخير.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن تستدعي السيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية وزراء خارجية دول الاعتدال إلى اجتماع في أبوظبي التي توقفت فيها في طريقها إلى آسيا، بعد يومين من اجتماع جنيف، لتضعهم في صورة الموقف، وحرصت أن يكون معها في الاجتماع نفسه المستر بارنز الذي حضر الاجتماع الأوروبي-الإيراني، ومسؤول أمريكي كبير لم يتم الكشف عن اسمه.
المسؤولون الإيرانيون بدؤوا يشعرون بسخونة الأجواء، وارتفاع أصوات قرع طبول الحرب إسرائيليا وأمريكيا، ولجؤوا إلى مواجهة التحدي بالإعلان عن تجريب صاروخ بحري مداه 300 كيلومتر، وتأكيد قدراتهم على إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي في فم الخليج في أي لحظة يتعرضون فيها إلى هجوم أمريكي أو إسرائيلي.
ما جعل الإيرانيين يرجحون احتمالات الحرب هو ما قاله أحد المستشارين المقربين من المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية باراك أوباما، نقلا عن لسان الأخير، بأنه بات مقتنعا وبعد زيارته الأخيرة للقدس المحتلة بأن إسرائيل ستقدم على ضربة عسكرية لإيران لتدمير برنامجها النووي إذا فشلت المفاوضات الحالية في حثها على وقف تخصيب اليورانيوم. وهي الأقوال التي لم ينفها أوباما مطلقا. فإسرائيل تدرك جيدا أن أوباما سيعارض مثل هذه الضربة الجوية، أو ربما لا يوافق عليها إذا ما أصبح رئيسا، وهي لا تستطيع أن تخالف رأي أعلى مسؤول أمريكي، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية، في موضوع استراتيجي على هذه الدرجة من الخطورة، ولذلك قد لا تنتظر الانتخابات، وإذا انتظرتها، فإنها قد تقدم على ضربتها هذه قبل أن يتولى أوباما رسميا مهامه كرئيس للولايات المتحدة في حال فوزه في الانتخابات مثلما تفيد استطلاعات الرأي حتى الآن.
فمن اللافت أن أولمرت قرر الاستقالة من منصبه والدعوة إلى انتخابات لقيادة حزبه كاديما في الشهر المقبل، وهو توقيت محسوب بعناية. وهذا يعني أن الرئيس الجديد لكاديما سيتمكن من تشكيل حكومة ائتلافية قبل نهاية أيلول (سبتمبر) إذا سارت الأمور على ما يرام. ولن يكون مفاجئا إذا كان هذا المنصب من حظ موفاز أكبر المحرضين على ضرب إيران، والجنرال صاحب الخبرة العسكرية الضخمة التي استمدها من موقعه السابق كرئيس لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي.
الرئيس جورج بوش الابن قاد أمريكا في فترتين رئاسيتين اتسمتا بالنكسات والكوارث، خاض فيهما حربين فاشلتين في العراق وأفغانستان، وأدخل اقتصاد بلاده في مرحلة كساد، وأثقل الميزانية العامة بعجز يصل إلى 450 مليار دولار بعد أن استلمها وهي في فائض مالي ملموس. ومن غير المستبعد أن يتجاوب الرئيس بوش مع التحريض الإسرائيلي مجددا، ويقدم على الخيار العسكري ضد إيران في محاولة يائسة لإنقاذ إرثه السياسي والعسكري الكارثي الحافل بالخيبات والهزائم.
إسرائيل هي التي تسيطر على صنّاع القرار في أمريكا، ونجحت من خلال جماعات ضغطها في خطف البيت الأبيض، وابتزاز الكونغرس، وتوظيف القوة العسكرية الأمريكية الهائلة في خدمة أهدافها وتدمير أعدائها. وتزلف المرشحين للرئاسة لها أثناء مؤتمر «إيباك» السنوي قبل شهر يكشف هذه الحقيقة بكل بشاعتها.
الرئيس بوش الحليف الأوثق لإسرائيل منذ قيامها يريد استسلاما إيرانيا كاملا عنوانه وقف تخصيب اليورانيوم والرضوخ كليا للشروط الأمريكية والأوروبية في التخلي نهائيا عن الطموحات النووية، ومن الواضح أن الإيرانيين يرفضون هذا الابتزاز الأمريكي-الإسرائيلي المشترك، فهم يقبلون كل شيء ما عدا وقف التخصيب، وإعلانهم عن امتلاك ستة آلاف وحدة لهذا الغرض هو تجسيد حي لموقفهم هذا.
الرد الإيراني المكتوب قد يكون الحد الفاصل بين السلام والحرب، وبدء العد التنازلي لأي منهما، وإن كنا نرجح أنه سيكون عدا تنازليا للضربة العسكرية الأمريكية-الإسرائيلية المنفردة أو المشتركة.
الخسائر ستكون ضخمة، بل أضخم من كل التصورات إذا اندلعت شرارة الحرب، فالقواعد الأمريكية في الخليج هي الهدف الأول، جنبا إلى جنب مع مضيق هرمز وآبار النفط، وهذا يعني تجاوز أسعار النفط 300 دولار للبرميل، ولذلك لم يكن غريبا أن يدرس الكويتيون، الأذكى خليجيا في المجال التجاري، بحث إمكانيات تخزين نفطهم خارج المنطقة، فهم يملكون قرون استشعار حساسة للحروب بحكم خبرتهم، ومشاركتهم في اثنتين منها على الأقل.
إسرائيل أيضا قد تكون من أبرز الخاسرين، فصواريخ إيران، إذا صدقت الأقوال، ستتوجه إليها وهي بعشرات الآلاف من كل الأوزان والأبعاد. ولا ننسى في هذه العجالة صواريخ حزب الله التي تزيد عن 40 ألف صاروخ.
«سن تزو» الخبير الاستراتيجي الصيني قال في كتابه الشهير «فن الحرب»، إن أول عنصر أساسي للنجاح ليس فقط أن تعرف عدوك، بل أن تعرف نفسك أيضا. والإدارة الأمريكية الحالية لا تعرف عدوها، ولا تعرف نفسها، وإلا لما وجدت نفسها في هذا الحال المزري. قبل سقوط الشاه بأربعة أشهر قالت وكالة المخابرات الأمريكية (سي. آي. إيه) إن إيران ليست في مرحلة الثورة (آب/أغسطس عام 1978) وإن شاه إيران سيستمر في الحكم لعشر سنوات مقبلة. بعد أربعة أشهر هرب الشاه من إيران، ولم يجد مأوى غير القاهرة لكي يموت ويدفن فيها بلفتة كرم من صديقه أنور السادات بعد أن لفظته واشنطن والعواصم الغربية.
المخابرات الأمريكية عندما أصدرت هذا التقرير كانت متغلغلة في إيران، وتملك حكومتها أكبر سفارة في العالم في عاصمتها طهران. فكيف ستتعامل الآن مع طهران وهي عدوة ولا توجد لها سفارة فيها؟ من حق دول الخليج أن تقلق مع هكذا حليف لا يعرف غير خوض الحروب الخاسرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.